&تواصلت في 28 يوليو الغارات الجوية الوحشية التركية والتي شملت مناطق جبل (متين وكارة) ونيروة وريكان التابعة لقضاء العمادية او( ئاميدي) كما يفُضل أهلها ان يطلقوا عليها، مستهدفة البشر والحجر في ظل صمت محلي وعربي ودولي شبه كامل.
حيث بدأت الطائرات الحربية التركية، منذ 24 يوليو الجاري، بشن هجمات على مواقع وقرى كردية امنة تقع على حدودها مع العراق والحدود العراقية الإيرانية بذريعة ضرب قواعد تابعة لحزب العمال الكردستاني، فيما أوقع القصف ثمانية من القتلى في صفوف المدنيين كما أدى إلى خسائر مادية كبيرة في مزارع وممتلكات المواطنين، في حين اضطر العديد من العوائل الكردية المغدورة إلى النزوح من قراهم والسكن في مخيمات موقتة.
وجراء استمرار القصف الجوي والمدفعي التركي والايراني لقرى اقليم كردستان الامنة تتصاعد الدعوات الشعبية لتفعيل المقاطعة الاقتصادية لهاتين الدولتين المعتديتين (الجمهورية الاسلامية الايرانية)،و(الجمهورية الاسلامية التركية، حيث تعتبر المقاطعة بأشكالها المختلفة بما فيها المقاطعة الاقتصادية - إحدى وسائل الدفاع عن النفس، كما تعتبر وسيلة من وسائل الضغط الشعبي وهي مطلب شرعي الى جانب كونها ضرورة وطنية ملحة.
فمن واجبنا كشعب لنا صوتنا وقرارنا وارادتنا أن نعمل بجد وننادي بالمقاطعة الاقتصادية للبضائع الايرانية والتركية، وأن نكون جادين في هذه المقاطعة..... ! نعم...من السذاجة أن نتصور أن المقاطعة الاقتصادية ستؤدي إلى انهيار الاقتصاد الايراني او التركي، ولكننا نجزم بأن أرباح الكثير من الشركات والمؤسسات التركية والايرانية ستتراجع كثيراً، وهذا سيحدوهم إلى إعادة النظر في مواقفهم العدوانية ضد شعبنا المسالم في اقليم كوردستان، وخاصة بعد تغلغلهم الاخطبوطي في كل شيء في حياتنا اليومية على سبيل المثال : مطاعم وافران، سجائر، ملابس، دواء، مشروبات غازية، البان
وشكولاته، ناهيك عن الأجهزة والاحتياجات المنزلية، بالاضافة الى الشركات الاستثمارية والتجارية, وخاصة ان اكثر من (70%) من الشركات الأجنبية العاملة بالاقليم هي شركات تركية وايرانية،وان رأسمال تلك الشركات يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.... وعليه شدد مراقبون ومختصون بالشأن الاقتصادي على اهمية تفعيل المقاطعة الاقتصادية لتركيا وايران وحلفائهم كبديل مشروع للحرب والمواجهة العسكرية, بالاضافة الى ان المقاطعة الاقتصادية تحفز الاعتماد على الذات والتصنيع المحلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تنجح المقاطعة الاقتصادية وتؤتي ثمارها المطلوبة اذا لم تتم في توجيه من الجهات الرسمية العراقية والكردستانية؟ اليس فى مقدور حكومتنا الموقرة ان تـستخدم سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد من يساهم في قتل شعبنا وتدمير ارضنا؟ الى متى نسكت عن الانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها العراق من قبل الاصدقاء قبل الاعداء؟ من هو المسؤول عن الخسائر البشرية والمادية التي تلحق باهالي القرى الكردية المنكوبة نتيجة القصف الايراني والتركي العشوائي؟ الى متى يصمت البرلمان الكردستاني عن جريمة قصف القرى الكردية؟ لماذا لا تتحرك الحكومة العراقية لالغاء او عدم تمديد اي اتفاقية تسمح بوجود قواعد تركية على الاراضي العراقية؟
لماذ لم تنفذ حكومة الاقليم طلب برلمان الاقليم، بعد ان طلب رسميأ في عام (2011 ) بإغلاق كافة القواعد العسكرية والمخابراتية التركية على أراضي كوردستان احتجاجا على قصف القرى الكردية الامنة بحجة ملاحقة حزب العمال الكوردستاني الذي يحارب جردان داعش في الصفوف الأمامية للمعركة جنباً الى جنب مع القوات الكردية ( البيشمركة )؟
من يعوض اهالي القرى عن الخسائر المادية والمعنوية التي أصابتهم نتيجة القصف العشوائي؟ واسئلة كثيرة اخرى اتركها لحكومتنا الموقرة و اعضائها بعد ان يسمعوا اصوات المدافع والطائرات الحربية التركية والقنابل وصرخات وعويل الضحايا الذين لاحول لهم ولاقوة.
