&
تعتبرالتطورات السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية التى تحدث فى العديد من بلدان العالم موشرا على حيوية هذه المجتمعات . وهذه التطورات عادة ماتكون مرتبطة بوقائع &اجتماعية داخلية &تدفع باتجاه الرغبة لاحداث تغيير فى واقعها. وبالتالى البحث عن بدائل جديدة &للخروج من ازماتها .وغالبا ماتتم هذه التحولات باستخدام ادوات سياسية قادرة على اعادة &تقييم الواقع الموضوعى لكيان الدولة والمجتمع. وان تضع اولويات. ومناهج. ودراسات قابلة للتطبيق. لايصال الدولة الى حالة من الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى &(اعادة التوازن). والذى يجلب امكانية تحقيق ازدهار اقتصادى حقيقى تنهض من خلاله مجمل عملية التحول. وما قد يرافق ذلك النهوض بالتاكيد. من تغيرات فى البنية السياسية والاجتماعية لتلك المجتمعات والتى تجد &فيها الطاقات البشرية والموارد دورا فى عملية التطوير.ان التحولات فى اى مجتمع هى عملية مستمرة .وان طال زمن ركودها .اذ ان هذا الركود. غالبا مايضخ فى كيان الدولة والمجتمع اسباب اضافية لضرورة احداث التحولات المطلوبة.لقد كانت التحولات الكبرى التى حدثت فى المجتمعات البشرية منذ فجر التاريخ تاخذ منهجا يعتمد اساسا على مجاميع اجتماعية صغيرة فى العادة .منظمة تنظيما جيدا .تتمتع بقدرات نفسية وفكرية محددة.ولها ادواتها . على اتخاذ قرارات حاسمة ومصيرية فى لحظة تاريخية معينة .تخوض على اساسها تجربة &التحول. والتى غالبا ماكانت تتم باستخدام وسائل عنفية .حدث ذلك فى مراحل عديدة من التاريخ .ولازال العديد من دول العالم يعانى من هذه الظاهرة التى غالبا ما تاتى بمنتصرين جدد يتربعون على هرم السلطة .مبتعدين تدريجيا عن الاهداف التى دفعتهم الى ما قاموا من اجله.مبررين مايحدث بمفاهيم مبتكرة غايتها التضليل على حقيقة " ان التغيير يجب ان يكون شاملا ومنصفا للجميع بحيث يتيح لكل فئات المجنمع تحقيق مصالحها الاقتصادية والاجتاعية من خلال التطور الشامل الذى يفترض ان يرافق التغيير"ذلك التضليل الذى عادة ما يرافق التغييرات الكبرى والعميقة فى كيانات المجتمعات .والذى يتخذ شكل دورات منتظمة من القمع الفكرى لاى راى او فلسفة. يعارض االقادمين الجدد . حيث تلعب الطبيعة البشرية فى الرغبة للاستحواذ.على المغانم دورا عميقا وان كان متخفيا .فى وضع التغيير كله فى مهب الريح..لكن هذا الاخفاء لحقيقة النوازع الكامنه لدى القائمين على التغيير يظهر عادة فى مراحل لاحقة &.وغالبا ماكان استحواذ الفئات الجديدة القادمة على ما كان يملكه من سبقهم .من ثروة او سلطة او سلاح هوالتفسير المباشر لتلك الرغبة فى الاستحواذ .وفى احيان كثيرة كانت هذه التغييرات تحرف كثيرا عما بدات به. او نادت بااحداثه .ليتحول فيها المضطهدون الى مضطهدين جدد.وكان ذلك نوع من الدورات التاريخية للاحلال السياسى لفئة محل اخرى.وهذا مايحدث فعلا فى العديد من بلدان العالم &.فاين تكمن النقطة التى يبدا فيها الانحراف ؟ .وقبل الحديث فى بدايات حدوث الانحراف لابد من التاكيد .ان من فكروا. او خططوا.او نفذوا. عمليات التغيير فى فى مجتمعاتهم.كانوا على دراية بما يحدث من حولهم .بعضهم قد يكون ممن عاش فى الظل .واخرون كان لهم تيارهم الفكرى الواضح من خلال طروحاتهم الفكرية .