باستثناء الاخوان المسلمين وبعض انصار التيار السلفي الجهادي وبعيدا عن المزايدات والعنتريات يتلخص موقف الشعب الأردني والأردنيين على اختلاف مشاربهم ومنابتهم، بتأكيد ثقتهم الكبيرة بقائدهم الملك عبدالله الثاني وبالقوات المسلحة وقدرتها على حماية الأردن من اي تهديد ووقوف الشعب خلف القيادة الهاشمية والجيش العربي في التصدي لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها تنظيم داعش الإرهابي أو أي خطر من شأنه أن يهدد أمن واستقرار المملكة.
&
لقد تفاعل الاردنيون مع الأزمة برباطة جأش، وتجاهلوا كل الاختلاف والتباين في وجهات النظر، حيث اصطفوا خلف قيادتهم بقوة وصلابة توحدهم حب الوطن والولاء للعرش.
&
تعددت الاسباب وتناقضت التحليلات والتفسيرات المتعلقة بسقوط الطائرة العسكرية الاردنية فوق الأراضي السورية ووقوع الطيار معاذ الكساسبة رهينة في حوزة تنظيم داعش الإرهابي. آخر التقارير تقول وحسب مصادر اميركية ان الطائرة اسقطت بصاروخ روسي من قاعدة سورية وليس من التنظيم. روايات اخرى تشير الى عطل فني، في حين يشير الطيار في مقابلته التي نشرها التنظيم الإرهابي انها اسقطت بفعل صاروخ حراري. لكن لا يمكن الجزم فعليا ما حدث للطائرة والأسباب التي أدت إلى سقوطها.
&
وفي وقت سابق من صباح الأربعاء 24 ديسمبر أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي إسقاط الطائرة الأردنية واخذ الطيار رهينة ونشر التنظيم صورا له على مواقع التواصل الاجتماعي.
&
وقال الجيش الأردني، في بيان، أنه “أثناء قيام عدد من طائرات سلاح الجو الملكي الأردني بمهمة عسكرية، ضد أوكار تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الرقة السورية، سقطت إحدى
&
طائراتنا وتم أخذ الطيار كرهينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي”.النتيجة النهائية هي أن داعش تحتجز الطيار الأردني.
&
هنا لا بد من التركيز أن الطيار هو رهينة لدى التنظيم الإرهابي الذي لا يراعي أي قوانيين للحرب والسلام وما الحرب عليه من قبل التحالف الدولي إلا بسبب أعماله الإجرامية من قتل وتدمير واغتصاب للنساء والفتيات وبث الكراهية وقيامه بأفعال ضد الإنسانية.
&
منذ اللحظة الأولى أكدت مصادر مطلعة أن غرف عمليات شُكلت منذ وقوع الطيار بأيدي التنظيم أمس الأربعاء على أعلى المستويات ضمت قيادات بارزة في الحكم، وبدأت بإجراء اتصالات مكثفة مع أطراف إقليمية ودولية ومع شخصيات سياسية وعشائرية فاعلة داخل العراق، للبحث عن وساطات، ومناقشة السيناريوهات المتعلقة بمصير الطيار الكساسبة والخروج من الأزمة بأقل التكاليف وهناك جهود حثيثة ومفاوضات سرية غير مباشرة مع تنظيم الدولة الإسلامية لتحرير معاذ الكساسبة.
&
دوليا وقوع طيار أردني رهينة في حوزة عصابات داعش الإرهابية سلّط الضؤ على هذه العصابة الهمجية. ومن المهم التذكير ان داعش هي احدى مشتقات تنظيم القاعدة الارهابية ونمت وترعرعت واصبحت قوة لها وجود على الساحة بتواطؤ اقليمي يتعاطف مع نظام بشار الأسد. وحسب مصادر استخباراتية غربية يمكن وصف داعش باختصار شديد كمشروع سوري اقليمي هدفه الأساسي تشويه واحباط الثورة السورية الحقيقية وخلط الأوراق في المنطقة وحماية نظام بشار الأسد. وقد نجح هذا المشروع حتى الآن في تحقيق هذه الأهداف. وفي مقال تحريري مخصص لمراجعة أهم احداث العالم لعام 2014 أكدت صحيفة الصاندي التايمز اللندنية ان ظهور تنظيم داعش الإرهابي على الساحة "قدم خدمة عظيمة لنظام بشار الأسد" وهو المستفيد الأكبر من جرائم هذا التنظيم وممارساته الوحشية المفرطة ضد المسيحيين واليزيديين وحتى المسلمين السنيين واغتصاب الاناث القاصرات والتجارة بالنساء وقطع الرؤوس والتي أثارت اشمئزاز عربي واسلامي وغربي، حيث انتهى الأمر بتشكيل تحالف دولي لقصف
&
هذا التنظيم الهمجي من الجو والتحق الأردن بهذا التحالف كدولة مسؤولة تقف ضد الارهاب وتحاربه ولا تستطيع الجلوس بانتظار الارهاب الداعشي ليصل الى عقر دارها، حتى لا تقول ياريت اللي جرى ما صار.