من الجدير بالذكر ان تركيا تملك قاعدة عسكرية ومخابراتية كبيرة في بامرني (45 كلم شمال دهوك) منذ 1997 وتحديدا في موقع مدرج قديم كان يستخدمه الدكتاتوري المعدوم ( صدام حسين ) لزيارة قصوره في (مصيف سرسنك ) ومناطق سياحية اخرى.
ولتركيا ايضا ثلاث قواعد اخرى صغيرة في ديرة يلوك (40 كلم شمال العمادية) وكاني ماسي (115 شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية, وهذه القواعد ثابتة وينتشر فيها جنود&اتراك على مدار السنة وتشير مصادر تركية إلى أن نحو( 2500 ) من الجنود الأتراك يتواجدون في تلك القواعد التي أسست في منتصف تسعينيات القرن الماضي، بهدف محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، والمساهمة في الفصل بين القوات المسلحة التابعة للحزبين الكرديين، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، أثناء نزاعهما المسلح الذي امتد للأعوام 1994-1997، وراح ضحيته الآلاف من أنصار الطرفين بين قتيل وجريح ومفقود.
انها قضية شعب مسلوب الارادة والحرية يا سيد أردوغان:
ان مشكلة تركيا هي اولا واخيرا مشكلة داخلية قائمة على الاضطهاد والقمع والغاء الاخر... والاخر هو شعب وليس (حزب او منظمة او اشخاص ).... شعب له خصوصياته ولغته وحضارته وتاريخه وارضه، وبالتالي كيف لتركيا ان تنفي كل ذالك وفي نفس الوقت تطالب بإشاعة روح السلام و قيم العدالة والتسامح والتعايش السلمي بين جميع الشعوب للنهوض بالوطن؟ والاكثر من ذالك تتحدث الحكومة التركية اليوم عن تطبيق (سياسة الاندماج والتأقلم، و ترى في تركيا بلدا لكل الأتراك ).
بمعنى اخر تركيا طبقت ولاتزال تطبق سياسة صهر الشعوب الاخرى ومنها الشعب الكردي في بودقة القومية التركية وتحت ذريعة خلق مجتمع متأقلم ومتجانس وموحد في تركيا العظيمة...... !! ان تجارب السنوات الماضية اثبتت بان الحرب لا تاتي بالبدائل بل بالعكس... وعليه ليس بالامكان ان يعيش اكثر من 20 مليون كردي دون كيانهم الخاص في تركيا... انها قضية شعب مسلوب الارادة والحرية وبحقه بالاستقلال، بشكل يتنافي مع ابسط القيم والاعراف القانونية والانسانية... وعليه يرى المهتمون بالشان الكردي بان لا شيء يضمن مصالح الاكراد في تركيا سوى نظام ديمقراطي حقيقي يساوي في الحقوق والواجبات بين المواطنين على اختلاف أعراقهم وقومياتهم ولغاتهم وثقافاتهم وأديانهم.
أخيرا نقول: من أجل عدالة قضيتنا، سننضم المزيد من قوافل الحرية حتى ينكسر القيد، وتزول الأسلاك الشائكة،، وتسقط الأسوار المصطنعة، وتسطع شمس الحرية على كردستان وأهلها.
التعليقات