بمناسبة حلول عيد رأس السنة الإيزيدية خرج رئيس إقليم كردستان السيد مسعود بارزاني أمس على الإيزيديين "مهنئاً" إياهم بالقول: "الكورد الايزديون، نموذج حي لصمود شعبنا وشجاعته حيث بالرغم من كل المحاولات التي جرت وتجري لإبادتهم وصهرهم لم يتمكن أي من الأعداء الظفر بهم. عليه وبالرغم من كل الأعمال الوحشية واللاإنسانية التي مارسها إرهابيو داعش خلال إحتلالهم لمنطقة شنكال، لم يتمكنوا من تحطيم إرادتكم انتم الأعزاء. ان مقاومتكم وصمودكم أصبحت رسالة للأعداء قبل الأصدقاء مفاده أن الأيزديين جزء لايتجزأ من شعب كوردستان، ومن اجل ذلك تطوع المئات من أبناء كوردستان من خانقين والى زاخو وحملوا سلاح البيشمركايتي وهبّوا لتحرير منطقة شنكال، إستشهدوا في هذه الأرض وسكبوا الدماء الزكية دفاعاً عنها. ان دماء أولئك الشهداء رسالة واضحة بأن مهما جرت المحاولات فإن لا احد يستطيع استقطاع الكورد الأيزديين من شعبنا. والآن وفي ظل بسالة وبطولات البيشمركة فإن أغلب مناطق شنكال تحررت من إرهابيي داعش، ونطمئنكم بأننا سنحرر كل شبر من أرضنا من الإرهابيين، وأن معاناة الأخوات والإخوة الكورد الأيزديين ستنتهي وسيعودون الى ديارهم مرفوعي الرأس معززين مكرّمين، ونطمئنكم بأن البيشمركة ستصبح السور الفولاذي لحمايتكم وكل مكونات كوردستان. في ذكرى رأس السنة الأيزدية نؤكد بأننا ندعم بكل ما اوتينا من قوة الأخوات والإخوة الأيزديين، وعليهم ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم ولا نسمح لأحد ان يقرر مصيرهم، ونحن مصرون على الدفاع عنهم وتأمين مستقبلهم بعيداً عن المحن والإضطهاد". انتهى الإقتباس.
سيادة الرئيس،
بعد التحية والسلام..
كنت أتمنى عليكم أن تخرجوا على الإيزيديين لتطيّبوا خاطرهم بالإعتذار إليهم عما حصل لهم تحت حكمكم، من قتل بالجملة، وسبي لنسائهم وبيعها في أسواق النخاسة الداعشية بالجملة، وخطف لأطفالهم وشبابهم وشيوخهم بالجملة، وتدمير لوجودهم الكردي الأصيل بالجملة، بإعتباره أول جينوسايد في القرن الواحد والعشرين، وأن تكشفوا للرأي العام حقيقة "الإنسحاب التكتيكي" وسرّ هروب قادة حكومة حزبكم في شنكال، بدون أي مقاومة، لتظهروا للعالم بأنكم بالفعل "رجل دولة" و"قائد شعب"، لا زعيم لحزبٍ أثبت فشله الذريع في التعاطي مع القضية الإيزيدية، بإعتبارها قضية شعب يعيش تحت خطر التهديد بالزوال.
سيادة الرئيس..
تتحدثون في رسالتكم مادحين "بطولة الإيزيديين ووشجاعتهم وصمودهم في وجه داعش"، في الوقت الذي لم يمضِ على اعتقال أحد ابرز رموز هذه البطولة وتلك الشجاعة وذاك الصمود، حيدر ششو، أيام معدودات، بأمر مباشر من سيادتكم، وزجه في زنزانة واحدة مع خمسة من الدواعش، بتهمة "تهديد الأمن القومي الكردستاني"!
أيّ كردستان هي تلك، التي يتساوى فيها الجلاّد والضحية يا سيادة الرئيس؟
عن أي "تهنئة" لأية بطولةٍ وأية مقاومةٍ وأي شجاعةٍ وأي صمودٍ تتحدثون يا سيادة الرئيس، ورموز البطولة والمقاومة والتضحية والشجاعة الإيزيدية، على عادة كردستان وعرفها، هم "خونة" و"عملاء" و"مرتزقة خارج القانون" و"خطرين على الأمن القومي الكردستاني"؟
سيادة الرئيس، مشكلة خطابكم العاطفي إلى الإيزيديين بخاصة وكردستان بعامة، كلّما تعلّق الأمر بشنكال ما بعد الثالث من أغسطس 2014، هي أنكم تقفزون فوق الأسباب إلى النتائج.
"شنكال النتيجة" باتت معروفة للجميع، لكن ماذا عن "شنكال السبب" يا سيادة الرئيس؟
"شنكال المسرحية" عُرضت فصولها أمام أنظار العالمين، ولكن ماذا عن "الأبطال الممثلين" فيها، وماذا عن أدوارهم يا سيادة الرئيس؟
"شنكال الضحية الكبرى" باتت ماركةً مسجلةً بإسم الإيزيديين، ولكن ماذا عن الجلاد و"المنسحبين التكتيكيين" يا سيادة الرئيس؟
سيادة الرئيس..
