بين سذاجة وازدواجية المثقفين المزيفين والدوكمائية ومصالحية الرجال السياسيين في اقليمنا فقد عرض الدستور، مرة أخرى، الى ساحة المزايدة، وان اجتماعات ونقاشات واكتضاض وسائل اعلام الاحزاب من السياسيين حتى الديمقراطيين والسوشيال الديمقراطية واليساريين، مثنى وثلاث يعقدون تحالفات من أجل كسب الامتيازات، ولا يبالون ان كانت هذه الامتيازات على حساب الحرية وحقوق الانسان، ما يهمهم في الدستور هو صون سلطتهم الرجولية. إن مسألة الازدواجية تشكل جزءاً من دستور الاقليم، فمن جهة ان المبادئ الاسلامية هي أحد أسس صدور القانون، ومن جهة أخرى مضمونية المساواة بين المرأة والرجل أمام القانون. إذ لم توضع هذه الازدواجية تحت التساؤل، فلا نعرف، لعل جلّ النقاشات تدور حول كيفية تداول السلطات، من هنا يبدأ التدخل في الديمقراطية وفق رغباتهم وسليقتهم. ان جمع الرجال يضعون ايديهم في ايد البعض يخدعون الشعب ليجعلوا ظروف كردستان مبررا لوضع دستور متطور ومعاصر.. هذه هي المحصلة، حيث ان السياسيين يجربون كل الوسائل لاحتكار السلطة، لا يعنون باضطهاد المرأة واستبداها في وقت كان هؤلاء الرجال، في وقت الثورة، يمثلون المنقذ في لاشعور الافراد ذكورا واناثا، ان هذا الاحتكار للسلطة والظلم الاجتماعي جلب سخط وانتقاد الناس مما أدى الى ولادة المعارضة، واستُغِلَّ سخط المرأة الماثل منذ سنين ومُزِج بالمعارضة، وبعد اتفاق واقع بين رجال السلطة والمعارضة، فلم تغير محصلة المرأة شيئا، وذلك لأن الرجال هم نفس الرجال فلا يغيرون من الامر شيئا، واعتلت أصوات الاحزاب الاسلامية هذه المرة، ولديهم أنصار كثيرون لجعل الثوابت الدينية أسساً للحكم. مرة اخرى شرعت المرأة بشدّ الوثاق لتؤلفن لجنة السلام لأنْ لا تهملن في المراكز الادارية والسياسية، وقد طرقن جميع الاحزاب السياسية وسمعن منهم الكلام المعسول والكبير ووضعوا لهن البرامج عبر وسائل الاعلام. لكنهم لم يبوءوا بردهن بعد مضي عامين عليها، حيث لم يمنحوا اي منصب عال للمرأة في الحكومة الجديدة. وكان وراء هذا الفضاء الللاموازي اسلوب تفكير لاعقلاني من قبل السياسيين ازاء مسألة مهمة مثل مسألة المرأة. فاذا كان هناك تفكير عقلاني، فان استراتيجية ماوراء نظام الحكم الماثل في بنود الدستور، هي ان الفرد وحرية الفرد احد المبادئ المهمة، يجب ان يكون هذا المبدأ احد الاسس الرصينة فيه، وذلك لأن الدستور هو قوانين يثبت فيها شكل الدولة النظامية وينظم السلطات العامة، من حيث التكوين و خصوصية علاقتها بالبعض من خلال كل ذلك يصقل أسس حرية الفرد.&

كما يضمن تغيير وجهة الانظار من خلال القانون، وأيضا يرسم حدودا للاعتداء على المرأة وقوامة الرجل و احساسهم الرجولي. إن معطيات الدستور هي ذات عمق وتؤثر في بنية المجتمع، لذا فان أغلبية الشعوب التي مرت بمراحل الحرب والاضطهاد قد واجهت الانهيارات الاجتماعية الضخمة من خلال دستور متطور، وذلك كخطوة لترسيخ بنياتها الاجتماعية المهلَكة وتقوية ارادة الافراد وكذلك المؤازرة والنهوض من تلك الانهيارات التي جلبتها الحرب معها، وذلك من خلال التغيير في الفكر واسلوب التفكير حيث يضع الأنامل على الجروح. أما بالنسبة لكردستان فبعد مرورها بتلك الحروب والنهب وبعد ما ذاقت من مرارة الحياة، بعد طيلة 24 سنة من الحكم وهي أطول فترة للحكم الكردي في تاريخ اجزاء كردستان الاربعة فلم يضعوا دستورا مثلما وضعته الدولة التونسية، بحيث لم يتقيد باية ايديولوجية تفوق البشر، ان الدستور التونسي، بين الدول العربية التي كان الدين الاسلامي هويتها الحضارية، أخذ من الرجل قوامه وأوعز أن المرأة يجب أن تفتخر بأنوثتها ولا تحسب نفسها عورة ولا تخفي نفسها من وراء الحجاب. فهذا الدستور والقانون فرض جنسية المرأة من أجل تمتينهن، وخير مثال للعيان لكلامنا هذا ان المرأة التونسية هي مختلفة عن المرأة العربية من حيث الموقعية والثقافة والثقة بالنفس، لذا رأينا، رغم سيطرة الاسلاميين في الربيع العربي، مع ذلك رأينا ان المرأة التونسية لم تكن مثل المرأة العربية.

