على مدى التاريخ عملت الدول العظمى إلى خلق عصابات quot; مافيا quot;، ومجموعات مسلحة أو متطرفة، أو جماعات دينية متنوعة مختلفة، أو قوى عسكرية، في مناطق معينة من العالم، تُتَهم بعدائها لهذه الدول، قديماً وحديثاً، كتنظيم quot; القاعدة quot; ومشتقاتها، بينما في الحقيقة تعمل على خدمة مصالحها بطريقة أو بأخرى، بدراية أو بدون دراية، تساعد وتوفر المد القاتل، والسيطرة اللامحدودة على كيان الشعوب، وثرواتهم، ومناطقهم الاستراتيجية، وما تدير من فائدة سياسية واقتصادية عليها...
أخيراً (( الربيع العربي ))، مع أني أشك أن يكون quot; ربيع العرب quot;، فهو أبعد من أن يكون كذلك، لا بل خريفاً قاسياً لم يشاهده العرب، في تاريخهم القديم والحديث، من عصور الجاهلية إلى ايامنا هذه...
ما هي لعبة الأمم، وإلى ماذا تسعى هذه القوى الدولية اليوم؟.. ولماذا الإسلاميين دون غيرهم، وما هي الخطة القادمة بعد دعم الجماعات الدينية ذو الخلفية الإسلامية في الدول العربية؟..
في الكثير من المشاهد في الدول الغربية، و الولايات المتحدة الأمريكية، يدّعون أبناء الجاليات المسلمة مدى العنصرية الذي يعاملون به على أساس أصولهم وجذورهم الإسلامية، وعن مدى كره الغرب للعرب، وسن قوانين تمنع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب في أماكن العمل، المدارس والجامعات، وفرض قانون آخر يمنع ارتداء النقاب( البرقع ) في الأماكن العامة، وغرامات في حال المخالفة، وإلى ما هنالك من قوانين تحجم حرية التعبير عن الرأي والدين، والتعدي على الحريات الشخصية، ونشر صور وافلام مصورة مسيئة لشخص الرسول محمد ( صلعم )... وquot; الإسلام فوبيا quot; الذي عملوا عليها متعمدين، لتشويه سمعة المسلم quot; بالآلة الإعلامية العملاقة quot;، من خلال إلصاق العمليات الإرهابية من قبل الإسلاميين المتطرفين في أوروبا وأمريكا ودول أخرى، (الإرهابيين الذين صُنعوا على أيديهم)، بالإسلام.. وهم بعيدين كل البعد عن الأخلاق الإسلامية... سؤال يطرح نفسه.. لماذا يمنعون كل هذا في بلادهم، ويدعمون جماعات ذو خلفية إسلامية للوصول إلى سلطة الحكم؟.. وما هو المراد من كل هذا؟..
إن ما يحاك من طرف الدول الغربية والولايات المتحدة، أبعد من تسليم السلطة للإسلاميين، عملية طويلة المدى، ابعد بعقود من ما نتخيله، أو ما تتخيله هذه الجماعات... في البداية، فهي لعبة سياسية بفكر غربي أمريكي، تعمل على التنظيف الذاتي لكل دولة بما يخدم مصالحها، تنظيف إسلامي إسلامي، ومن ثم تدمير البنى التحتية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الدينية، والمذهبية، كما ذكرتها في مقالات سابقة، وإضعاف الدول، إضعاف معنى الدولة في المجتمع، للخضوع للسيطرة الكاملة لهم، وإلهائهم بحروبهم ونزاعاتهم المذهبية والدينية، ومن طرف آخر، في بناء ما تدمر من الوطن بآليات غربية أمريكية، وإنهاك الاقتصاد المحلي لكل دولة، ونهب الثروات والطاقة، فهذا جزء بسيط لا يتجاوز الواحد بالمئة من ما قد رسم له لهذه المنطقة... والاخطر والذي لا نراه، أو نراه وهو ما لا نريد أن نراه، المخطط المخبأ على المدى الطويل، ألا وهو التحضير لحرب إلى ما بعد السيطرة الإسلامية، حرب جديدة تحت مسمى جديد، أو شعارات جديدة، تتماشى مع خارطة الطريق،quot;الأوروأمريكيةquot;...