مشكلتكم ك"راعٍ لرعيّة" مع أكرادكم الأصلاء الإيزيديين، هي أنكم تتحدثون عنهم، لكأنهم ما دون البشر، يعيشون على هامش العالم، هامش التاريخ، هامش الجغرافيا، هامش الثقافة، هامش الدين وهامش الدنيا.
هؤلاء بشر يا سيادة الرئيس!
هؤلاء بشر من لحم ودم يا سيادة الرئيس!
هؤلاء "أبناء" الله، مثلهم جميع العالمين يا سيادة الرئيس!
سيادة الرئيس..
مشكلتكم كرئيس لكردستان لا تزال جزءاً من العراق، مع "الإيزيديين المستقطعين" من كردستانهم، هي أنّكم تتناولون المشكلة بإعتبارها "قضية أراضٍ مستقطعة" أكثر من كونها قضية "شعب مستقطع".
لا قيمة لأرضٍ بدون شعب يا سيادة الرئيس!
لا قيمة لأرض بدون عرض يا سيادة الرئيس!
لا قيمة لوطن بدون مواطنين يا سيادة الرئيس!
&
سيادة الرئيس..
مشكلتكم مع الإيزيديين بإعتبارهم "أكراداً أصلاء" وحقوقهم، هي أنكم حوّلتموهم إلى "مجرّد "دجاج كردي أصيل"، إما للبيض في سلّة كردستان، أو للذبح على عتباتها المقدسة.
الأصالة هي حقوق يا سيادة الرئيس!
الأصالة هي قيم يا سيادة الرئيس!
الأصالة هي "أنا" في "أنت"، و"أنتم في نحن"، و"هم في هن"، و"هو في هي" وبالعكس يا سيادة الرئيس!
الإيزيديون أكراد أصلاء؛ كردستانيون أصلاء؛ عراقيون أصلاء، لكن ما عاد للأصيل مكانٌ تحت شمس كردستانكم ياسيادة الرئيس!
الإيزيديون انكسروا في كردستان: ثقتهم بكردستانكم انكسرت، ثقتهم بحزبكم انكسرت، ثقتهم بوعودكم انكسرت؛ ثقتهم بكم وبالفوق الكردي وسياساته الإقصائية الإستعلائية الوصائية تجاههم انكسرت، ومن ينقل الواقع معكوساً إليكم، إنما يريد لكردستان أن أن تتحوّل إلى "وطن بالمقلوب"، ب"مواطنين بالمقلوب"، و"دولة وحكومة وبرلمان وجيش ودستور وقانون بالمقلوب" يا سيادة الرئيس!
&
سيادة الرئيس..
لا أدري عن أيّ دفاعٍ عن الإيزيديين وعن أيّ مستقبل لهم بعد "شنكال الفرمان ال74" تتحدثون، وأنتم تعلمون أنّ ما حدث كان بسبب "لافاعكم" و"لادفاع" البيشمركة، و"لادفاع" كامل منظومة الدفاع الكردستانية عن الإيزيديين!
لا أدري عن أيّ حق وأي تقرير لمصير الإيزيديين تتحدثون، وأنتم مثابرون على إعادتهم إلى "بيت الطاعة الحزبية"، بأي ثمن كان!
ثمّ من هو ذاك ال"أحد" الذي يقف دون إرادة الإيزيديين ليقرروا مصيرهم بأنفسهم دون وصايات، يا سيادة الرئيس!
من الممكن بالطبع بناء دولة أو حتى إمبراطورية بالقوة، لكنّ من المستحيل أن تبني شعباً بالقوة يا سيادة الرئيس!
الشعوب تُبنى بالقلوب يا سيادة الرئيس!
&
سيادة الرئيس..
حال الإيزيديين في كردستانهم اليوم، يشبه إلى حدٍّ كبير حال "الأقلية المسلمة" في الهند الكبرى، أواخر النصف الأول من القرن الماضي، قبل انقسامها عام 1947 إلى "هندَين": هندٌ للأكثرية الهندوسية، وأخرى للأقلية المسلمة، المعروفة اليوم ب"باكستان".
باكستان هربت من حضن أمها هندستان، وانفصلت عنها بسبب الدين، أي بسبب إضطهاد الأغلبية الهندوسية للأقلية المسلمة، لا بسبب القومية أو الخلاف على الأصل القومي الهندي الواحد للهنود الهندوسيين والهنود المسلمين، يا سيادة الرئيس!
لا معنى لوطن لا يحمي مواطنيه يا سيادة الرئيس!
لا كرامة لوطن لا يحمي كرامة مواطنيه يا سيادة الرئيس!
لا شرف لوطن لا يحمي شرف مواطنيه يا سيادة الرئيس!
لا معنى لكردستان بدون إيزيديين كانوا كردستانهم على مدى 74 فرماناً يا سيادة الرئيس!
&
كونوا بخير يا سيادة الرئيس..
&
التعليقات