&كثيرة جدا هي الممارسات والعادات البذيئة والبشعة التي تنتشر في مجتمعاتنا المتخلفة بحقّ المرأة دون ان تتخذ اجراءات رادعة وحاسمة لوقفها عند حدّها او على الاقل التقليل منها والتضييق عليها خوفا من اتساعها ومن ضمن هذه العادات القبيحة والضارة غير السليمة في بقاعٍ واسعة من مجتمعنا هي ظاهرة " ختان النساء " طالما ان المرأة عندنا هي المخلوق الاضعف المسلوب الارادة والفاقد للحول والقوة
والغريب ان فقهاء المسلمين يجمعون على ان تلك الظاهرة المشينة هي من سنن الاسلام في الأعمّ الاغلب من فتاواهم وآرائهم ولكي اختزل جملة ماقيل بشأن هذه العادة المتوارثة أقول انها وصفت ايضا& كمكرمة لدى المذهب الحنفيّ والحنبلي وهناك من اعتبرها واجبا عند فقهاء المذهب الشافعي واخرون من المالكيين عدّوها مندوبةً مما يتّضح عند كل الفقهاء المسلمين إنهم استساغوا إجراء الختان للمرأة& والعمل بهِ باستثناء الامام ابن منذر النيسابوري ( ت /318 هج ) الذي عدّه مرفوضا بقوله : ( ليس في ختان النساء خيرٌ يُرجع اليه ولاسنّة تتّبع ) على العكس من ختان الذكور الذي يسمونه " إعذاراً " واعتبر سنّة مؤكدة بالإجماع لدى كل الفقهاء
اما عمليات ختان النساء أو " الخفاض " كما يطلق عليه فقهياً فقد تنوعت في عملية إجرائها ؛ فمنهم من تمادى بالقطع حدّا جنونيا كما في " الخفاض الفرعوني " بحيث يتم إزالة البظر بكاملهِ وليس جزئهِ وكذا الشفرين الصغيرين وهما فلقتا البظر ومعظم الشفرين الكبيرين ومنهم من عمل على خياطة الجانبين لقفل فتحة المهبل مع إبقاء فتحة ضئيلة لخروج السائل البولي ودماء الحيض
وهناك طرائق أخفّ وطأةً مما يطلق عليه بالختان الفرعوني الأشدّ قساوة وهي قطع جزء من الشفرين الكبيرين واستئصال مقدمة البظر استرشادا بقول النبي محمد (ص) حين رأى الخافضة أم عطية تعمل على ختن احداهن وخاطبها قائلاً " أشمّي ولاتنهكي فانه احظى للزوج وأسرى للوجه " وكأنه رأف قليلا بقوله " ولاتنهكي " للتقليل من استئصال شأفة البظر والشفرين
هذه الظاهرة بدأت بالانتشار في الاونة الاخيرة مع تصاعد المدّ الاسلامي واتساع الجهل وضعف الحملات الهادفة للتوعية حتى عمّت الوطن العربي& وأجزاء كبيرة من افريقيا ووصل الامر ان من لايختن إناثه يصاب بالعار والعيب وهناك من المجتمعات العربية وبالأخص في السودان والصومال -- كما ايقنت -- مَن يهزأون ببعضهم البعض حين يتأكدون من ان امهاتهم غير مختونات بعبارات كلها سخرية وشتائم وكأن من لايختن نساءه يصيبه العار والذل والمهانة
نظرا لخطورة واتساع هذه الظاهرة والتي تمارسها مايقارب الثلاثين دولة فقد عملت الامم المتحدة على تخصيص يوم 6/ فبراير من كل عام يوما عالميا لمكافحة الخفاض او مايسمى ختان النساء وساهمت منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف بهذا الشأن نظرا لان الخفاض يطال الصغيرات اللائي لايتجاوزن العاشرة من العمر في عمليات غاية في الوحشية وتشويه الاعضاء التناسلية للطفلة والأدهى ان هذه الممارسات بدأت تنتشر بشكل مخيف في بلدان لم يسبق ان مورست فيها هذه الظاهرة من قبل بعد ان كانت محصورة في الشرق الاوسط وأجزاء كبيرة من افريقيا وبالأخص مصر التي تعاني كثيرا من هذه الممارسة الموغلة في القدم وليس هناك من آمال للقضاء عليها على الاقل في الوقت الحاضر حيث يمارس اقصى انواع الخفاض الذي يسمى الختان الفرعوني القاسي كما ذكرنا دون اية دواعٍ وأسباب موجبة سوى انها تقليد لعادة متوارثة . ومايقال بان المرأة " فُضّلت على الرجل بتسعة وتسعين جزءا من اللذّة ولكن الله ألقى عليهن الحياء " كما ورد في الحديث النبوي وادّعاءات ان النساء يتحصّلن على الشهوة من وسائل اخرى ومتعددة غير الجماع المهبلي ولديهن العديد من الحالات التي توصلهنّ الى الارتعاش فان الحال لايعدو كونه تبريرا فجّا وغير مقنع لقطع اجزاء واسعة من البظر ومن شفرتيه للتخفيف من التأجج الفائض فيهن ولابدّ من الخفاض لتهدئته وفق دعاوى المروّجين للختان
