أواسط سبعينات القرن الماضي كنا مجموعة من الطلبة العراقيين والسوريين والقبارصة الأتراك نسجل في جامعة استانبول متجمعين أمام غرفة المسجل العام القريبة من مدخل الجامعة التي كانت تشغل المبنى القديم لوزارة الدفاع العثمانية في منطقة بايزيد، وإذ بمظاهرة ضخمة جدا تتقدم نحو الفناء الكبير أمام مدخل الجامعة، وأمام هتافات وصراخات المتظاهرين وأعلامهم (الذئبوية) تركنا نظام السرا كما يسميه العراقيون أي صف الانتظار وخرجنا إلى باحة الجامعة لنرى سيولا بشرية هائجة تصرخ بصوت واحد هذا الشعار:
قان قان قان كركوك قبرص تركستان
لم نفهم أي شيء من الشعار إلا كلمة كركوك التي أثارت انتباهنا، وبدأت ابحث عن من يترجم لنا هذا الشعار الذي يلهب هذه السيول البشرية الهائجة، فإذ بطالب عراقي من أهالي طوزخورماتو كان معنا هو الآخر ويجيد التركية فانجدنا بترجمة الشعار وموقع كركوك من الإعراب، حيث قال إنهم أي هؤلاء الذين ينشدون هذا الشعار يعنون أنهم بالدم ( مكررة ثلاث مرات: قان قان قان ) سيحررون كركوك وقبرص وتركستان السوفياتية؟
وحينما سألنا من هؤلاء ومن يدفعهم أو يتبناهم قالوا انه حزب الحركة القومي التركي، وهو مصنف هناك من الديمقراطيين واليساريين الأتراك في خانة الأحزاب العنصرية جدا، ويطالب الحكومة بتكرار عملية تحريرها للجزء التركي من قبرص، في كركوك العراقية وتركستان في الاتحاد السوفياتي، وهو ينظم أسبوعيا مظاهرات صاخبة من هذا النوع في العاصمة أنقرة واستانبول.
واليوم وبعد ما يقرب من 37 عاما على تلك المظاهرات الصاخبة، يأتي زعيم ذلك الحزب طالبا تأشيرة دخول إلى العراق وحصريا إلى كركوك لكي يصلي صلاة العيد ( التحريري ) في كركوكنا الكوردستانية العراقية، كركوك قدس العراقيين جميعا ونبض قلوبهم كوردا وعربا وتركمانا وآشوريين، هكذا بكل سهولة ويسر يا جاري العزيز تحاول أن تحقق شعارك القديم متناسيا إن العراقيين وان اختلفوا فيما بينهم هنا وهناك لكنهم في آخر المطاف أو حينما تدلهم الأمور يقفون ذات الموقف الذي وقفوه أيام الاستفتاء على تبعية ولاية الموصل، فيمنح الكورد أصواتهم التي منحت الموصل هويتها العراقية قبل 87 سنة من الآن.
أهلا ومرحبا بك ضيفا عزيزا وجارا محترما بقدر ما تعز بلادنا وتحترمها، ودع عنك بقايا آثام الإمبراطوريات وما خلفته لنا ولكم اتفاقية سايكس بيكو ولوزان، لكي لا ننبش نحن ايضا مفردات اتفاقية سيفر؟
[email protected]
التعليقات