يقع الطلاق باللفظ أو الكتابة أو الإشارة. أي أنه إذا قرر الرجل تطليق زوجته يمكنه ذلك بمجرد اللفظ أو الكتابة إذا كان أخرسا أو الإشارة إذا كان أخرسا ومشلولا حتى لأسباب واهية، وبينما يكون الطلاق سلطة مطلقة بيد الرجل فإن الخلع ليس حقا مطلقا ولا يتم إلا برضا الطرفين وتحديد قيمة الفدي الذي قد يكون مساويا للصداق أو أكثر ويجوز أن يكون نقدا أوعينا أو منفعة. ويجوز أن يخالعها على شيء مجهول. والخلع مشروع& وهناك أدلة من السنة المطهرة، وقد أجمع الفقهاء على مشروعية الخلع فقال ابن كثير: (إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي عليه السلام فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه خلقاً ولا ديناً، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال عليه السلام: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فقال:& اقبل الحديقة وطلقها تطليقة." وقال ابن عبد البر: (وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضراً بها، وخافا ألا يقيما حدود الله)( 1). قال الشوكاني: إذا خالعها على شيء مجهول القدر أو الجنس ورضيا بذلك ثبت الخلع، ويلزمها تسليم أوسط الجنس المسمى لا أعلاه ولا أدناه، فهذا هو الذي ينبغي اعتماده ولا يتم العدل إلا به( 2). وهذا فيه احتمال كبير أن يستغل الزوج زوجته إذا كانت ذات مال ويفرض عليها فوق المعقول. وهذا كله مرهون بتقوى الرجل وورعه وهو أمر غير مضمون خاصة في ظل مجتمعاتنا الحالية حيث تطغى المادة على كل القيم والأخلاق. ومن أبرز مساوئ الخلع ما يلي:
1.&تجوز المخالعة مقابل إسقاط نفقة الصغير وتحمل الأم لهذه النفقة. إن جواز إسقاط الزوجة نفقتها ونفقة صغيرها مقابل الطلاق فيه مجافاة للعدل فهذا واجب على الأب وحق للصغير فكيف تجري مقايضته؟ ولنفرض أن الأم أعوزت وضاع مالها فمن ينفق على الصغير؟ ومن حيث المبدأ فمن غير العدل والإنصاف وضع حقوق الصغير موضع المساومة فهذا ما لا يرضاه العقل كما أنه قد يغري ذوي النفوس الضعيفة من الرجال أن يدفع زوجته إلى طلب الخلع للتخلص من الإنفاق.
2.&لا يجوز للأم المخالعة مقابل إسقاط حضانة الصغير وتركه للأب (3).& فكيف يجوز إذن إسقاط واجب نفقة الصغير عن الأب؟ إن الحضانة والنفقة حقان للصغير ولا يجوز وضعهما محل المقايضة. فكما حدد الشرع عدم جواز إسقاط حضانة الصغير عن الأم يجب ألا يباح إسقاط النفقة عن الأب. كما أن اشتراط إسقاط نفقة الصغير فيه إسفاف وابتذال ويحول الصغير إلى بضاعة يتساوم الوالدان عليها وهذا هو الظلم بعينه إذ أن نفقة الصغير واجبة وهي تعكس مستوى الوعي والحضارة لدى الزوجين وتحملهما للمسئولية التي هي جزء من إيمانهما وتقواهما.
3.&قد تضطر الزوجة لطلب الخلع بدل الطلاق لأن هناك أضرارا من الصعب إثباتها وقد تتعلق بأمور حساسة تستحي المرأة من كشفها أمام الناس حتى لو كان الأم أو القاضي كما أنه أحيانا لا يكون هناك دلائل ملموسة ولكن ربما يكون جفاء عاطفي يحول دون الإشباع النفسي فلا تستطيع الزوجة إثبات ذلك. وكلمة ضرر هي كلمة مطاطة ولا تخضع لمعايير واحدة فهناك من يعتبر إساءة معينة أمرا عاديا ومقبولا وهناك من يعتبره إجحافا. وهناك أضرار معنوية كعدم التوافق العاطفي وعدم احترام الرأي أو التلكؤ في الاستجابة لمطالب المنزل وسوء الطبع في الأكل والنوم ومجالسة الأسرة وهذه جميعا أشياء لا يعترف القاضي بها.
4.&بينما يطلق الرجل زوجته بدون أسباب ودون الحاجة إلى إثبات أي ضرر ودون أن تطالب المرأة بشيء غير مؤخر الصداق، بينما في الخلع فيشترط أن يكون الكاره هو الزوج من غير ما ذنب من الزوجة وعلى الزوجة أن تثبت ذلك فإذا أثبتت ذلك حق لها أن تطلب الخلع. وفي هذا تبسيط شديد للمسألة، فلماذا تم التحوط من سوء استخدام المرأة لصلاحية الخلع بينما تركت صلاحية الطلاق مطلقة في يد الزوج؟ ولا يؤخذ رأي الزوجة فيه ولا يحق لها أن تطلب فديا وكان الأولى تقييد الخلع والطلاق معا لأنهما في جوهر الأمر شيء واحد وأضراره جسيمة على الأسرة. وإذا كان من حق الزوج أن يطلب فديا غير مسمى من منطلق أنه أنفق على الزوجة، فالزوجة كذلك كانت تخدم الزوج والأسرة وتقوم برعايتهم.&
5.&غني عن القول أن الخلع يترتب عليه فقدان النفقة وحقوق الزوجة بالإضافة إلى ما تدفعه من فدية وهي جميعا خسائر مالية لا ينبغي أن تحدث إلا للضرورة القصوى. ناهيك عن أن الأطفال يتنقلون ما بين بيت الأب وبيت الأم وهذا فيه تكاليف إضافية.
6.&إن اقتصار عدة المختلعة على حيضة واحدة يلقي بظلال الشك على الحكمة من جعلها ثلاث حيضات في حالة الطلاق، فإذا كانت واحدة في حالة الخلع وليس في ذلك من ضير فلماذا تكون ثلاث حيضات في حالة الطلاق؟ فإذا كان هناك أساس علمي لتحديد فترة العدة فيجب أن تنطبق في كلا الحالتين.

&( ) السيل الجرار (2/394)، وانظر الشرح الكبير للدردير (2/348)
&& الشرح الكبير للدردير (2/357).
&& المفصل في أحكام المرأة (8/207).
&