رابعا: مشكلة تحقيق الإكتفاء من الغذاء:
كما هو معروف فإن أربعة من كل خمسة أرغفة يأكلها المصريون تأتي من الخارج سواء من المعونة الأمريكية أو الإستيراد من الخارج ومصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتحقيق الإكتفاء في الغذاء هو مطلب إستراتيجي بالطبع، ولكن يجب علاجه بطرق علمية وإقتصادية وليس برفع شعارات ولافتات، فعلي السبيل المثال مصر تقع خارج ما يسمي quot;حزام القمحquot; لذلك فإن التوسع في زراعة القمح مع ندرة المياه المتوقعة ليس هو الحل، ولكن الحل في
رأيي هو التوسع في زراعة الخضار والفاكهة بالطرق الحديثة وبشكل كبير وعلى نطاق واسع لكي تصبح مصر هي سلة الخضار والفاكهة لأوروبا ودول الخليج ومن حصيلة تصدير الخضار والفاكهة نستطيع شراء القمح والحبوب الأخرى مع الإحتفاظ في نفس الوقت بالحد الأدني من زراعات القمح على الأراضي المصرية. فهل quot;الإسلام هو الحلquot; لمشاكل الغذاء المصرية؟ لا أعتقد!
خامسا: مشكلة البطالة:
البطالة مشكلة عالمية وليست مشكلة محلية وهي من أهم المشاكل التي تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين. وبلغت نسبة البطالة في بعض بلدان أوروبا مثل أسبانيا واليونان والبرتغال وأيرلندا حدودا خطيرة على المجتمع فقد وصلت تلك النسبة إلي %25 كما أن نسبة البطالة في وسط الشباب تحت سن ال 25 سنة وصلت إلي حوالي %50، وأنا لا أعرف على وجه التحديد نسب البطالة في مصر ولكني أعتقد أنها وصلت إلي أرقام خطيرة أيضا وذلك في اعقاب تداعيات ثورة 25 يناير والفوضى التى حلت في كل المجالات مما أدى إلى أغلاق مئات المصانع والفنادق، والبطالة مشكلة لها أسباب عديدة أولها زيادة عدد السكان الغير منضبطة وثانيها نقص الإستثمارات وثالثها هروب السياح ورابعها نقص التنمية البشرية، واذا ذكرت لأحد المستثمرين تعالوا للإستثمار في مصر لأن quot;الإسلام هل الحلquot; فسيقول لك Sorry!!
سادسا: مشكلة التنمية البشرية:
التعليم هو أول خطوات التنمية البشرية ولا يخفى على أحد تدهور التعليم المصري وخاصة التعليم الحكومي ولقد بدأ هذا التدهور منذ البدء في مجانية التعليم في الستينييات بدون الإستعداد لها، وأنا مع مجانية التعليم حتى مرحلة الجامعة، ولكن يجب الإستعداد بالإمكانيات من حيث المدرسين ومرتباتهم والمباني وكفاءتها والوسائل التعليمية وتحديثها وأنا أرى أن ميزانية التعليم يجب أن تكون أكبر من ميزانية الجيش، لأن التعليم أهم كثيرا من الجيش وبدون أن يكون لدينا تعليم قوي فلا أمل أن يكون لدينا جيش قوي، والمهم ليس أعداد من يتخرجون من المدارس والجامعات ولكن المهم هو ماذا سيقدمون للمجتمع، والتنمية البشرية لا تكتفي بالتعليم الرسمي فقط ولكن الأهم هو التدريب المهني الحديث على كافة المستويات، فلو كان العامل المصري اليوم مدربا تدريبا مهنيا عاليا لكان عدد المصريين العاملين في الخليج اليوم أضعافا مضاعفة ولتم الإستغناء عن العمالة الأسيوية المكتسحة السوق هناك بكفاءتها العالية، والبعض اليوم ينادي بعودة الكتاتيب مرة أخرى والقيام بتحفيظ القرآن، وهذا شئ جميل ولكن هل هذا سيؤهل العامل المصري لكي ينافس في السوق الإقليمي ؟ أليست فضيحة أن هناك بعض الشركات المصرية تستعين حاليا بالعمالة الأسيوية في مصر لأنها أكثر كفاءة؟؟ فموضوع التنمية البشرية لا يحل بالشعارات ولا حتى شعار quot;الإسلام هو الحلquot; وخاصة أن ديننا يحث على quot;طلب العلم ولو في الصينquot; وللعلم فأن العلم في الصين في هذا الوقت وحتى الآن لم يكن علما إسلاميا ولكنه علما عالميا كونيا!!
hellip;.
وبغض النظر عن الدستور والإنتخابات وعن الإسلام هو الحل وعن الليبرالية والعلمانية فإن كل فرد في أي مجتمع في العالم يرغب في أن يحقق سعادته في الآخرة عن طريق عبادته لربه أما سعادته في الدنيا فيحققها عن طريق وظيفة كريمة ومسكن كريم وآمن لأسرته وغذاء لأسرته وسرير نظيف في مستشفى ومقعد غير مكسور في مدرسة لأبنه وأمكانية أن تتزوج إبنته عندما يجئ وقت زواجها (ليس سن التسع سنوات بالطبع وليس أيضا سن التسعة والثلاثين!!)، وأي سياسة في العالم يجب أن تضع في إعتبارها هذه الطلبات الأساسية للمواطن، وما الحرية والديموقراطية والدستور إلا وسيلة للوصول إلي ذلك، وأهم الطرق وأقصر الطرق هو التنمية، وبدون تنمية فسوف تتفاقم كل المشاكل والتنمية تتحقق عن طريقين لا ثالث لهما:
أولا: التنمية عن طريق الإستثمارات الحكومية في البنية الأساسية من طرق ومواني ومطارات ومحطات كهرباء ومن شبكات كهرباء ومياه وصرف صحي والمدارس والجامعات والمستشفيات والحدائق العامة، ولابد للحكومة التي لا توجد لديها فوائض مالية مثل مصر أن تقترض لبناء البنية الاساسية، على أمل أن تسدد القروض من ضرائب المستثمرين.
ثانيا: الإستثمارت عن طريق القطاع الخاص سواء قطاع خاص مصري أوعربي أو أجنبي، والمستثمر هدفه الأول هو الربح وتحقيق عائد على إستثماراته لذلك لا تسمع أن هناك مستثمرون يضعون أموالهم في أماكن غير آمنة ويكثر فيها النزاع مثل الصومال وأفغانستان وباكستان والسودان وكوريا الشمالية ومؤخرا اصبحت مصر طاردة للأستثمار بعد أن كانت جذابة للإستثمارات في السنوات العشر الأخيرة التي سبقت ثورة 25 يناير، وبدون إستثمار خاص فسوف تتفاقم المشاكل المذكورة عاليه مهما رفعنا من شعارات ومهما وافقنا على دساتير ومهما اسسنا من مجالس تشريعية.
quot;التنمية هي الحلquot; ليست شعارا ولكنها حقيقة يلزم ترجمتها إلي برامج قصيرة الأجل وبرامج طويلة الأجل قبل أن تدهمنا ثورة من نوع جديد تماما هي ثورة الجياع!!
وتابعونا على تويتر
@samybehiri
التعليقات