انتخابات تنتهي بفوز لأغلبية ساحقة ونجاح لمشروع الحملة المضادة التي بدأ بها أردوغان بعد الانتخابات التي خرج منها بخسارة مروعة، هدفها الاطاحة بكل القوى والأحزاب التي تلعب في الطرف الآخر من وجهة نظره وحاشيته، مع العلم بسلطويته وجنونه بالعظمة، والمعروف عنه بانفراده بالحكم في حكومته وحتى في حزبه، والله أعلم إن كان حاكماً في منزله، لأن التاريخ وطب النفس أثبتوا أن الشخصيات السلطوية تكون بالأساس ضعيفة ضمنياً وخاصة في حكم نسائهم وعائلاتهم.
يجب ان نقول الحقيقة حتى ولو كانت مرّة، لقد لعب اردوغان مع داؤود أوغلو اللعبة بحنكتهم السياسية المعهودة المبنية على استعمال جميع الطرق المشروعة والغير مشروعة على كافة الأصعدة والمستويات، من أجل تحقيق حلمهم في إعادة السلطنة والعثمانية من جديد والفكر الذي هم مقتنعين به تماماً، ألا وهو أنهم القوة التي ويجب أن تحكم العالم، ولم يخفوا هذا لا بل كان علناً.
لقد لعبها الرجل باستعمال كل الأساليب، وتحت أسماء عديدة، منها محاربة الإرهاب في الوقت الذي هو فيه الطرف الأكبر في تغذية وتصديرالإرهاب من إلى المنطقة، وعلى أساس قومي وعرقي واضح في اضطهاد وقتل وقصف وتشريد شعوب المنطقة والاتجار بهم، وعلى أساس ديني وهو من أكبر تجار الدين والمتخفيين تحت غطائه، والاعتقالات التي قام بها تجاه كل من طالب برحيله وحكومته، واقليمي دولي متعلق بمستقبل المنطقة والشرق الأوسط، ودول لها مصالح مرتبطة ببقائه على وفي سدة الحكم لتسيير أمور له فقط القدرة على تيسيرها وتسيرها، فالرجل يملك امكانيات لا يملكها غيره، ويجب علينا الاعتراف بهذا... وعلى أساس بداية انهيار أمن واستقرار البلاد الذي أدخل الشعب والبلاد فيه، وأوهمهم على أنه وحده هو " أردوغان" القادر على تحقيق الأمن والاستقرار، على حد قوله، هذا طبعاً بعد التفجيرات الأخيرة التي حصلت في تركيا... أساليب مخابراتية بحتة، طبعاً لا ننسى التزوير في انتخابات كهذه وبشكل لا يتوقعه العقل.
مفتاح الدولة والأموال الذين بحوزتهم كان له أيضاً دور هام في اضافة النقاط لصالحهم، والاقتصاد المنهار والتخوف من قبل كبار رجال الاعمال واصحاب الشركات من المجهول أعطى السيد اردوغان دفعة اضافية، مع ما يجري من صراع ودمار في المنطقة وبالأخص في سوريا، والذي كان سببا من الأسباب الأساسية والرئيسية في استمرار هذا النزاع وما زال هو السيد أردوغان.
وأيضاً على اتفاقات داخلية حزبية ونوعية لاحزاب معينة، ووعود مستقبلية، ببناء دولة تركية قوية وكبيرة مبنية عل أربع قواعد. في حين كانت خمسة قواعد منذ فترة قصيرة ولا أعرف سبب إلغاء أردوغان لقاعدة من هذه القواعد، والتي تعتبر أهمها بالنسبة له على حسب تصريحات سابقة... " دين واحد "...
القواعد الأربعة التي صرح بها أردوغان عقب فوزه في الانتخابات الأخيرة... علم واحد، شعب واحد، دولة واحدة، ووطن واحد.&
حق مشروع لأي شعب وأية دولة، إن كانت أصلاً هذه الدولة لم تبنى على أراضي دول وجثث شعوب أصحاب هذه البلاد.
وهناك أيضا نقاط أخرى منها، قلة تجربة بعض الأحزاب سياسياً، وبالأخص قلة تجربة حزب الشعوب الديمقراطي في مجال اللعبة الانتخابية، والتي كانت لها نتيجة سلبية عليهم، والذي أستغله أردوغان بحنكة.
هذا الحزب متعدد الشعوب الذي حقق نجاحاً باهراً في الانتخابات السابقة، وضِع أمام خيار صعب باتهام أردوغان لحزب العمال الكردستاني بالتفجيرات التي وقعت اخيرا في تركيا، والذي أحرج صلاح الدين ديميرتاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي. فبقائه صامتاً حيال ما قاله أردوغان بما يخص هذا الاتهام، أفقد جزءاً من الأتراك والأكراد المحافظين ثقتهم بديميرتاش، ومواضيع أخرى شائكة تطرق لها ديميرتاش في خلط الأوراق ما بين الدولة والحكومة، وطبعاً موضوع الدين، في مجتمع منغلق تماماً في مناطق كثيرة من تركيا، وأخرى محافظة وطبقة ليست بقليلة من المثقفين جعل الكثير من هؤلاء الذين صوتوا له ولحزبه بسحب ثقتهم والعودة للتصويت لاردوغان...
ولكن... هل ستنقلب هذه اللعبة على أردوغان، لينتقل من موقع الرابح بجدارة إلى الخاسر الأكبر؟&وهل سيحترق بالنار الذي أشعلها؟.. أم سيحقق حلمه ويصبح السلطان؟
حقبة جديدة ستبدأ، وأسلوب جديد مع الحفاظ على العقلية ذاتها، ودائرة الدمار ستتوسع.
بعد استقراء صغير لما يجري في الشرق الأوسط مع فهم عقلية دول الجوار ونوعية شعوب المنطقة، والأسس التي قامت عليها هذه الدول، والسياسة الخارجية للدول المستفيدة من استمرار ما يجري في المنطقة، ومطامع الدول الاقليمية والدولية نصل إلى متاهة معقدة نجد أنفسنا ضائعين فيها، نجد حسابات متشابكة من الممكن أن تتغير فيها الأوراق في كل وقت على حسب الطلب والمتطلبات... والقادم من، والدور على من؟.. لا أحد يعرف الجواب، وحتى أصحاب اللعبة والذين وضعوها، أصبح من الصعب عليهم أن يقرروا من هو التالي وكيف ستسير الأمور، طبعاً الاستراتيجيات والسيناريوهات للدول الرئيسية المتحكمة بقوانين اللعبة تبقى دائماً موجودة وجاهزة، قيد التنفيذ.
التعليقات