لقد تابعت بعناية المراسيم البابوية المسيحية فى تنصيب البابا فرنسيس الأول فى الفاتيكان وبحضور رؤساء دول ووزراء ومسؤولين لأكثر من 130 دولة وممثلين عن الأديان والطوائف الأخرى وهى مؤسسة ضخمة فيها الكثير من التنظيم والإدارة بشكل مهيب. فضلا عن استقالة البابا الأخيرة بشكل حضارى رائع متخليا عن امتيازاته المهولة ثم مرحلة انتخاب البابا الجديد فى مراسيم علنية كبيرة، كذلك فعاليات البابا وكلماته المباشرة وزياراته المختلفة وتقبيله للأطفال ورعايته للأيتام ومشاريعه الخيرية المختلفة فى مؤسسة ضخمة كبيرة رغم الإشكالات الكثيرة المطروحة حولها لكنه يفتقده المسلمون فى مرجعياتهم الفردية الذاتية غير المؤسساتية

بالنسبة للكثير من زعامات المسلمين يتم تعيينهم من قبل الحاكم السياسى مثلا شيخ الأزهر تم تعيينه من رئيس جمهورية مصر السابق حسنى مبارك حيث لا انتخاب أصلا كما تعيين أسلافه من قبل الحاكم السياسى ولايوجد استقاله أبدا فهو منصب ذو مزايا كبيرة من الصعب التخلى عنها كما فعل البابا الأخير

القرضاوى مرجعية لحكومة قطر لايوجد انتخابات أصلا وهو فرد يثير الجدل كثيرا فى فتاواه المتناقضة والمتعارضة حسب مصلحة الحكومة. وقام بمهاجمة مرجعيات دينية متعددة منها الطنطاوى الشيخ السابق للأزهر بقلة معلوماته الدينية، وهذا ينطبق على القرضاوى نفسه (رمتنى بدائها وانسلت) ومهاجمته الأخيرة للبوطى مفتى سوريا فى برنامجه (الشريعة والحياة) رغم أن البوطى يملك أكثر من 60 كتابا تؤهله بشكل أكبر بكثير من القرضاوى نفسه ومستواه العلمى رغم أن كليهما مرجعيتان فرديتان تنعمان بامتيازات البلاط الحكومى. وقد اعتبرت قطر القرضاوى مرجعا للمسلمين وقائدا لما يسمى ب (الربيع العربى) ونحن نرى نتائجه على الأرض.

بالنسبة للشيعة الإمامية فلاتوجد مؤسسات أصلا حيث سيطرت المرجعيات الفردية الفارسية منذ زمن طويل وباتت كربلاء والنجف تحت السيطرة الفارسية ومراجعها حتى يومنا المعاصر وقد وصلت إلى المرجعية بطريقة غير حضارية وغير أخلاقية بينما كانت المرجعيات العربية ممنوعة من التصدى للمرجعية مثل محمد حسين فضل الله ومحسن الأمين ومحمد حسين كاشف الغطاء ومحمد باقر الصدر ومهدى الحيدرى ومحمد رضا المظفر. فليس هنك أى مؤسسات ولا انتخابات ولااستقالة وأمثالها بل يسيرها استبداد لأقرباء المرجع الفارسى من أولاده وأصهرته الذين قد يفتقدون أى مؤهل علمى أو أخلاقى أو إنسانى ويتحولون إلى امبراطوريات كبيرة متهمة بالكثير من قضايا الفساد.

