أنا مع "عاصفة الحزم" ولا شك. ولست أعتقد ان بديلا اكثر سلمية كان متاحا امام القيادة السعودية سوى ذلك. إيران ملامة. وكنت أتمنى لو لم تكن. تمنيت لو التزمت الصمت او اكتفت بدعواتها لحلول سلمية، لكنها لم تفعل ولجأت الى الحرب الإعلامية والتهديد. وقطعا سيكون هناك تصعيد أكبر. تمنيت لو لم يتدخل حسن نصر الله في اللعبة. لكنه فعل وبطريقة سيئة. السعودية وحلفائها يضربون. والأجدر ان يظهر صوت عقل يهدئ ثورة الحليم، لا أن يزيده غضبا.
لن أتحدث عن التداخلات السياسية اكثر وسأكتفي ببعض الملاحظات على الشق العسكري، أي عاصفة الحزم.
أولا، على تلك العاصفة ان تحدد هدفا إن تحقق توقفت الحرب بعدها. هي تقول عودة الشرعية. وهذا هدف جيد لكنه مطاطي. فكلنا يريد عودة الشرعية، لكن كيف؟ هل سيكون ذلك باستسلام الحوثيين وتسليم السلطة بكاملها؟ نحن نعلم انهم لن يفعلون. كما نعلم ان صالح لن يفعلها ايضا. إذا هل سيكون تحقيق الهدف بسقوط عدن او صنعاء في يد التحالف؟ لكن كيف ستسقط بلا قوة على الأرض تدخل هذه أو تلك؟
لست اشك في ضرورة عاصفة الحزم، وشرعيتها ايضا، لكني أسأل عن هدفها الذي ان تحقق تكون العاصفة قد اكملت مهمتها.
لأوضح الفكرة اقول ان عملية درع الصحراء كان هدفها إخراج صدام من الكويت. عندما فعل انتهت الحرب.
الحرب الأمريكية الثانية على العراق حددت هدفها بسقوط صدام، فعندما سقط تحقق الهدف وانتهت الحرب.
إذا.. لا بد ان يكون هناك هدف.. وهدف محدد جدا حتى لا تصبح الحرب فخا يحرج قوة كبيرة مثل السعودية، فيفقد أي نصر معناه. يمكن في أي و قت تحديد طبيعة الهدف. حتى لو مضى على الحرب شهر كامل. المهم أن يكون الهدف معلنا وواضحا لا مطاطيا.
النقطة الثانية هي مسألة الحرب البرية. هناك من يريد ان يدفع السعودية الى إقتحام بري. قطعا سيكون ذلك مستنقعا يصعب الخروج منه. فأنت يمكن ان تقاتل من شئت، لكن لا يعني ان تنتصر بالضرورة عليه، خاصة ان كانت الطبيعة الجغرافية تعمل لصالحه. كما أن كون الحركة الحوثية فكرة اكثر منها تنظيم عسكري يزيد من صعوبة استهدافها.
وأزيد على ذلك ان المستنقع لا يكون بريا فقط، بل حتى الحرب الجوية قد تكون مستنقعا هي الأخرى. الحرب دائما هي مستنقع أيا كان ميدانها. واستمرارها لأمد طويل يخدم الضعيف اكثر مما يخدم القوي.
النقطة الثالثة، مسألة تسليح قوات التحالف للجان الشعبية وبعض القبائل. وهو ما يخيف كثيرا كونه سلاح قد ينتهي ذات يوم بيد جهات متطرفة، او قد تتجه فوهاته صوب السعودية نفسها. فالقبائل على مر التاريخ، غير مضمونة الولاء.
النقطة الرابعة والأخيرة، وهي تتعلق بأهمية المرونة الدبلوماسية. فأنت لا يمكن ان تستمر في حرب أيا كانت قوتك بدون قوة دبلوماسية تستطيع ان تفاوض من خلالها، لا كي تحقق مكاسبك السياسية فقط، بل كي تنقذك انت أيضا من استنزاف طويل الأمد. مهما كان صوت السلاح مدويا، فلا بد ان يأتي وقت نجلس فيه الى الطاولة كلنا.
أشدد ثانية وألف على مشروعية عاصفة الحزم، ولن اتردد لحظة في المشاركة فيها بالكلمة او السلاح، سيما وقد كانت لي خبرة سابقة في التعامل مع الشأن اليمني. لكني في الوقت ذاته اتمنى ان لا تطول الحرب، فنادرة ما تنجب الحروب منتصرا لا تثخنه الجراح هو ايضا.
- آخر تحديث :
التعليقات