ضياء الحكيم&

&متى تبصقون على أسلحة الدمار ياأهل العراق؟&

في غمرة الأنفعالات والمواجهات الدموية والتنافس على النفوذ السلطوي، لايرى قادة العملية السياسية العراقية الجانب السلبي والخطر المحدق بمطاليبهم للسلاح وشرائه وتبرير تخصيص كميات منه لطوائفهم المجتمعية. ولا أظنهم تابعوا ماجرى في ليبيا مثلاً من قتال دموي بين العشائر بأسلحة زودتها لهم دول الناتو.&

المؤشر في توازن القوى بين المذاهب المتقاتلة في العراق وتأجيج صراعها هو ان خلافات ألاشقاء تتطلب المواجهة بالسلاح وإسناد هذا المؤشر الى القول المريح للبعض " وأُقتلوهم قتل عاد" كما جاء في وصية النبي (ص) نقلاً عن البخاري. وطبيعي لايخفى على الأنسان الحقبة التارخية والفاصل الزمني لتلك الوصية كما لايهمنا تصحيح القول والدخول في تفسيراته لحكومات بلا إرادة وطنية وبلا تربية دينية.

فالتربية الدينية بدأت تتطابق مع التربية السياسية في الترحيب بالسلاح وتكديس المعدات العسكرية، وإعتبار من يزودنا به صديق مخلص ودولة حليفة نهلل لها ماتبيعه لنا، بغض النظر عن تكاليفه في دولة شبه مُفلسة لاتتصرف بحكمة مالية في ميزانياتها السنوية. فمن يضحك على مَن؟ الانكليزي الأمريكي الفرنسي الروسي الصيني هو المورد المنتج الأسلحة، والمستورد هي حكومات الصلف والعناد السياسي العديمة الخبرة والفهم ولاتعي النتائج وهي ترحب بتدفق السلاح المريح المطمئن للعشائر وتوزيعه وتقسيمه بين عشائرهم و بين مليشياتهم في إعادة زمنية لفترات الغزوات والفتوحات في دولة التقسيمات الفدرالية الورقية.&

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء لمن يحملون هذه الصفات اليوم ((يأتي في آخر الزمان قوم سفهاء، يحسنون القيل ويسيؤون الفعل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، يقرأون القرآن ولا يتجاوز حناجرهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة، وإن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)).

القتل وحمامات الدم جارية وفق هذا المبدأ. ولم يتعض أحد مما إتكئوا عليه من سور وآيات القرآن " سورة الأنفال واحدة منها " لضرب طموح الكرد بقنابل وصواريخ ومواد كيمياوية وحرق القرى الكردية ودمارها وهي جزء من العراق. ومن لم يتعض بدمار الأمس لن يلجأ الى حوار المواطنة اليوم وتطمين المجتمع العشائري بأن السلاح هو ليس مايحتاجونه وتحويل الحكومات للأسلحة القاتلة الى أيديهم وأبنائهم لم يوفر الحياة الحرة الكريمة والتربية المجتمعية السلمية المنشودة. فمن الطبيعي في عقول خاوية أن تُطالب كتلهم السياسية بتوفير السلاح والعتاد لقتل الكفرة والمرتدين والمعادين لمناهجهم وبرامجهم والقوى المرتبطة بهم، حيث أصبحت متطلبات توفيره ((ضرورة مشوهة )) تبناها أعضاء البرلمان ورئيس الحكومة ونواب رئاسة الجمهورية، وهنا يدخل منطق سياسي وعسكري وديني لمن يجلس في مجلس النواب العراقي اليوم ويتسائل: هل حقاً أن مايطلبونه من أسلحة ومعدات عسكرية هي لتحقيق توازن القوى داخل مليشياتهم أم لتوازن القوى مع دول محيطة بالعراق؟&

إسلاميو المؤامرة وعرب المغامرة والمقامرة يحاربون شعوبهم لمذاهبها وقومياتها&وإعتقاداتها، ويطالبون بشراء أسلحة والتسديد بعقود نفطية لاحقاً.

وتزداد في عصرنا الحجج التاريخية المذهبية لدعوات قتل المشركين الكفرة المنسوبة لأحاديث نبوية. وتزداد حجج الذبح وصراخ (( قل خيراً في القتل أو اصمت)). فقد إختل التوازن بين المذاهب الأسلامية الشيعية والسنية المُطالِبة علناً، تسليح مكوناتها الأثتية والقومية والمذهبية ( لخلق توازن في القوة ) وهو أمر يسمعه المواطنون مراراً من شخصيات عراقية إمتهنت السياسية كحرفة جديدة بدلاً من إمتلاك مزارع وخيول.

&ومع دخول داعش الى مسرح العمليات عسكرياً وإمتداد رقعة الأرض التي سيطرت عليها لفرض شرعية الخِلافة وخرافاتها وإستيلائها على أسلحة ثقيلة حديثة تركها الجيش،المنهك العقيدة، في قطاعات الموصل وبيجي وتكريت وديالى ومناطق حدودية غربية، فقد "رجعت حليمة الى عادتها القديمة " وبدأ قادة العراق يطالبون من جديد دول وحكومات لتسليح مناطقهم وعشائرهم، وبدأوا تجوالهم على شكل وجبات من الوفود الحكومية الرسمية والعشائرية الشخصية الغير رسمية بزيارات الى واشنطن لأستجداء السلاح وبالسرعة الممكنة لقتال العدو الذي هو منهم وفيهم وبينهم، وعلى أن يتم التسديد ودفع المبالغ المُستحقة لاحقاً.