كتب محمد باقر الصدر (إغتيل عام 1980) كتابا (المرجعية الرشيدة والصالحة) وقد وضع يده على داء المرجعية الفارسية المعاصرة التى سماها بالفردية والذاتية والتى لاتحمل أى مشروع للأمة وتطلعاتها ويقودها متعلقوا المرجع وأرحامه غير المؤهلين فقال (إيجاد جهاز عملي تخطيطي وتنفيذي للمرجعية يقوم على أساس الكفاءة والتخصص وتقسيم العمل واستيعاب كل مجالات العمل المرجعي الرشيد في ضوء الأهداف المحددة) وقال ناقدا للحواشى (ويقوم هذا الجهاز بالعمل بدلاً عن الحاشية التي تعبر عن جهاز عفوي مرتجل يتكون من أشخاص جمعتهم الصدف والظروف الطبيعية لتغطية الحاجات الآنية بذهنية تجزيئية وبدون أهداف محددة واضحة) فهى ليست مؤهلة لقيادة الأمة وأخذ المليارات من الأخماس والزكاة والأوقاف وأمثالها من الأموال الدينية لتتحول إلى ملك شخصى لأرحام المرجع وأقربائه بعد وفاته دون عناء أو جهد أو تعب بدلا من صرفها للفقراء والمحتاجين والمشاريع المؤسساتية علما أن الأنبياء أنفسهم كانوا يعملون بأيديهم.

لقد أثار طرح الصدر (المرجعية الرشيدة والصالحة) زلزالا فى النجف وحملة واسعة ضده من حاشية المرجعيات الفارسية غير الرشيدة خصوصا الأرحام وهى بوابة المرجعية وممثليتها وعينها ولسانها إلى درجة اتهام الصدر بالعمالة والدجل والوهابية وسمى بالسطل وإذا دخل المجلس حاولوا إهانته حتى يجلس عند الأحذية شماتة وحسدا وقد كتب فى ذكرياته ومحنته ما يكشف القناع عن وجههم الذى تظاهر بالتقدس والزهد والورع وهم أحرص الناس على الدنيا وأشدهم حقدا للحق ورجاله.

رغم غياب مرجعيات دينية فى السراديب استغفالا للناس، ويتساءل الشيعة لماذا لايخرج السيستانى ليخاطب مقلديه والناس فى كل حياته؟ هل لأنه غير مؤهل لكلمة بسيطة فى خمس دقائق وغيره من الأسئلة الكثيرة بينما تعاون مع الإحتلال كما ذكر بريمر فى كتابه فضلا عن فتاواه الغريبة العجيبة الشهيره وكذلك سفره إلى لندن بناءا على طلبهم لضرب تيار شيعى فى النجف ثلاثة أسابيع كاملة.

وهنا أستذكر الصدر الثانى القائل (المهم فى المرجع هو الإتجاه نحو العدالة الإجتماعية وإنصاف الناس من نفسه ولكن الأنانية فى المرجعية هى الغالبة جيلا بعد جيل..إتبعوا شخصا يبذل النفس والنفيس فى سبيل الدين..هنالك اتجاهان فى المرجعية الناطقة والساكتة ولاعذر للساكتة سوى الخوف، إنه صمت القبور.. لقد عرف الناس أن الإسلوب القديم قائم على القصور والتقصير وإذا كثر الفساد فى المجتمع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولكن الواقع أن أهم الأمور عندهم قبض الحقوق التى يجب أن تصرف لقضاء حاجات المحتاجين ولكنهم لايصرفونها كذلك..) وهو ينقد السيستانى بالإسم والصراحة وعلاقته بالنظام الصدامى وأطلق عليه المرجعية الصامتة.
أما مرجعية ولاية الفقيه فهى من أسوأ الدكتاتوريات فى العالم ظلما وجورا واستبدادا.

لكنه بعد العولمة وظهور الحقائق ومتابعة المؤسسات الدينية العالمية كالفاتيكان، لن تقف الأمة ساكتة عن حقوقها وهى ترى بعض المرجعيات الدينية تعبث بالمال العام ضد مصالح الشعب فهى تريد مؤسسات حقيقية وانتخابات صادقة وشفافية بينة لترى الكفوء النزيه مع صادرة وواردة لما يدخلها من أموال وكيف تصرفها وتحديد الضوابط الموضوعية والقيم الأخلاقية فى مؤسسات تتمتع بالكفاءة والنزاهة والإنتخابات الشفافة لخدمة الإنسان والفقير والمشاريع العامة والعدالة الإجتماعية.