تعريف بـ "الأكيتو": أعياد الأكيتو تبدأ في الأول من نيسان من كل عام، بداية العام الجديد وفق التقويم الآشوري( الأكادي- البابلي 6765). يعتبر الأكيتو ابرز الأعياد القومية لدى الآشوريين( سرياناً وكلدناً) ورثة الحضارة الأكادية البابلية العريقة والقديمة التي قامت في بلاد ما بين النهرين. طقوس وشعائر الأكيتو، كانت تقام على مدى اثنا عشر يوماً ( تأليه الملوك، انبعاث الالهة وتقديم القرابين لها،حفلات زواج جماعي وغيرها)، تلخص الميثولوجيا الآشورية (الأكادية – البابلية)، التي تمحورت حول الطبيعة والآلهة والانسان واعتبرت الانسان محور وغاية الكون. تركت هذه الميثولوجيا بصماتها على معظم الفكر الفلسفي والديني الشرقي القديم. وما احتفالات المسيحية في ربيع كل عام بذكرى انبعاث المسيح(قيامته من الموت بعد صلبه)، إلا استمرار وتواصل لطقوس وشعائر أعياد الأكيتو،حيث كانت تبلغ ذروة احتفالات الأكيتو بتتويج "مردوك" ملكاً والهاً على الكون بعد انتصاره على قوى الشر وقيامته من بين الاموات في اليوم الثالث. هذه اشارة ودلالة واضحة على ان فكرة "الخلاص" التي تقوم عليها العقيدة المسيحية هي فكرة اكادية اشورية قديمة. حتى قرون طويلة بعد الميلاد كانت مختلف شعوب العالم تحتفل بأعياد الأكيتو. لكن بالنظر لارتباط الأكيتو بعقائد وطقوس وثنية، تخلى "العالم المسيحي" عن هذا العيد الوثني وتم استبداله بأعياد ميلاد السيد المسيح واعتماد السنة الميلادية تقويماً عالمياً. هذا التحول جرى في عهد الملك الفرنسي (لويس الرابع عشر- 1643).&
عشية أعياد "الأكيتو" وعلى اثر دعوات ومناشدات عديدة، رفعتها اعلى المرجعيات والمؤسسات السياسية والدينية المسيحية (الآشورية /السريانية/الكلدانية )، طالبت المجتمع الدولي التحرك لحماية الآشوريين ( سرياناً وكلدناً) المسيحيين وبقية المكونات والأقوام والأقليات المهددة بوجودها في كل من سوريا والعراق التي تعرضت الى عمليات تطهير عرقي وديني على يد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية – داعش، عقد "مجلس الأمن الدولي" جلسة استثنائية مفتوحة في مقره بنيويورك (الجمعة 27 آذار) ناقش اوضاع ضحايا الانتهاكات والاضطهادات على اسس دينية أو عرقية في الشرق الأوسط. الجلسة عُقدت بطلب فرنسا (العضو الدائم في مجلس الأمن) التي قدمت مشروع ميثاق عمل لحماية أبناء الديانة المسيحية وأقليات أخرى، تعرضت لعملية اجتثاث من أرضها في الشرق الأوسط. ينص مشروع الميثاق الفرنسي على أن يحيل مجلس الأمن الجرائم التي ارتكبها داعش إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعلى وضع برامج لإعادة المهجرين من أبناء الأقليات المسيحية والأيزيدية إلى ديارهم، وتأمين حماية لهم. قبل جلسة الأمن الدولي هذه، وخلال الدورة 28 لمجلس جنيف لحقوق الإنسان،عُقدت في 17/03/2015، وقعت ( 53 دولة )عضو في الأمم المتحدة وقعت بياناً مشتركاً لدعم حقوق المسيحيين و الطوائف الأخرى في الشرق الأوسط دعت فيه "المجتمع الدولي لدعم الوجود التاريخي و الجذور العميقة لجميع الطوائف العرقية و الدينية في الشرق الأوسط". وحذّر البيان من أن وجود الأقليات، و خاصة المسيحيين، الذين يعيشون في مناطق النزاع أو المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية يعيشون في ظل تهديد دائم من انتهاكات حقوق الإنسان و القمع و الإساءة.
&كما هو معلوم الآشوريون( سرياناً وكلداناً)،سكان العراق وسوريا الأوائل، هم يشكلون الأغلبية الساحقة من مسيحيي هاذين البلدين، وهم ابرز ضحايا تنظيم الدولة الاسلامية- داعش وغيره من التنظيمات الاسلامية المتطرفة. بالعذر من جميع ضحايا تنظيم الدولة الاسلامية – داعش. ربما، من المناسب هنا توجيه الشكر لهذا التنظيم الارهابي، لأنه بجرائمه الشنيعة والمروعة أخرج "القضية الآشورية"، ولو الى حين، من درج النسيان الدولي. صحيح،أن جلسة مجلس الأمن الدولي ( 27 آذار) لم تكن خاصة بـ"القضية الآشورية"،لكنها قد تشكل خطوة على طريق إعادة فتح ملف هذه القضية المنسية منذ عقود طويلة. جدير بالذكر أن " القضية الآشورية" كانت قد حظيت باهتمام دولي كبير و من القضايا البارزة على جدول "عصبة الأمم" حتى عشرينات القرن الماضي. لكن،رغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الآشوريون في الحرب الكونية الأولى وقتالهم الى جانب دول الحلفاء، اقتضت مصالح الدول الكبرى آنذاك في مقدمتها( بريطانيا) أن لا ينشا "كيان آشوري" ولو على جزء من الموطن التاريخي للآشوريين في بلاد ما بين النهرين. لهذا تم طي ملف القضية الآشورية والقي به في درج النسيان الدولي بعد التوقيع على اتفاقية (ساس بيكو- 1918)، التي بموجبها نشأت الدول العربية، في حين حُرمت شعوب أصيلة وقديمة في المنطقة من حق إنشاء دولة خاصة بها، مثل الآشوريين.&
موقف المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة ومجلس الأمن،من مآسي الآشوريين وقضاياهم لم يرتق بعد الى المستوى المطلوب والمنتظر في هذه المرحلة المصيرية الصعبة حيث دخل الآشوريون مرحلة الخطر الوجود ( الكياني). وأن دعوة البطريرك (لويس ساكو) بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم وحده،من دون دعوة شخصيات سياسية آشورية /كلدانية / سريانية، للمشاركة في جلسة مجلس الأمن (27 آذار)، يعني اختزال "القضية الآشورية" بالنواحي الانسانية والنظر الى الآشوريين كأقلية دينية مسيحية وليس كشعب أشوري له قضية قومية / سياسية تحتاج الى حلول سياسية عادلة. رغم هذا الموقف القاصر لمجلس الأمن الدولي من القضية الآشورية، أعتقد بأن ثمة فرصة تاريخية ثمينة اليوم أمام القوى والفعاليات(الآشورية /السريانية / لكلدانية )في الاستفادة من اللفتة الدولية لمآسي الآشوريين والأقليات في المنطقة من أجل تحريك الراي العالم الدولي باتجاه قضية الشعب الآشوري وإيجاد حلول مناسبة وعادلة لها.&
سليمان يوسف يوسف....باحث سوري مهتم بقضايا الاقليات
التعليقات