نشرت صحيفة لوس أنجلس تايمس مقالا بعنوان ( العراق في طريقه للتفكك بسبب سياسات نوري المالكي )!، وقد ألقى المقال الضوء على سياسات رئيس الحكومة العراقية الموالية حد التواطيء للسياسة الإيرانية وإلتزامه بثوابتها ونواهيها، وتطرق لأسلوب فبركة الإتهامات ضد حلفائه السابقين لإخراجهم من السلطة كما فعل مع وزير المالية رافع العيساوي وقبله طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، إضافة لموقف المالكي المخزي من الثورة السورية وتخوفاته من إنتصار الثوار السوريين وإسقاط نظام بشار أسد وهو الإحتمال المستقبلي المرعب لنوري المالكي وجماعته... وقد خلص المقال للقول بأن المالكي في سياساته الخشبية وفي تصاعد الصراع مع الشركاء الأكراد يقود العراق نحو التفكك و الإنقسام!
وطبيعي القول إن الممارسات المذكورة أعلاه ومايحصل في كواليس السياسة العراقية، ومايدور من تطورات وسياسات إقصاء ومناهج فشل عملية مستمرة إضافة لتصاعد الدور الإيراني المؤثر في السياسة العراقية وتغلغل الجماعات العصابية العاملة لخدمة المشروع الإيراني الصفوي الخبيث والمتحالفة مع رئيس الحكومة وسياساته الفاشلة جميعها لايتحمل مسؤوليتها نوري المالكي وحده بل السياسة الأمريكية التي تنكرت تنكرا فاضحا لقيادة الحلة في العراق نحو بر الأمان والإستقرار و التنمية والتطور التي كانت موعودة قبل إحتلال العراق عسكريا وإسقاط نظام صدام حسين الذي جثم طويلا على صدور العراقيين عام 2003، وهي المهمة التي تحولت نتائجها لكارثة حقيقية بعد عشرة أعوام من الإحتلال ومن ثم قيام الدولة العراقية الجديدة على أسس طائفية وعرقية وإثنية كانت تحمل بذور فنائها معها منذ لحظة تشكلها الأولى بعد التخلي عن مشروع دولة الحداثة والمدنية العلمانية في العراق وتبني خيار قيام الدولة الطائفية الصارخة بعناوينها المثيرة للإستفزاز ولكل مقومات دولة المواطنة، وبدعم الأمريكان للأحزاب الطائفية والعرقية التي قسمت العراق لكانتونات طائفية وصلت لحدود تقسيم العاصمة بغداد بحواجز كونكريتية وفقا لتقسيمات طائفية مريضة، ولا نستطيع إلقاء اللوم على نوري المالكي وحزبه الدعوي وسياسته المتعصبة الخاصة أو توجهات حلفائه وأنصاره والتيار الذي يخوض فيه معترك الصراع، لأن تلك من بديهيات الأمور وطبائع الأحوال، فالمالكي في تصرفاته وسياساته الإقصائية وروحه الإستبدادية وميله للدكتاتورية المغلفة بحس طائفي مريض لم يتغير أبدا بل أنه يعبر خير تعبير عن منهج وسياسة حزبه الدعوي الطائفي الشعوبي الغارق بأوحال إرتباطاته القديمة والمتجذرة بالمشروع الطائفي الإيراني في الشرق القديم، كما أنه نتاج أصلي وحقيقي لتربية الأنظمة الفاشسة التي تحتقر الرأي الآخر وتؤمن بسياسة القوة وإقصاء الآخرين وفبركة الإتهامات وبلورة سياسة التسقيط للأخرين، إضافة للتوجس من كل المنادين بالإصلاح والتغيير نحو الأفضل، فالمالكي قد نهل طويلا من مدرستي النظامين الإيراني والسوري التي تربى في إحضانهما، وعاش طويلا وحتى سقوط نظام صدام لايعرف غيرهما، كما أنه خريج أصلي وتلميد نجيب للمدرسة السراديبية في السياسة العراقية، كما أنه ويا لسخرية الأقدار من العناصر التي عملت بشكل مبكر في المشروع الإرهابي الإيراني في الشرق الأوسط، وتاريخه الشخصي حافل وموثق بإدارة العمليات الإرهابية التي هزت المنطقة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي في بيروت والكويت والعراق والخليج العربي!! ولا أعتقد بأن المخابرات الأمريكية أو مخابرات دول المنطقة لا تعرف تلكم الحقائق البسيطة التي يعرفها أبسط المتابعين العاديين لهموم وشؤون وشجون المنطقة.
