لم اكن أتخيل أن يكون راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة التونسي، بهذا المستوى القمعي الاستبدادي المهدّد لحياة وحريات الآخرين، مستعملا الغطاء الديني الإسلامي وكأنه أحد أصحاب ومصدري الفتاوي، خاصة أنّ تهديداته هذه بأحكام دينية لا تنسجم مع حياة تونس الجديدة بعد كل التضحيات التي أطاحت بنظام الديكتاتور المستبد زين العابدين بن علي الذي كان لا يستعمل الدين الإسلامي دافعا وتبريرا لاستبداده ومصادرته لحريات الآخرين، وما يزيد الطين بللا وعفنا أنّ الشعب التونسي ينتظر كيف سيكون حكم الإسلاميين، وكذلك الشعب المصري، وهل سيكون ديمقراطيا يحافظ على الحريات أم سيكون نسخة من حكم بن علي ولكن بغطاء ديني يمنع الانتقادات والاحتجاجات كونه القائم على حماية الدين وتعاليمه بينما تطبيقاته بعيدة عن روح عدالة الدين ومساواته التي تخضع الجميع للمساءلة بما فيهم راشد الغنوشي نفسه وصهره وزير الخارجية التونسي quot;رفيق عبد السلامquot; الذي من الأساس كان على الغنوشي أن لا يوافق على اسناد أي منصب وزاري له مهما كانت كفاءاته كي لا يعطي مثالا على المحسوبية والشخصنة، كون هذا الوزير صهره أي زوج ابنته، وهذا ما لا يحصل في أية ديمقراطية أوربية عريقة تراعي الكفاءات الحقيقية بعيدا عن العلاقات العائلية.
ومن يستحق الجلد ألفة الرياحي أم صهر الغنوشي؟
ماذا فعلت المدونة التونسية quot;ألفة الرياحيquot; غير أنّها تمتعت بجرأة وشجاعة لا تتوفر عند الكثير من الرجال، فنشرت معلومات من وجهة نظرها موثقة ولديها الأدلة عليها. هذه المعلومات تقول:quot; إن الوزير رفيق عبد السلام قضى أياماً مع امرأة، قام بدفع مصاريف إقامتها في نزل فاخر، اعتاد ارتياده خلال عطلته وبتكلفة خياليةquot;. وهذه المعلومات تفيد:
1 . إنّ صهر الغنوشي زوج ابنته، وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، ارتكب الخيانة الزوجية لزوجته التي هي ابنة الغنوشي في فندق فخم بالعاصمة التونسية.
2 . إنّ وجوده ونومه في هذا الفندق الفخم على حساب وزارة الخارجية التونسية، هو سرقة علنية وإهدار للمال العام، خاصة أنّ منزل الصهر الوزير لا يبعد عن الفندق، فما الذي يضطره لترك منزله وزوجته وأطفاله والنوم في الفندق؟
الشيخ المفتي راشد الغنوشي في خطبة الجمعة
ردا على هذه المعلومات الجريئة التي نشرتها المدونة التونسية quot;ألفة الرياحيquot; ردّ عليها الشيخ المفتي راشد الغنوشي في خطبته بالمسجد يوم الجمعة مطالبا بتطبيق quot;حد الجلد على المتكلمين في أعراض الناس بلا دليل ولا برهانquot;. وإذا كان الشيخ المفتي الغنوشي حريص على أعراض الناس، والناس هنا هي ابنته، فلماذا لم يطلب التحقيق في القضية والطلب من quot;ألفة الرياحيquot; تقديم الأدلة على ما نشرته قبل تهديده بتطبيق حد الجلد؟. أليس من ثوابت الدين ( أنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته)؟ فكيف يسمح لنفسه وهم القيم والحارس على ثوابت الدين في تونس أن يصف ما قامت بنشره المدونة التونسية بأنّه يقع ضمن (أخلاق المنافقين)؟. وهنا يكون السؤال النابع من ثوابت الدين: إذا كان ما نشرته المدونة التونسية من (أخلاق المنافقين) فماذا نسمّي من يهدّدها بالجلد قبل التحقيق فيما تدّعيه؟. وماذا نسمّي التستر على نزول وزير في فندق فخم وبيته قريب من الفندق؟ وماذا نسمّي من يترك زوجته وأطفاله في البيت وحيدين لينام في الفندق لو لم يكن هناك داع شخصي لذلك؟. وماذا نسمّي تبذير أموال وزارة الثقافة التونسية من وزير يفضّل الفندق على بيته وعائلته؟
ويكاد المتهم أن يقول أمسكوني!!!
