عندما أعيدت تجربة الابتعاث السعودية تحت مسمى برنامج خادم الحرمين الشريفين في العام 2005 م. إستبشر الناس خيرا وعمت الأفراح كل مناطق المملكة , وتقدم آلاف الطلاب طلبا للابتعاث والدراسة في مختلف جامعات ومعاهد العالم ليتعلموا لغات جديدة ويدرسوا في أعرق الجامعات العالمية مختلف انواع الدراسات العلمية والمعرفية في أضخم برنامج تعليمي على مر التاريخ , سيكون له بكل تأكيد نتائج إيجابية كبيرة& تنعكس على مسيرة بلد كالمملكة العربية السعودية يحتاج الى تغيير دماء كما يقول الدكتور محمد العيسى , الملحق الثقافي السعودي في واشنطن الذي يقود بكل إقتدار ونجاح& فريقا& من المشرفين والموظفين في& الملحقية لإدارة عمل ضخم ومتابعة& مايقارب تسعين ألف طالب وطالبة& ينتشرون في الكثير من المدن الامريكية حسب الإحصائية التي أفصح عنها سعادة الملحق الثقافي في آخر حوار له هنا في إيلاف& عدا الأعداد الكثيرة المنتشرة في بقية جامعات ومعاهد الدول الأوروبية والآسيوية والعربية.
كان الدكتور العيسى سعيدا جدا وهو يتحدث بضمير مرتاح عن ادارته لهذا البرنامج الابتعاثي الناجح جدا خاصة في امريكا التي يتولى فيها مسئولية الملحق الثقافي... يقول لي : هنا في امريكا تتواجد كل مدن وقرى واطياف المجتمع السعودي بمختلف ألوانه. نشكل مجتمعا علميا سعوديا داخل أكبر امبراطورية حضارية في العصر التاريخ , ويتعلم ابناؤنا في احسن وأكفأ الجامعات التي تخرج منها عباقرة المخترعين والمبدعين الامريكيين , وبرغم الأعداد الكبيرة من الطلاب التي تشرف على دراساتهم الملحقية الثقافية يقول الدكتور العيسى : فإن التجربة ناجحة بكل المقاييس& ولا نعاني ولله الحمد من مشكلات تعيق عملنا الحضاري الذي تحقق بفضل إرادة طموحة أعادت الضوء الأخضر لمسيرة الابتعاث التي بدأتها المملكة منذ أكثر من خمسين سنة , لكنها لم تكن بهذا الزخم الهائل الذي نشهده في مرحلة الابتعاث الجديدة.
واذكر أنني في بداية مسيرة الابتعاث الجديدة كتبت هنا في ايلاف عام 2006 م مقالة عبارة عن رسالة موجهة للطلاب السعوديين المبتعثين في امريكا من طالب سابق , وقد ضمنت رسالتي تلك& بعض النصائح والرؤى والأفكار التي تمنيت على طلابنا ان لايكرروا أخطاء& بعض من سبقهم في تفويت فرصة الاستفادة القصوى من الفرصة العظيمة الممنوحة لهم , ليس في التعلم فقط وانما ايضا في الاحتكاك بالشعب الذي بنى اعظم الحضارات الحديثة والتعرف على ثقافته التي جعلته يصبح مجتمعا منتجا وكذلك التعرف على قيم الشعوب التي قد يعتقد البعض أن الحضارات ربما تبنيها الشعوب بدون قيم عظيمة نتيجة فكر مسبق غرس في عقل المتلقي بطريقة غير صحيحة تجعل الانسان يحتقر حضارات الاخرين حتى وهو يراها تصنع التفوق. وقد تلقيت& آنذاك عشرات الرسائل التي شكرتني& من الطلاب السعوديين المنتشرين في كل جامعات العالم ولا مني بعض الطلاب في اوروبا انني وجهت الرسالة لطلابنا في امريكا فقط. لكنني اخبرتهم بانني املك تجربة في امريكا فتحدثت بما اعرف وان كانت الافكار في مجملها تعبر عن الجميع بشكل عام.
تجربة الابتعاث السعودية : تجربة رائعة وها أنا أرى تاثيرها عن قرب بعد أن عدت لأمريكا بعد غياب طويل , وأعلن أيضا شهادتي بنجاحها , وأعتقد أنه مهما خسرت اي دولة من أموال على تعليم شعوبها , فان المال هنا لايساوي شيئا ذا قيمة مقابل القيمة الأعظم والأسمى للعلم والتطور المعرفي والثقافي والفكري الذي ينقل الشعوب الى مسارات متقدمة بفضل العلوم والتلاقح الثقافي بين الحضارات. لأن البعض يعتقد ان التعليم بحد ذاته في جامعات الاخرين هو الهدف الحقيقي , بينما تظل التجربة ناجحة ومتكاملة عندما تكون الاستفادة شاملة , فكرا وعلما وثقافة عبر التمازج والتلاقح مع فكر وثقافة الشعوب المتنوعة. وعندما تملك دولة ما الثقة في برامجها وفي ابناءها كي ترسلهم الى مختلف جامعات العالم لينهلوا العلوم ويكتسبوا المعارف والتعرف على الحضارات , فان النتائج بكل تأكيد ستكون بحجم الهدف.
&إن أعظم استثمار لدولة ما : هو الاستثمار في تعليم شعبها.. لأن المال& يذهب لأي شيء أكان ايجابيا او سلبيا ولا يبقى له اثر , إلا المال المدفوع لتعليم الشعوب& فيذهب ويبقى العلم شاهدا على سلامة انفاقه.
&وصدق المثل الذي يقول : ان العلم يخدم صاحبه... بينما يظل صاحب المال خادما لماله. وعندما ننفق المال من اجل العلم : نظل مخدومين وغير نادمين على ما انفقناه.
فلتستمر هذه التجربة الناجحة... كي نجني مستقبلا من الاستقرار والرفاه والابداع والتفوق!&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
&
- آخر تحديث :
التعليقات