وفقاً للحسابات والرؤية quot; الأوروأمريكية quot;، أن الجماعات الإسلامية، وبعد استلامها زمام الأمور، وبعد فرض سيطرتها على البلاد، سوف تصر على أن الشريعة الإسلامية، مبدأ رئيسي للتشريع وهي التي ستحكم البلاد، والانتقال من الدولة المدنية إلى دولة الخلافة، أو الإمارة، وستعمل هذه الجماعات على خلق قوة جديدة ما بين الدول الإسلامية جميعاً، وليس مستبعداً العمل على مشروع وحدة الدول أو الإمارات الإسلامية، أو خلافة إسلامية جديدة، مما سيعطيها نفوذ في المنطقة، وسيكون هذا سبباً من الأسباب التي ستجعل الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية، تطلق حملة جديدة ضد الإرهاب، وتضرب مرة أخرى بمطرقة الموت، وكما قلنا سابقاً تحت مسمى الحفاظ على الأمن القومي، وأن هناك قوى تهدد أمنها واستقرارها، وإلى ما هنالك من مصطلحات وشعارات التي لم نسمع بها حتى، وسيعطي الحافز لدق طبول الحرب ما بين الحلفاء الغربيين والإسلاميين...
هل الجماعات الإسلامية غافلة؟.. والمسلمون غافلون عما يجري؟.. وإن لم يكن المسلمون غافلون، لماذا هم صامتون...سيكون هذا من أخطر الاشياء على الإسلام، إن لم يواجهوا هذه الجماعات بما يفعلون ويتاجرون...
اليوم وكما نرى الدعم الكبير على جميع الاصعدة، من quot; الأوروأمريكان quot;، لهذه الجماعات التي وصلت للحكم من تونس مروراً بليبيا وصولاً إلى مصر، وحتى سوريا، وتصريحاتهم العلنية، عن تمسكهم بهذه الحكومات والأنظمة والجماعات، التي تحاربها في بلادها وبشكل علني وفاضح... ما الذي تغير؟.. مطالب الشعب!؟ الحرية والديمقراطية!؟ حقوق الإنسان!؟ وهل يجب على العرب الثقة بهذه الدول؟.. إلى أين هم ذاهبون؟
ألم يتعلم العرب والمسلمون، من التاريخ؟ لن اذهب بعيداَ، هناك التجربة الفيتنامية، والتجربة الأفغانية، والتجربة العراقية، وكلنا رأى ما حصل هناك...
هل اصبح الجلاد محامياً، يدافع عن حقوق الشعوب المقهورة؟... لم تكن أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، يوماً، صديقة للشعوب، هم يستعملون الشعوب لإنجاز مصالحهم... هناك دول تحتاج إلى إثارة وإشعال، وتحضير والتمهيد وخوض الحروب، في كل فترة زمنية معينة، فهذه الدول مبنية على هذه السياسات منذ الأزل، والتاريخ يشهد.. لبيع المزيد من الاسلحة، لضمان استمراريتهم، و. و. و. بالمتاجرة بدماء الأبرياء، والآليات والسيناريوهات كثيرة، ولكن الدافع واحد... واليوم، هناك من يضع يده بيدهم، ممن وصولوا للحكم، فيما كانوا ينتقدون سياساتهم في الماضي، وهم مسيرون تماماً، من قبل هذه القوى العظمى، ازدواجية فاضحة... لماذا؟.. ألم نسأل أنفسنا؟..
إن الساكت عن الحق شيطان اخرس...
بروكسل
[email protected]
التعليقات