خلال ستة قرون من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية لم يحدث أن يتقدم بابا باستقالته من منصب الحبر الأعظم.
كان التقليد أن يبقى البابا في منصبه ولو عمَّر ثلاثة مائة سنين وازداد تسعا. يبقى في منصبه ولو احدودب الظهر، ورعشت اليدان بداء باركنسون، وضربت تلافيف دماغه تلف الزهايمر.
إنه منصب القداسة. معصوم منذ المهد إلى اللحد. متعالي. فوق النقد. لا يقترب منه الخطأ والخطيئة. ولا يلامسه النقص والقصور. أو يجانبه الرفث والفسوق والفاحشة. في ديمومة وشمولية. يسير في موكب ملائكي في غرفة زجاجية لا يخترقها رصاص وصواريخ. يحييه ألوف من الأتباع المخدرين.
البابا لا يشبهه في هذا المقام إلا اثنان؛ ممثلو هوليوود بتزكية ودخل عالي ومركز مالي حتى الحمام، وحكام جمهوريات الخوف والبطالة من الأنظمة الشمولية، مثل حاكم كازاخستان الذي يقلد مبارك حاليا في عمر الخرف وهو يحلم بخلد وملك لا يبلى.
لقد بنى الطاغية معهدا يشبه قصور هوليود وبناء مؤسسات علمية مزورة بمليارات الدولارات لإنتاج (ألبان) لمط الحياة ومنح الديمومة راكبا على ظهور العباد إلى يوم التناد!
إنها الإلوهية أليس كذلك التي جاء من أجل تحطيمها الأنبياء. وعليها قتلوا وصلبوا وطوردوا ونفوا.
ألم نر مثلا الكتابات في سوريا لا إله إلا بشار!
إنهم صادقون في هذا التعبير برفع البشر إلى مستوى القداسة والمعصومية وعدم المساءلة قط؟
هكذا قال القرآن عنهم لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إنها ضريبة المؤسسة الدينية في كل دين وطائفة.
هل فهمنا لماذا نفى القرآن صلب المسيح؟ لأن الكنيسة قذفته بصاروخ إلى ما فوق السحاب؛ فحولته من بشر إلى رب؛ يفلق الحب والنوى، يخرج الحي من الميت، وينبت الزرع، ويدير الأفلاك، ويخلق الأجنة في الأرحام.
البابا لا يمكن عزله، أو محاولة الانقلاب عليه، أو اتهامه بالاختلاس والانحراف الجنسي، أو محاسبته في مال وضريبة.
بكلمة مختصرة إنه منصب يتمناه أي إنسان لو سئل هل تحب أن تكون ربا أو نبيا معصوما؟
أمام إغراء من هذا النوع لن يرفض أي بشر أن يقفز هذه القفزة السحرية في تحول مورفولوجي كامل للطبيعة البشرية.
البابا هو من لحم ودم. هو من تراب. لكن هذا ناسوتي. أما طبيعته فهي لاهوتية معصومة مثل ملالي طهران وعبدان!
الأول يتدفق عليه مال الأتباع بالغدو والأصال. وصنف طهران بخمس مال المؤمنين.
ألم يكن المسيح يوما هكذا؛ طبيعة مزدوجة؛ من لحم بشري وطبيعة ربانية.
الباباوات هم أتباع المسيح معه في السحاب والغمام. فهم يحملون هذه الطبيعة المزدوجة من الخلطة البشرية السقيمة، والإلهية المتعالية فوق الخطأ والخطيئة، والتعثر والرذيلة، محققين السوبر مان، الذي حلم به يوما نيتشه وهو يلعن الكنيسة ويرفض الرب ويقول: أن رب الكنيسة يا قوم مات.
صدق فولتير حين قال اشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر إقطاعي.
وصدق القرآن (قرآن محمد ص) حين وصف الرهبان والأحبار بأنهم يأكلون أموال الناس بالباطل ويكنزون الذهب والفضة.