التصريحات الاخيرة للسفير الامريکي في صنعاء بخصوص إتهام النظام الايراني بالتدخل في الشؤون الداخلية لليمن من خلال زاويتي الحوثيين و الحراك الجنوبي، ليس فيها أي شئ جديد سوى أنها تصدر عن سفير يمثل الدولة الاقوى في العالم و المعنية أکثر من غيرها بتصرفات و أفعال هذا النظام، ذلك أن لتدخل هذا النظام في الشؤون الداخلية لمختلف دول المنطقةquot;والخليجية منها بشکل خاصquot;، أکثر من قصة و حديث ذو شجون.
النظام الديني الايراني الذي بني على أساس نظرية ولاية الفقيه و التي تنصب بموجبها مرشد النظام کنائب للأمام الثاني عشر للشيعة الاثناعشرية و بالتالي فهوquot;بموجب ذلك و کما يزعمونquot;، ولي أمر المسلمين، نظام يعطي نفسه على أساس هذا الفهم الخاص و الشاذ نوعا ما للدين بصورة عامة و للمذهب الجعفري بصورة خاصة، أکثر من مبرر و مسوغ للتدخل في مختلف الاصقاع ولاسيما الاسلامية منها، والانکى من ذلك أن تأسيس منظمات و أحزاب و تجمعات سياسية ذات طابع ديني او مذهبي، ليس بهدف التبشير للدين او الانتصار للمذهب وانما للدعوة للإلتفاف بعباءة الولي الفقيه و تبرير کل مايصدر عن هذا النظام وفق ذلك.

لبنان الذي صار بمثابة إحدىquot;ولاياتquot;دولة ولاية الفقيه و العراق الذي يسير به نوري المالکي حثيثا کي يحظى أيضا بشرف التبعية التامة لهذا النظام، رأينا و نرى تحرکات و إتجاهات متباينة في السعودية و البحرين و الکويت و مصر و السودان و تونس و المغرب بإتجاه رسم و تحديد سياق سياسي فکري ينتصر لنظام ولاية الفقيه و يمنحه القيمومة على تلك البلدان، ولئن کان حزب الله اللبناني بمثابة الحربة الرئيسية لهذا النظام، لکن انتکاسة النظام السوري و تزايد الاحتمالات بصدد قرب سقوطه، وکذلك الاوضاع الاقتصادية المزرية جدا للملالي، جعلت من هذا الحزب يتوقع على نفسه بعض الشئ و بالتالي يتراجع دوره الهجوميquot;الوقحquot;، الى دفاعquot;مشوب بالتوجس و القلقquot;، لکن و في مواجهة ذلك تتجه الانظام لرئيس الوزراء العراقي کي يصبحquot;حسن نصراللهquot;العراق و يعمل من أجل نظام ولاية الفقيه بجهد و مال عراقي يحرکه توجيه و إشراف خاص للولي الفقيه ذاته، وعلى الرغم من کل الصعوبات و العراقيل التي تواجه المالکي لکن الذي يبدو واضحا أنه جاد کل الجدية في إنجاز هذا الامر و جعل العراق رأس الحربة الامامية لدولة ولاية الفقيه.

السفير الامريکي في صنعاء الذي يتباکى بشأن تدخلات النظام الايراني في اليمن، ينسى او بالاحرى يتناسى أن الولايات المتحدة الامريکية هي التي منحته المزيد و المزيد من الزخم و القوة من خلال سياساتها الفاشلة بشأن الملف الايراني و التي و بدلا من أن تقوم بإحتواء النظام الايراني فإن الاخير قد إحتوى السياسة الامريکية في المنطقة و جعلها تلهث خلفه و ليس تسير أمامه!

إسقاط نظام صدام حسين بقدر ماکان مهما للامريکيين فإنه کان أهم بکثير للنظام الايراني لأنه ببقاء هذا النظام کان يصعب عليهم تنفيذ مخططهم و إحتواء شيعة العراق تحت مختلف المزاعم و المبررات و الحجج، وان الامريکيين الذين کانوا على عجلة من أمرهم لإسقاط نظام صدام حسين لم يفکروا بالسيناريوهات المطروحة بعد ذلك و التي يواجهون اليوم إشکالياتها و تعقيداتها بل وان الاهم من ذلك لم يحددوا او يختاروا بديلا مناسبا لنظام شمولي حکم العراق بالحديد و النار لأکثر من ثلاثة عقود، وان تغلغل نفوذ النظام في العراق بصورة ملفتة للنظر و تنفيذ الکثير من الاهداف و الاجندة السياسية و الامنية و الاقتصادية و الفکرية لهذا النظام، جعل من نظام ولاية الفقيه يطل على دول الخليج و دول عربية أخرى من خلال العراق الذي صار نجما يدور في فلکه.

حديث السفير الامريکي الذي يبدو وکأنه صحى لتوه من نوم عميق عن تدخل النظام الايراني في اليمن لن يکون له أية أهمية مالم يقترن برد فعل عملي على الارض ضد هذا النظام وان رد الفعل يجب أن يکون موازيا و مناسبا لمستوى و حجم الدور المشبوه و غير المحدود لهذا النظام و الذي لاشك فيه أن الوقت الحاضر هو الانسب تماما لرد الفعل و الذي سيکون بالغ الاهمية و التأثير لو کان من زاوية دعم مقاومة الشعب الايراني و مواجهته لهذا النظام و کفاحه المرير الذي يخوضه من أجل الحرية و الديمقراطية.