فعلى من تأخذه العزه بالاثم التاريخي ان يحمل السلاح ويجاهد ويدافع ويضحي ويقتل الكفرة في أرض الله. ولأستمرارية الصراع تأخذ الحكومة العراقية على مسؤوليتها تزويد العشائر الشيعية والسنية والكردية بالسلاح، وتأخذ على عاتقها التأكيد والالحاح على طلبات الاسلحة لموازنة القوة بينها وبين من تعتبرهم منافسيها في أرض الرافدين. ذلك مانراه، كشعب مخذول، من إصرار كل أطراف قادة العراق وسطحية افكارهم في تقييم ميزان القوة وعقمه وخطورة نتائجه.&

يالها من مسخرة أن تراهم بعد كل مابذّره عراق صدام من سموم قاتلة وحب تكديس للأسلحة وإستعراضها، يلجأون اليوم بكل الوسائل وبنفس المقاييس لتوفير السلاح بسرية وخفية وإدخال بيانات شراءه بمعرفة ورقية بيانية مزورة تُقدم لمجلس النواب وتمرّر لهم بحجة ((الشراء لتوازن القوى)) والأستجابة لمكوناتهم وبحجة عدم إستطاعة الأطراف المعنية الخروج بوثيقة تفاهم عراقية – عراقية لإخراج البلاد من محنة وضعوها على أهله.&

والحقيقة التي أراها بالعين الصادقة المجردة بأني لم أجد كافراً في العراق وإنما وجدتُ قاتلاً جاهلا حاملاً راية الإسلام " الله أكبر" و يُطلق النار على المؤمنين في مساجدهم و كنائسهم وهم يتعبدون للرب.

كل حركة حزبية تصوّر لمناصريها بأنها تمتلك الحقيقة ناصعة ساطعة وتوضحها في مناهجها التعليمية التثقيفية ومثالياتها. لابأس. ولكن أين الأدراك والوعي الوطني من منهج الترحيب بالسلاح لنشر القتل والجريمة وإهدار موارد الدولة البترولية والأقتصادية والتضحية بالأنسان الكردي والعربي والشيعي والسني ليموت على أرض المعركة؟ &يعلمون جيداً أن وفرة السلاح وتوزيعه لايخدم العقيدة الاخلاقية الدينية ولاتحويل المجتمع الى الحياة المدنية، ومع ذلك لايخجل في حيازته، الاخوان المسلمين والسلفيين وحركات الجهاد ولفيف من المذاهب الأسلامية ومقراتها الخارجية في إيران وتركيا والحركات الوهابية والنقشبندية في ترتيب توازن القوى بين القوى العراقية المتصارعة الغبية الغبية بل المتناهية في الغباء وقياداتها السياسية ذات التربية البيتية والمدرسية والجامعية المتطرفة ودعواتها المتلفزة الفضائية وأناشيد الدم المذهبية الطائفية؟&

فمرحى للسلاح وتجهيز الدول الحليفة لكم به وتربصوا لأعدائكم "وإقتلوهم قتل عاد".

الجانب المؤسف أن أهل العراق الأشراف الذين صمدوا وتكاتفوا بوجه الهجمة الوثنية الأمية في العقود الأخيرة، يلاحظون أن الوطن الأم للدولة العراقية المنهارة المتشضية الأركان والنخبة التي تدير العقل العسكري يبشرون أنصارهم وأحزابهم وعشائرهم وهيئاتهم الدينية بأنهم منتصرون والنصر قادم، ولايحسبون السنوات التي مرت والشعب على محنته لن تتغير، بل وأتعس. فما هي قيمة هذه الأنتصارات الوهمية الإعلامية وماهي قيمة الارض المدمرة وهي خراب في خراب، وبيوت تُدمر ودماء تسيل وأرواح تزهق كل يوم؟&

هذه هي الفتنة الطائفية. سممت أبناء العراق ولوثت أرضهم، يقول تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ. فمرحى للسلاح وفرضه من جديد كواقعٌ عسكري وكواقع مجتمعي حياتي وتراث يفتخر به الضالون لتحشيد الحشود الشعبية الحكومية من طرف وماأدخلته داعش من ضلالة في أولى مبادئها القتالية من الطرف الأخر.

مرحى لكم. فالسلاح قادم وسيوضع في أيديكم وأيدي عشائركم وأبنائكم وأنصاركم ومليشياتكم الى حين إحراز النصر المبين ودحر أعداء الأمة، وبه سيتم بناء العراق.

ولن أدعي المعرفة بزمن تبصقون فيه على أسلحة الدمار وغريزة الدماء الحيوانية ومن يرميه عليكم ياأهل الكرامة والعزة؟

&

كاتب وباحث سياسي&