واخرون كان قريبين من السلطة ذاتها التى انقلبوا عليها .ولكن جميع هولاء كان يجمعهم هاجس واحد .نجاح او فشل مايرومون تحقيقه .وماهى النتائج. دون النظر الى عواقب ذلك على انفسهم شخصيا .فهم مضحون فى سبيل فكرة او مبدا له غايات تمتد الى ابعد منهم. فهى تمتد الى المجتمعات التى جاءوا منها .وفى الغالب تكون هذه المجتمعات معدمة فقيرة .وهذا بالتاكيد لاينطبق على من جئ بهم الى السلطة بكل تاكيد. ان النشاءة الاولى والتكوين الفكرى والنفسى للاشخاص الذين قدر لهم ان يلعبوا دورا مهما فى تاريخ شعوبهم غالبا ما يطفوا على السطح بعد تمكن المشاركين فيه من ممارسة السلطة الفعلية .ولذلك كان من الطبيعى ان تخلد الشعوب اولئك الذين غادروا مواقعهم فى السلطة دون ان يورثوا شيئا يذكر .ان معظم الانحرافات تبدا فى مرحلة التحالفات .وتاجيل النظرفى ملفات الاختلافات .وهذا يعنى ان التغيير سيكون منذ بدايته محفوفا بالمخاطر .ومعرض للنكوص فى اية مرحلة قادمة . وهذا مايحدث دائما &عبر التاريخ .اذ ما ان ينجح التغيير المرتقب وتؤؤل الامور للقادمين الجدد .حتى تبدا مرحلة من التصفيات للخصوم والصراعات لفرض راى واحد محدد يتبعه الجميع .اى ان موضوعة الحوارات السلمية ذات الغايات الخالصة لمصلحة عموم المجتمع ستغيب. او على الاقل ستكون غير فاعلة على الاطلاق. اذ لاتفاهمات حقيقية. يجرى على ضوءها التباحث فى الخطوات اللاحقة .اذ ان معظم المشاركين فى التغيير.ان لم يكن كلهم. غالبا مايكونوا بعيدين كل البعد عن الديمقراطية .وحرية الراى. والانفتاح. وتقبل الراى الاخر. ولكن على الضد من ذلك كلة. كان هناك على الدوام تمجيد لعبقرية الاشخاص. او المفاهيم. اوالاراء. ومحاولات مستميته لاضفاء القدسية على النصوص. ودمج الدولة فى الاحزاب .او الحزب الواحد. والدكتاتورية .وهذا ادى بطبيعة الحال الى ضمور الشعور بان مايحدث تغييرا لصالح المجتمع .وان انتظار تغيير قادم امر لابد منه .مالم يتم تدارك الاحداث والمستجدات ومعالجتها .كما ان الخوف او التخويف من فشل الحركات الاجتماعية المنادية بالتغيير.والدفع بمفاهيم القيادة التاريخية. وتاجيل العمل الحر. الديمقراطى الحقيقى داخل هذه الحركات .بحيث تنشا وتنمو فى ظل ديمقراطية حقيقية داخلها. بدعوى الحفاظ على تماسك هذه الحركات الاجتماعية وعدم تفتت جهدها السياسى ,كان ايضا موشرا على بداية الانحراف والاخفاق المستقبلى المتوقع .ولقد كان من نتائج ذلك تلك الانشفافات الطولية فى الحركات الاجتماعية والسياسية على مر التاريخ .وربما كان معروفا للجميع ان غالبية الحركات الاجتماعية او السياسية التى كانت تقود التغيير فى مجتمعاتها .كانت بعيدة كل البعد عن وضع برنامج مستقبلى لما ستقوم به .او ستنجزه بعد نجاح التغيير .وهذا ما اضاف المزيد الى رصيد الانحرافات فى عملية التغيير.اذ ما ان يصل القائمون على التغيير الى السلطة والحكم فعليا .حتى يبدوا فى التعثر فى وضع العديد من البرامج التى من شانها وضع المجتمع على طريق التغيير الشاامل .ان معظم التجارب التاريخية فى التغيير.ان لم يكن جميعها . ربما اعتمدت على مبدا الفعل ورد الفعل .اى مبدا التجريب.وانتظار نتائج الفعل السياسى او الاقتصادى او الاجتماعى .دون دراسة وتخطيط مسبقين والذى كان يودى الى هدر فى المال العام . والوقت. لكسب الصراع من اجل التغيير.