&
الأردن وتهديدات داعش:
&
طبعا هناك مخاوف في الأردن ان تنظيم داعش الارهابي قد يحاول اقتحام الحدود ظنا منه انه قادر على احتلال بعض المواقع والمناطق لتأسيس امارة طالبانية تحكم بالشريعة وتعدم الناس في الشوارع وتقطع الرؤوس وتنكل بالمواطنين كما فعلت في الرقة ومناطق اخرى في سوريا بتواطؤ ايراني سوري لكي يظهر نظام الأسد الارهابي كمكافح للارهاب. ولكن اللعبة انكشفت وانفضح الأمر. التعاطف مع داعش قد كان بسبب كره البعض للمالكي وسياساته الطائفية المقيتة والتدخل الايراني لكنهم لا يدركون مخاطر سيطرة داعش على المناطق التي يعيشون فيها.
&
النظام الأردني سمح لكل اطياف المعارضة بما فيها السلفية والاخوان المسلمون ان يمارسوا نشاطهم السياسي في اطار القانون. واي خروج عن القانون يتم مواجهته بحزم من قبل الدولة وبدعم من الشعب الذي يقف خلف القيادة الهاشمية.
&
داعش قد تحاول التحرش بالأردن ولكنها ستتفاجأ برد فعل عسكري قوي قد يثنيها عن اي مخطط غبي تفكر به. الجيش الأردني جيش وطني محترف وليس جيشا طائفيا هشا، حيث يخدم في صفوفه الأردنيون من شتى الأصول والمنابت، متحدون بولاءهم لوطنهم ومليكهم. إن المجتمع الأردني مجتمع متماسك يقف خلف قيادة هاشمية واعية وحكيمة وصلبة، ويثق بأجهزته الأمنية والتي يقدر عاليا ما تقوم به من الحفاظ على الأمن والإستقرار في البلد، وأن هذه الثقة أيضا نابعة من طبيعة عمل الأجهزة الأمنية وتعاملها مع المواطن الأردني بطريقة مختلفة عما تقوم به أجهزة أمنية في دول عربية أخرى وتعاملها بطريقة وحشية مع مواطنيها.
&
سقوط الطائرة العسكرية الأردنية على الأراضي السورية سواء كان نتيجة لسلاح مضاد للطائرات او بسبب عطل فني ليس امرا غريبا او استثنائيا في العمليات العسكرية والحروب ووقوع الطيار معاذ الكساسبة اثناء تأدية واجبه العسكري في أيدي مقاتلي داعش هو أمر مؤسف بحد ذاته ومصدر قلق شديد لذويه بشكل خاص وللعائلة الأردنية بشكل عام. وتعمل الحكومة بقيادة الملك عبدالله الثاني كل ما هو ممكن لاعادة معاذ سالما لذويه. ولكن هذا الحادث المؤسف سوف لا يثني الأردن عن موقفه الصلب في مكافحة الارهاب. الأردن لا يعيش في عزلة عن العالم ويبقى عرضة للارهاب والمتربصين ومن هذا المنطلق سيواصل الأردن دوره في التصدي للارهاب الذي يهدد الأردن ويهدد الأقليات والابرياء.
&
تنظيم داعش ليست دولة مسؤولة تحترم معاهدات جنيف بل عصابة مجرمة مأجورة تخدم دول اقليمية في مشروع خبيث هدفه اخضاع الشعب السوري لحكم بعثي ظالم الى الأبد.
&
اتفق مع التحيلات الغربية والعربية التي تقول ان هزيمة داعش تتطلب تدخل عسكري ارضي لمواجهة تلك العصابات ودحرها والقصف الجوي لوحده لن يحسم الأمر خاصة ان هناك متواطئين اقليميين مع داعش.
&
&
لندن
&