ففي تقرير قرأته مؤخرا عن هذه الممارسة أثار فزعي ان اكثر من 30 مليون فتاة قد تم ختانهن عنوة خلال القرن الفائت بشكل متعسف وغاية في الوحشية دون ان تستند الى فوائد صحية وبوسائل بدائية من خلال استعمال الموسى او السكاكين والشفرات الحادة جدا غير المعقمة ، ونظرا لان اليونسيف هي المعنية اكثر بهذا الفعل المؤذي خاصة اذا عرفنا ان غالبية المختونات هن من الاطفال مما يعرضهنّ للموت جراء النزف الدموي وخاصة للطفلات حديثات الولادة وهناك من مورس عليهن الخفاض وهن دون الخمس سنوات ، وقد حذرت مؤسسات الامم المتحدة بان اكثر من 125 مليون فتاة وامرأة قد تتعرض لعمليات تشويه الاعضاء التناسلية الانثوية خلال العقد المقبل اذا بقينا مكتوفي الايدي، مكمّمي الأفواه& ولم نضع حلولا جذرية ناجعة لردع هذه البذاءات التي لايوجد فيها ايّ مردود صحي بل بالعكس فهي تولّد ضررا عميقا في الجانب النفسي للمرأة وسلب ماحباها الله من متعة اضافة الى احداث تشويهات في خِلقة المرأة وأجهزتها التناسلية واقلّ مايقال عنها انها ضرب من ضروب التعذيب النفسي والجسدي ويثير في المرأة الاحساس بالدونية عن الرجل وجعلها آلة للجنس والمتعة للرجل وحده دون ان تشاركه الامتاع سواء بسواء والاّ فما معنى ان يقطع كل او جزء من تلك الاعضاء التي تحتوي على الكثير من الاعصاب والأنسجة ومراكز الحساسية الجنسية
والمثير للدهشة ان الخفاض الذي يمارس الان لم يقتصر على المسلمين وحدهم ففي شمال افريقيا ومصر وبعض دول وسط افريقيا& يمارسه المسيحيون ايضا تماما كما مارسه السلف الاقباط قبلا في مصر القديمة ايام الفراعنة ومازالت هذه العادة قائمة على الرغم من المناشدات الكثيرة وحملات التوعية للتنبيه على مخاطرها الصحية والنفسية على المرأة وقد لا اغالي اذا قلت ان بعض يهود الفلاشا في افريقيا مازالوا يختنون أناثهم بالطريقة الفرعونية القاسية
أتذكر انه جمعتني ظروف العمل الأكاديمي في احدى البلاد العربية بأستاذ زاملني طويلا وهو متزوج من امرأتين ، الزوجة الاولى الأكبر من ضرّتها الصغيرة غير مختونة والثانية الصغيرة اليانعة& مختونة وحين يمارس الجنس مع حليلته السليمة يفصح لي انهما يصلان الى ذروة الانسجام والهارمونية ويبلغان حالة الرعشة سوية ويرتويان معا حدّ الذروة ثم تنطفئ رغبتهما وينامان هانئين سعيدين دون ان يعكّر صفوهما شيء بينما الأخرى المختونة التي تصغر الاخرى بسنوات والتي يميل اليها اكثر وهي الصبيّة المشتعلة شباباً فكانت تؤرقه وتنهكه اذ عليه ان يطيل مداعبتها ويجاريها أطول فترة بالقبلات والدلال والمغازلة لتأجيجها وكثيرا ما يفترقان في الوصول الى الذروة الجنسية فهو يسبقها دائما في القذف وتنطفئ رغبته بعد تعبٍ شديد بينما تظلّ هي تطلب الايلاج والإطالة الى حدّ الهلع والإلحاح متهمةً اياه بالأنانية وتصبّ جام غضبها عليه في كل حالة جماع معها مع انه دائم الاقتراب منها والنوم معها&
تُرى كم من الملمّات والعنت والإيذاء تصاحب هذا الجنس الناعم الجميل الذي يبهج حياتنا ؛ فمنذ اول يوم تخرج فيه للحياة تبكي واذا بُشّر ابوها بولادتها يظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم حتى تبلغ العاشرة من عمرها او أقلّ يسرعون في تزويجها بعد ان يختنوها ويسلبوا شهوتها التي وهبها الله لها وهي مازالت قاصرا وكأن العيب والعار يلاحقها وحدها دون الذكَر الذي يفعل مايشين وما يُخزي ومع ذلك يوصف بالرجولة والمهابة والعزّة
ويبدو ان تهميش النساء وعدم ايلاء الاهتمام بهن مقارنةً بالذكور بحيث تصل الى كراهيتهن احيانا تبقى تطال إناثنا سواء كنّ صغيرات ام كبيرات وهل اكثر دلالةً مما تضمّن مثلُنا الشعبيّ الدارج في عموم وطننا الغارق في التخلّف " مكروهة وانجبت بنتاً "
&
التعليقات