من الملاحظ انه اثناء التظاهرات والاعتصامات، وايضا المعارك التي شهدتها دول الربيع العربي بين الانظمة الدكتاتورية والقوى التي قامت بهذه الثورات قد ازدادت حالات الاغتصاب والتحرش بالنساء، وهذا حصل وما زال يحصل في ليبيا وتونس ومصر، ويحدث الان في سوريا.

بدون شك انه في حالات الفوضى التي سادت في هذه البلدان فقدت السلطة سيطرتها على الامور، مما دفع بقوى اخرى غير منظمة بالسيطرة على اوضاع الناس والبلاد مما زاد من اعمال السرقة والقتل والانتقام والاغتصاب.

وكل يوم تطالعنا اخبار السحل والتعري والتحرش والاغتصاب والتي كان اخرها المرأة التي احرقت نفسها مع بناتها الاربعة بعد اغتصابهن من قبل جماعات مسلحة اتت للجهاد في سوريا، ويسمون هذا الاغتصاب بجهاد النكاح، وهذا الامر يعتبر من البدع الجديدة التي نسمعها مؤخرا، ويتضح كل يوم اهداف هذه القوى في محاولة فرض الشرائع بالقوة على الناس، واصدار الفتاوى التي تتيح لهم فعل كل المحرمات باسم الدين.

وقبل ذلك بيومين تم اغتصاب ثلاثة نساء كن في طريقهن الى التضامن مع غزة وايصال بعض المساعدات، حصل ذلك على الحدود المصرية الليبية ومن قبل المسلحين الليبيين، وتطالعنا بعض الانباء عن عن ذهاب بعض التونسيات الى سوريا لاجل ما يسمى بجهاد المناكحة، ومن غير المعروف من افتى بهذا النوع من الجهاد، ولكن بعد فوضى الربيع العربي وفوضى الفتاوى، فكل شيء اصبح جائزا، وعلى المواطن العربي بألا يستغرب هذه الاشياء الغريبة والجديدة الطارئة على مجتمعاتنا.

ان ظاهرة الاغتصاب والتحرش اصبحت ظاهرة مستشرية في هذه المجتمعات، ولوحظت بعض التحركات النسائية ضد هذه التصرفات في الاردن ومصر وتونس، ويبدو ان الحكومات غير قادرة على وقف هذه الاعمال التي تذهب النساء ضحيتها، ولم يكن الوضع مختلف كثيرا في ظل الانظمة الدكتاتورية فكانت هذه الظاهرة غير منتشرة بهذا الشكل، بالرغم من ان هذه الانظمة ورجالاتها لم تكن بريئة من اعمال مماثلة، ولكن على اغلب الظن كان هناك صمت من قبل الضحايا اما خوفا من بطش رجالات الانظمة، واما خوفا من الفضيحة.

بالرغم من انتشار الافكار في وطننا العربي حول انحلال الدول الغربية بالنسبة لمسائل الجنس وغيرها، الا انه في مسائل الاغتصاب والتحرش الجنسي فان القانون صارم جدا تجاه هذه القضايا، ويعاقب اصحابها اشد العقوبات مثلها مثل جرائم القتل، ولكن الذي يحصل الان في البلاد العربية من حالات الاغتصاب تبقى دون محاسبة.

ان استباحة النساء واستغلالن بهذا الشكل الفاضح وتحت مسميات مختلفة، كالزواج من القاصرات او استغلال وضع اللاجئات السوريات وغيرهن بحجة اخراجهن من الاوضاع المأساوية التي وجدن بها، ما هي الا نوع من انواع الاستغلال وممارسة البغي باسم الدين.

ان الشعوب العربية التي تفاءلت خيراً بالربيع العربي من خلال التخلص من انظمة الفساد الاستبداد السياسي، الا ان هذه المجتمعات وبدون استثناء تعاني الان من ظواهر جديدة من الاستبداد الديني الذي يقيد حرية الانسان بفتاوى التحليل والتحريم حسب مصلحة الحاكم ومصلحة رجالات الفتاوى الدينية.