شنكال كلمة كوردية من مقطعين (شنك) بمعنى الذهب و(آل) بمعنى الجهة، وبجمع المقطعين يكون المعنى الجهة الذهبية، دلالة على جمال وغنى مدينة سنجار أو سنغار أو سنجارة كما جاءت في النصوص الآشورية، وهي مركز قضاء يتبع محافظة الموصل في أقصى غربها بـ 120 كم، وتقع على سفح جبل مثير في موقعه وخاصيته، حيث تمتد على جهتيه الجنوبية والشمالية أراض سهلية وصحاري شاسعة، ويمتد من الشرق إلى الغرب على طول ما يقرب من 77 كم من قرى سينو وعين طلاوي والكولات وحتى يضمحل على الحدود العراقية السورية في قرى بارا وأم الذيبان، ويرتفع في أعلى قممه إلى 1462 مترا عن مستوى سطح البحر في منطقة جيلميران، ويتميز الجبل عموما بقلة مياهه وكثرة كهوفه.

لن نغوص في تاريخ هذه المدينة التي كانت ذات يوم مملكة آرامية سقطت عام 114م على يد الرومان، ثم اتابكية في أواخر العصر العباسي، ثم سنجق عثماني، وفيما بعد قضاء عراقي يتبع محافظة الموصل، وشنكال أو سنجار تضم اليوم في مركزها أكثر من ثمانين إلف نسمة معظمهم من المسلمين السنة والشيعة والايزيديين والمسيحيين يمارسون طقوسهم بتعايش منقطع النظير ولهم مساجدهم وكنائسهم ومعابدهم المحترمة من الجميع الذين يشكل غالبيتهم الكورد وأقلية من العرب، وفيها كقضاء أو إقليم أغلبية ايزيدية حيث تشكل ما يزيد على ستين بالمئة من سكانها، إلى جانب المسلمين الشيعة والسنة كوردا وعربا مع عدد قليل من المسيحيين.

استخدم البعثيون أسلاف الدواعش الاوائل في ثقافة الإبادة أول ممارساتهم في الجينوسايد مع السكان الأصليين، ولكن دونما استخدام للقتل في المراحل الأولى، بل استخدموا ما هو أبشع من ذلك، ألا وهو إبادة الهوية القومية والدينية والثقافية للمكونات الأخرى غير العربية في هذه المنطقة، ومسخهم بهويات وثقافات تحت طائلة قانون ما كان يسمى بقانون تصحيح القومية سيئ الصيت، معتبرين أي كائن خارج تعريفهم القومي والديني ناقض في أهليته ومواطنته!

ومع مطلع النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي باشروا بتهجير أهاليها ودمروا ما يزيد على 156 قرية كوردية حولها، وجمعوا سكانها في اثني عشر مجمعا أشبه ما تكون بمعسكرات الاعتقال، مبتدئين أول مراحلهم في تعريب الكورد المسلمين وتعريب واسلم الكورد الايزيديين، مانعين بشكل قاطع التكلم باللغة الكوردية أو استخدام الأسماء غير العربية، وتهجير كل من اعترض على ذلك إلى مختلف محافظات العراق خارج الموصل، حيث بلغ عدد العوائل المهجرة من مركز مدينة شنكال ( سنجار ) آنذاك أكثر من 145 عائلة تمت مصادرة عقاراتهم السكنية والتجارية والزراعية بأسعار رمزية وترحيلهم فورا.

لقد مارسوا كل أنواع الإبادة ضد السكان وأشاعوا كراهية مقيتة ضد الكورد المسلمين منهم والايزيديين معتبرين إياهم مواطنين من درجات أدنى ما لم ( يصححوا ) قوميتهم وبالتالي دينهم أو مذهبهم حيث يعتنق المذهب الشيعي أكثر من 60% من كورد شنكال المسلمين، وقد أدت هذه السياسة والثقافة العنصرية إلى إنتاج بيئة تنمو بها عقلية وممارسات داعش اليوم والتي سنأتي إلى ذكر تفاصيل نموها حول القضاء الذي يبلغ عدد نفوسه حسب تقديرات دائرة النفوس ومراجع البطاقة التموينية إلى ما يقرب من ثلاثمائة ألف نسمة، أصبحوا بين ليلة وضحاها بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية خارج المدينة والقضاء برمته لكي تحكم داعش مدينة للأشباح وجثث الضحايا، في مدينة رفضت الحياة مع عصابات وأجلاف الهمجية والبربرية وارتضت الموت والهجرة بدلا من الرضوخ لحكم العنصرية والتخلف والسقوط.

&

[email protected]

&