ستة أشهر لتشكيل حكومة انتقالية و ثمانية عشر شهراً لإجراء انتخابات مع تغيير للدستور هذه هي التوصيات التي تمخضت عنها اجتماعات وزراء خارجية الدول المعنية بالشأن السوري في فيينا مؤخراً.&
لكن التطبيق على أرض الواقع يختلف كثيرا عن التصريحات التي لا تقدم من الأمر شيئا بل على العكس فإنها تزيد من عمر الصراع و تعطي آمالاً زائفة حول إمكانية بناء جسر حقيقي يعبر من خلاله السوريون إلى بر الأمان . الخلاف كان واضحاً بين كل من لافروف و كيري في مؤتمرهم الصحافي الذي ضَمّ أيضا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية دي ميستورا ,ما يعني( دق المي.. و هي مي) . الموقف الروسي و الإيراني لا يزال على حاله إن لم يكن أشد إصراراً من ذي قبل حول مسألة بقاء الأسد في السلطة, وانفصام الوزير الروسي عن الواقع كان جلياً من خلال دفاعه عن الأسد في مواجهة نظيره الأمريكي حيث ادَّعى :بأن تنظيم داعش كان موجودا منذ عشر سنوات و الأسد ليس له يد في نموه و تعاظم شأنه, متناسياً أن داعش قد تأسس من بقايا ضباط نظام صدام حسين في الفلوجة و أن النظام السوري كان أول الداعمين لهم إبان سقوط العراق ليس محبة بهم بل لكي يتورط الأمريكيون في مستنقع العراق , بذلك يحمي نظامه من أن يواجه المصير نفسه الذي واجهه صدام حسين. كما أن ادعاءات كل من روسية وإيران بأن الشعب السوري هو من عليه أن يقرر مصير الأسد هي ليست سوى عملية ضحك على الذقون فمثلما لم يكن للسوريين دور في حوارات فيينا ,لم و لن يكون لهم دور أو رأي في ظل حكم آل الأسد الشمولي . كل الدلائل تشير إلى إفتقاد الإرادة الدولية للقيام بعمل حاسم ينهي معاناة السوريين. استمرار التعنت الروسي و الإيراني مقابل استمرار كل من تركية و السعودية بدعم الفصائل المسلحة فإن القتال سوف يستمر بالوتيرة نفسها إن لم يكن أشدُّ وطأة.
&بعد ذلك بيوم واحد في اجتماع قمة العشرين الاقتصادية في أنطاليا التركية, تم التركيز بشكل عام و في لقاءات هامشية ثنائية على ضرورة توحيد الجهود لمحاربة تنظيم داعش الارهابي مع غياب تام لرسم أية استراتيجية حقيقية للقضاء على عوامل نشوء الإرهاب وأسباب و جوده و نموه.
للأسف لا مناص من انتظار قوة تدخل خارجية مُجدية , فَعَّالة للانتصار على الاستبداد و السبب الرئيسي في ذلك هو اعتماد نظام الأسد نفسه على قوة دولية كبرى مثل روسيا و أخرى إقليمية مثل إيران للبقاء في السلطة و بما أن الرئيس الأمريكي الحالي انتهج منذ توليه السلطة سياسة النأي بالنفس في سبيل إبعاد المجتمع الأمريكي من مخاطر اصطدامات جديدة مع الحركات الاسلامية المتطرفة و لأن القوى الغربية الأخرى اعتادت أن تنتظر مبادرة الأمريكيين دون يكونوا هم أصحابها فليس على السوريين سوى الانتظار عاماً آخر و قدوم رئيس أمريكي جديد , لا فرق حقاً إن كان من الجمهوريين أو الديمقراطيين ففي أسوأ الأحوال لن يأتي رئيساً أضعف من الحالي ,حتى وزيرة خارجيته السابقة هيلاري كيلنتون و المرشحة لرئاسة البيت الأبيض .لم تكن متوافقة مع سياسته السلبية حيال الأزمة السورية.
فرنسة كانت الدولة صاحبة المواقف المتميزة عن غيرها من الدول الأوروبية من حيث إصرارها على ضرورة تنحي الأسد لتثبيت دعائم السلام في سورية , القضاء على الحركات الإرهابية و ربما هذا ما يفسر سبب الهجمات الإرهابية الموجهةِ ضدها و التي كانت ضحاياها مواطنين مدنيين أبرياء , في الوقت نفسه فإن هجمات باريس تعكس أيضا سلبية تعاطي الغرب مع الأحداث في المشرق, أكبر مثال على ذلك هو ترك الحبل على الغارب في سورية و العراق.
نستخلص مما سبق ذكره حول السياسات الرخوة لكل من أميركا و الغرب حيال الملف السوري بأن روسية سوف يكون لها اليد الطولى في إدارة الأزمة وهي التي تريد بقاء الأسد في كل الحكم أو جزء منه و أفضل التوقعات سيكون حلاً على الطريقة اليمنية (حلاً) أدخل اليمن في دوامة من الصراع الدموي, حيث مكافأة المجرم علي الصالح , معالجة حروقه و مَنحهِ ضمانات الحَصانة,جعلته يتمادى من خلال استمراره في القتال مندفعاً برغبة الإنتقام و شهوة العودة للسلطة .
السوريون عليهم الانتظار عاماً آخر و حاكماً جديداً في البيت الأبيض .
&
ستوكهولم
&
التعليقات