وحسب وقائع وتطورات هذه القضية فالوزير - صهر الغنوشي - فعلا يدين نفسه بنفسه، فبعد سكوته على هذه المعلومات وتفاعلها في المجتمع التونسي والمطالبة باستقالته أولا ثم الدفاع عن نفسه إن كان بريئا، تحدث الصهر الوزير بما يدينه ويثبت معلومات الشجاعة الجريئة ألفة الرياحي (كثّر الله من أمثالها) فقد اضطر الصهر بعد نفيه للمعلومات أن يعترف بأسلوب ملتو الكذب فيه واضح وضوح الشمس ويدينه فعلا،فقد اعترف ( أنّ المرأة هي قريبته وأنّ الظروف اقتضت وجوده في الفندق القريب جدا من مقر وزارة الخارجية... وأنّه لأسباب مهنية يضطر أحيانا للبقاء في المكتب إلى ساعة متأخرة ويفضّل قضاء الليلة في فندق قريب من الوزارة). هذه التبريرات تدينه وبشدة وصرامة ليت الغنوشي يفتي هل تستحق الجلد أم لا:
1 . هل يبيح الشرع والإسلام لرجل أن يتواجد مع إمرأة حتى لو كانت قريبته وحدهما في فندق؟. ولماذا جلب هذه القريبة للفندق وقد كان بإمكانه لقاءها أو زيارتها في منزلها وبحضور أهلها؟
2 . ظروف عمل الصهر الوزير كما يقول تضطره للبقاء في الوزارة لساعة متأخرة من الليل ثم يذهب للنوم في الفندق، فأية أخلاق إسلامية تسمح لقريبته أن تلحق به إلى الفندق وحدها في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟.
3 . لو لم يكن في الأمر شبهة خيانة زوجية، لماذا تبذير أموال الوزارة وما الفرق في المسافة بين الوزارة والفندق وبيته خاصة أنّه سيكون مع زوجته وأطفاله؟

إصرار ألفة الرياحي على التحدي وضرورة استقالة الصهر
وتصرّ ألفة الرياحي على التحدي بشجاعة نادرة مؤكدة أنّ معلوماتها دقيقة ولديها ما يثبت اتهاماتها للصهر الوزير، رغم أنّ السرد الذي ذكرته سابقا يدين الوزير بوضوح، لذلك فكي يثبت حزب النهضة أنّه يؤسس لديمقراطية وشفافية بعيدة عن المحسوبية والقرابة والمصاهرة، فالمطلوب هو:
1 . استقالة الصهر الوزير فورا، وهذا من أصول الديمقراطية الحقيقية، ويقوم به الكثير من الوزراء الأوربيين والأمريكيين عند تعرضهم لأية قضايا قانونية أو شبهات فساد.
2 . أن تظهر السيدة التي كانت معه لتقول للجمهور التونسي علانية لماذا كانت معه وحدها في الفندق؟ ثم التحقيق في مسألة هل تبيح التقاليد والعادات الإسلامية التونسية لهذه المرأة ان تكون وحدها مع رجل أيا كانت قرابته لها؟
وبعد ذلك فلنسمع من الشيخ المفتي راشد الغنتوشي من يستحق تطبيق حد الجلد: المدونة التونسية ألفة الرياحي أم صهره الوزير؟ وبدون ذلك سيفقد حزب النهضة نسبة عالية من مصداقيته ونزاهته في أوساط المجتمع التونسي؟ وأيضا ليت عائلة هذه المرأة، تسأل وتحقق كيف ولماذا تتواجد ابنتهم وحدها في فندق مع رجل؟ وايضا لا بدّ من اطلاق حملة تضامن تونسية عربية مع المدونة الشجاعة ألفة الرياحي.