ان سياسيي كردستان في الاحزاب والحكومة من خلال الاكتضاض المفتعل لديهم من تمديد فترة الرئاسة، يريدون، بقنديلهم المطفي في ليل حالك، ان ينهكوا حقوق المرأة، فاذا جرى ماورد في الفقرة الاولى من المادة السابعة بشكلها الحالي الماثلة في مسودة الدستور، فمن المحتمل ان تخسر المرأة، بالقانون، ما اكتسبته خلال 24 السنة الماضية.

الفقرة الاولى من المادة السابعة: (يؤكد هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية شعب كوردستان وإن مبادئ الشريعة الاسلامية هي احد المصادر الاساسية للتشريع)

فمن حيث التحليل اللغوي ان عبارة (مبادئ الشريعة الاسلامية). فلا يجوز ان تصدر اية فقرة قانونية تساوى المرأة مع الرجل فيها امام القانون. كما ان ذلك يفتح بابا بوجه الاراء الفقهية المتطرفة ذات التأويلات المختلفة، وهم في الاغلب جماعة اهل السنة التي هي احدى الجماعات المسلمة، تفتح أبوابا مفزعة لاحتمال سيطرة الاحزاب الاسلامية، هذه المادة باستطاعتها ان توضع جميع المكتسبات الواردة في المادة الثامنة (مواجهة العنف الاسري)، في المخاطر.

ازدواجية هذه المسودة في التركيب:

المادة 18:

القسم الاول:

الحقوق المدنية والسياسية:

(المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الجنس أوالعرق أواللون أواللغة أوالمنشأ الاجتماعي أو الدين أو المذهب أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الانتماء السياسي والفكري) ان هذه المادة هي رائعة كشعار غير معمول به وفي الوقت نفسه هي بمثابة ذر الرماد في العيون، وذلك لان المادة السابعة لا تدع مساواة المرأة مع الرجل في القانون، مثلا مساواة المرأة مع الرجل في الميراث، لأن الميراث من ثوابت الشريعة الاسلامية، فلا يمكن مساوتهما معا وفق المادة السابعة.

المادة 21

"تتمتع المرأة بالمساواة معا لرجل ويمنع التمييز ضدهاوتكفل حكومة الاقليم تمتعهابجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا الدستور وفي العهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل دولة العراق وعليها إزالة كلما يعتبر عقبةتحول دون المساواة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية".

لا يمكن الاعمال بهذه المادة في موضعين، لان المادة 7 ومسودة المادة 2 من الدستور العراقي كلتيهما مانعتان، وذلك لانه لا يجوز المساواة بين الرجل والمرأة وفق المبادئ الاسلامية كما ورد في المادة السابعة اذ وفق هذه المبادئ فان المرأة ضعيفة والرجال قوامون عليهن، اذن فإما ان تمحى المادة السابعة وإما ان تعلق، وفي الوقت نفسه فان الحكومة العراقية لم توقع هذه البنود في المعاهدات الدولية لانها لا تنسجم مع المادة الثانية من الدستور العراقي، التي تومئ الى انه لا يجوز ان تصدر اية فقرة قانونية لا توائم مع الثوابت الاسلامية.

لاشك ان حقوق الانسان وحقوق المرأة وقعتا في المخاطر في ظل هذه المسودة، ما يلاحظ حتى هذه اللحظة هو النقاش المستفيض على مسألة تمديد مدة سلطة رئيس الاقليم، وهذه المسألة مهمة جدا بالنسبة لنا وللسياسيين، لكن بالنسبة لنا هو جميع بنود الدستور حيث تنظم لنا طريقة حياتنا، لذا ينبغي لنا ان نتفق عليها ولا ندع ان تسري هذه المسودة في الحالكة وحسب رغبة السياسيين. علينا أن نتفق، تعمل منظمات المجتمع المدني والمرأة بشكل جاد، إذ الدستور ليس شيئا يمكن أن يغير حينا بعد آخر متواليا، بل ان التغيير فيه شيء متعذر. فاذا صودق على هذا الدستور فان المرأة الكردية لن تنال ما ترنو اليه من المركز السياسي والاجتماعي المرجو، ولا تعلو الى المناصب السياسية والادارية الا بنظام (كوتا).

&