ليس سراً أن سقوط الموصل لجماعات أرهاب داعش تم على يد مؤامرة المؤيدين لعزة الدوري ورسائل يومية متبادلة بين ضباط النظام القديم وجيش النقشبندية وزمر جهادية أسلامية متشددة للقاعدة دخلت سوريا وتسللت منها الى الموصل على مقربة من الحكومة التركية المتورطة مع المعارضة السورية وتُشارك في تدريبها وتسليحها.&
أين الدولة التي يجب أن تُدرك بدراسة متأنية واعية بأن شأننا يخصنا وبناء علاقات متوازنة مع تركيا وإيران "الدولتان المجاورتان للعراق" تخصنا كما تخصهم وتمتينها يخص أمننا وإستقرارنا ويشمل كل مامن شأنه، منع تسلل الجماعات الأرهابية كما يخص ويشمل وبنفس الدرجة أمنهم وأستقرارهم، ولايجوز أن يجرنا أحد بتطرف وعنصرية وإنتهازية و جهل فطري لمحابة أومعاداة أيُّ منهما لعقيدة شيعية أو سنية أو إفساح المجال لقوات عسكرية تركية أو إيرانية لدخول صراعنا ضد الأرهاب المتطرف.
&ولكن يبدو لي أن المصطلحات التي يخرج بها البعض تقوم بتزكية المجموعات الارهابية الحقيقية، ولقاءات مستمرة وتعاد على ألأسماع أدوارها، بعد كل ما إفتضح من أعمالهم الشريرة وفي إعلاناتهم الموثقة وغرضهم الخبيث في تنصيب أولياء وأمراء وقضاة شرع لمكة والمدينة وأرض الشام وبلاد الرافدين بأسمائهم،وبعد كل ماأنكشف عنهم وأعوانهم وكل ماقدمته تركيا من مساعدات وتسهيلات لعبورهم الى مدن سوريا والعراق.
وتثير الايضاحات التي يُعلنها الأخوان أسامة وأثيل النجيفي بقرار تركيا الانضمام للعملية العسكرية لاستعادة مدينة الموصل الكثير من الهموم والمأسي الجديدة والقلق السياسي والعسكري في العراق عن أحلام العثمانيين ودولة أردغان الرجوع الى محافظة الموصل والحكم العنصري للولاة الأتراك.
تركيا وعلى لسان الرئيس التركي اردوغان ورئيس وزراءها احمد اوغلو أعلنا في مناسبات عديدة "اتخاذ تركيا قرارًا بالانضمام إلى العملية العسكرية لاستعادة الموصل". وقد دأب السيد أسامة النجيفي على تزكية الجانب التركي بإضافات نقلتها عنه الوكالات الإعلامية و وكالة "رووداو" الكردية من اربيل وتأكيداته بأن "تركيا ستشارك بجميع الطرق العسكرية واللوجستية للمساعدة في استعادة السيطرة على مدينة الموصل". وأقواله المكررة أن "تركيا تعتزم ايضًا ارسال الاسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية "، حيث يفرض مسلحو تنظيم "داعش" سيطرتهم على مدينة الموصل وسكانها منذ العاشر من حزيران (يونيو) 2014 الماضي.
عملية التحرير لاتتطلب مشاركة أو تدخّل قوات إيرانية أو تركية أو خليجية. واستغاثة النجيفي بالأتراك تصدر منه في مخالفات وإنتقادات صريحة لمنهج حكومة حيدر العبادي رئيس الوزراء الذي طرحه بكل صراحة بشأن المليشيات في مجلس النواب ونصه " لن نسمح بتشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة العراقية تحاول أضعاف الدولة في مهماتها".&
تحرير المحافظة وأهاليها مهمة عسكرية مسندة من الحكومة العراقية الى قياداتها العسكرية وغرف عملياتها وإتخاذها للخطوات المشتركة على هذا الطريق وتديرها منظومة عسكرية محترفة وغيورة على مستقبل العراق وليست مشروعاً عائلياً مقترحاً من نائب الرئيس العراقي. وتحرير الموصل لاتدخل في مضامينه مليشيات جيش النقشبندية والجهاد الاسلامي وقوات عزة الدوري من البعث القديم. كما أن عملية تحرير الموصل ينبغي أن تتم لخدمة مكونات البلاد الأثنية والقوميات ولا يدخل وفقها على الخط أوردغان وأوغلو في لعبة المشاركة التركية العسكرية المخادعة.&
تركيا كحقيقة وواقع جيوبولتيكي، مازالت على طبيعتها العثمانية بأستحقار القوميات وحلمها بالسيطرة والتوسع الى محافظة نينوى وأطماعها في ألآبارالنفطية في شمال العراق وشق الخلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الأقليم الكردستاني. وقد تكون أكبر جريمة مشاركة عراقيين بتشنج غير مدروس العواقب، لتسليمها لقمة سائغة للأتراك بعد أن تم تسليم سكان المحافظة بغباء مفرط لداعش وخلفاء الدولة الأسلامية.&
ولاأجد هناك صعوبة في وصول النجيفي الى أستخلاص حقيقة الدولة العراقية بأن شروط الوطن ودستوره ومواطنيه تستدعي منه التلاحم ومنع الفرق والتكتلات والمليشيات وارهابها من التدخل ومنع الدول المساندة لهم في الخفاء من التدخل في الشأن العراقي.&
ولاأجد أن هناك صعوبة لفهم حقيقة وقوع التفجيرات والقتل اليومي والأغتيال والصراع والتهجير والكوارث تحدث في بلدنا فقط ولاتحدث على هذا النحو المتتالي في تركيا أو إيران أو دول الخليج. كما ان دور نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع هو تأكيد الحفاظ على وحدة العراق وعدم الأعتراض على منهاجها الذي لايستدعي التمثيل العسكري التركي أو نية إشراك قوات تركية في شمال العراق. وقيام تركيا بتدريب المتطرفين من جنسيات إسلامية مختلفة في أراضيها للكسب المادي الذي تقدمه أميركا لأسقاط النظام السوري هو في حد ذاته يشكل خطورة على أمن العراق وسكانه.
القول بأن "تركيا ستشارك بجميع الطرق العسكرية واللوجستية للمساعدة في استعادة السيطرة على مدينة الموصل" من المؤسف أن ينادي به مسؤول عراقي له منصب قيادي ويخالف ويعارض فيه زملاءه ورئاسة حكومته كلما إشتد وطيس المعركة لتخليص أهلنا في المحافظات التي وطأتها ألاقدام الهمجية اليوم والأطماع التركية القديمة.&
&
باحث وكاتب سياسي
التعليقات