فهل غابت الحقائق عن السياسة الأمريكية التي تخلت بشكل مرعب عن التعاطي مع العناصر المتحضرة في المعارضة العراقية السابقة لتسوق بشكل علني وفج ومفضوح لأهل التخادم والولاء الإيراني الذين إنتفخت أوداجهم عن طريق الصدفة التاريخية والتخطيط الأمريكي الخبيث والسير العلني في تنفيذ مخطط تقسيم العراق لكانتونات طائفية مريضة ومتصارعة وهو المشروع الصهيوني القديم والمعروفة تفاصيله ورؤاه و منطلقاته منذ عام 1973 ومامرت به المنطقة بعد حرب أكتوبر لذلك العام والتي أريد لها أن تكون آخر الحروب العربية الحقيقية ضد إسرائيل وهو ماتحقق فعلا بذكاء و تخطيط منهجي مبرمج بدات صياغته الفعلية مع إندلاع الحرب الأهلية اللبنانية ربيع عام 1975 والتي رسمت أحداثها و تطوراتها خطا بيانيا معلوما لتمزيق المنطقة ووفق سيناريو جهنمي من الأحداث والتطورات، لذلك فإن الصحافة الأمريكية حينما تتحدث اليوم عن تورط نوري المالكي بسياسات حمقاء ستؤدي لتفكك العراق فهي إنما تتحدث بسذاجة عن مشروع تقسيمي مخطط له ومبرمج في دوائر الرصد والتخطيط الأمريكية/ الصهيونية، وحيث يحصد الأمريكان العاصفة بعد أن زرعوا الرياح الصفراء والسوداء والنتنة، نوري المالكي وحزبه والجماعات الطائفية المتحالفة معه لم يتغيروا أبدا او يبدلوا جلودهم التي تنظفت طبعا بملابس السلطة والحكومة وهيلمانها، بل أن من تغير فعلا ومارس النفاق الصريح هو السياسة الأمريكية التي أغدقت الوعود على الشعوب المسحوقة بالديكتاتورية بغد جديد وعالم أفضل فغذا بهم يسلمون السلطة على طبق من ذهب لوكلاء تاريخيين للنظام الإرهابي الإيراني، ويوفرون الحماية لعناصر عملت طويلا في خدمة المشاريع الإرهابية الإيرانية في الشرق، لا بل أن الجرأة قد وصلت بأحد صعاليك النظام الإيراني من الحاملين لرتبة عميد في الحرس الثوري ومن الحاملين لحقائب وزارية عراقية مهمة بالكذب السخيف حينما يرفض الإتهامات الأمريكية للعراق بالتواطؤ مع النظام الإيراني في تقديم الأسلحة للمجرم بشار أسد من خلال المجال الجوي العراقي!
تصوروا شخصا كان مقاتلا صغيرا من أيام الحرب مع العراق بات يضع أصابعه في عيون السيد جون كيري مكذبا إياه في دلالة مرعبة على الهوان والإنحدار الذي تسببت به السياسة الأمريكية في العراق والمنطقة لسمعة السياسة الأمريكية ولمباديء الحضارة المعروفة، إذن فإن نوري المالكي ورهطه وهم يباشرون إدارة الوضع العراقي نحو الأسوأ وفي طريق الكارثة الحتمية لم يأتوا بجديد أبدا بل أنهم يعبرون عن هويتهم الفكرية وإنتماؤهم الآيديولوجي وعقيدتهم الباطنية المرتبطة بالسياسة الشعوبية الإيرانية... العار كل العار تقع على عاتق السياسة الأمريكية التي عملقت الأقزام ومارست الفوضى المهلكة في المنطقة، وحيث تحصد اليوم نتائج تخبصات غرفها السوداء... العراق يسير نحو التفكك فعلا بهمة وجهود المخلصين من كبار الصفويين والصهاينة المعروفين... ولكل هل يسمح الأحرار بنجاح المخطط الشعوبي الصفوي الأسود؟... تلك قضية أخرى ومختلفة..!
التعليقات