والذى كان يتيح للقوى المضادة والتى لازالت فاعلة فى معظم موسسات الدولة . من الانتهازيين. واصحاب المصالح الفئوية الضيقة. والمنتفعين من البيروقراطية. وعدم توفر الكوادر الضرورية لقيادة موسسات الدولة. بفاعلية وادارة دفتها باتجاه توطيد التحول.الى ترتيب صفوفها ولملمة ولاءاتها والبدء بالعمل لانهاء التغيير . ومن سخرية التاريخ &ان يكون جل من سبق ممن منحت لهم قيادة &الدولة بالمجان .وعليه يكون من الاجدى بالاسراع فى التغيير من الداخل .من القاع صعودا الى القمة .وارساء قيم الديمقراطية وموسساتها الدستورية الواضحة التى لالبس فيها لكى لايترك المجال للمْولين والمفسرين الفرصة للتلاعب بالتشريعات .والقرارات. وقيم الدستور والتى هى ملزمة للجميع .وحرية الراى.والراى الاخر. فى تفاعل حقيقى. له غايات واضحة .تخدم عملية التحول.ان اى تغيير له اهداف ظاهرية وشعارات وتمنيات تسبقه .يلتف حولها الكثير ممن يرون فيه تحقيق لمصالحهم .ولقد كان ذلك ظاهرا للعيان على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن .ولكن النتائج التى خرجت بها عمليات التغيير عبر التاريخ وبخاصة العربية منها جاءت بنتائج غالبا ماكانت محبطة للكثير .رغم ان كل شى قد يكون واضحا فيما لو تم التاكيد منذ البداية على ضرورة ارساء اسس عملية التغيير المستمر.وهى واضحة .لكن التغاضى عن الكثير من هذه الاسس اضاع الفرصة التاريخية فى وضع تلك المجتمعات على الطريق الامثل لبلوغ الغايات .لذا كثيرا ما كان يرافق عمليات التغيير ذلك التسويف والمماطلة والتركيز على جنى المكاسب .والهروب من حقيقة ان مايحدث مسوولية كبيرة .وعلى القائمين عليها تحمل تكاليفها. والتنازلات الصعبة التى تدعمها ..وبالنسبة لبلد مثل العراق .حدث فيه تغييررغم انه فرض عليه من الخارج .الا ان السنوات التى مرت وهى ليست بالقليلة.لم تكن كافية . ليدرك الذين تسنموا قيادته اهمية وضع برنامج واقعى. قابل للتطبيق. يحقق الازدهار الذى كان شعار القادمين من المنافى. .ولذلك كان الوقوع فى نفس الاخطاء التاريخية التى وقع بها من سبق وان نادوا بالتغيير امر حتميا .وببساطة لايمكن ان يكون التغيير فوقيا فقط .بل لابد له من اسس يتم بناءها على ضوء اخفاقات التجارب السابقة .اذ ان بوسع الدولة ان تفرض الكثيير من التشريعات التى قد تجد من يرفضها او حتى يقاومها فى البداية ولكن الى حين .ويكون البدء من الشارع الى المدرسة الى الدوائر الخدمية والمصانع وصعودا فى درجات هيكلية الدولة .هى الخطوة الاولى والاساسية فى ارساء قيم الديمقراطية والحرية .واحترام القوانين والدستور ..فلقد كانت الديمقراطية وقيم الحرية.اهداف معلنة فى ادبيات من يتصدون للقيام بذلك فى العراق .ومنذ زمن بعيد جدا . ولكن واقع ماجرى يوكد انتهازية الكثيرين ممن لم يكن لهم دور فى اسقاط نظام البعث .وسعيهم الحثيث للسيطرة على مقدرات الدولة &العراقية .واشاعة فوضى &القرار .وصولا الى نظام سياسي يستمد وجوده من توازن الدعم الخارجى لهذا الطرف او ذاك. وربما يعى البعض ان ازاحتة عن السلطة قد تكون اسهل بكثير من ازاحة من كان قبلة.وان اعادة التوازن السياسي والاجتماعى والاقتصادى والنهوض بمجمل الواقع البائس الذى وصل اليه العراق افضل بكثير من ضياع فرصة .فقدها قد يطيح بعملية التحول برمتها .
&
&