مما لا شك فيه ان هناك حالة غضب نسوي مستتر في المنطقة العربية، تقابله حالة من الثورة النسوية في العالم الغربي. كلاهما يسعى إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة. ولكن ما يضيف ضرورة إنسانيه أكبر في المنطقة العربية إنعدام العدالة تجاه المرأة.. والتي بدأت حتى المحجبه تعي ذلك وإن بقي البعض من النساء يحاولن تبرير إنعدام العدالة بأنها إردة إلهيه. لا بد من وجود قصد معين من ورائها وهو ما يتعارض كليا مع الصفات الإلهية وعليه تتأجل الثورة إلى مستقبل ما غير واعين بخطورة هذا التأجيل لأنه يعرقل التطور المجتمعي ويقفل على دائرة الإستمرارية السلبيه لهذا المجتمع.. ولكن كيف من الممكن كسر هذه الدائرة.. هذا ما أختلف فيه عن الكاتبة الأميركية والمصرية الأصل منى الطحاوي برغم الإشتراك في هدف واحد وهو الحرية.
في تحليل الكاتبه منى الطحاوي في كتابها "الحجاب وغشاء البكارة " تصل إلى نتيجة مفادها بأن الثورة الجنسية وحدها التي ستجعل حرية المرأة ممكنه.. وستضمن تحقيق الحرية المنشودة في هذه البلدان...وبأن ثورتها على ديكتاتور البيت هو ما سيضمن لها الحرية.
وبالرغم من إيماني وعملي المستمر للدعوة لإعطاء المرأة حقوقها الإنسانية من مساواة وعدالة.. لإيماني العميق بأنها الطريق الوحيد بل هي المفتاح لضمان تطور وإستقرار المنطقة العربية.. إلا أنني لا أتفق مع الكاتبة بأن الحرية الجنسية هي التي ستجعل حرية المرأة ممكنه. وبأن الثورة على الديكتاتور هي الطريق.. خاصة وهي لا تملك قدرات ’تمكنها من العيش بكرامة.. لأن هذه الحرية والكرامة مرتبطة بقدرتها على الإستقلال المادي أولآ وقبل أي حريات اخرى.
اولا.. أنا انادي بالحقوق للمرأة وملازمته بتمكين المرأة مع إصراري بأن الأصل في ذلك هو العدالة والمساواة لحماية المرأة ذاتها وأن هذه الحماية هي الطريق لخلق مجتمع يرقى إلى أخلاقيات الإنسانية وليس مجرد التشدق بإنسانيته بينما لا تتماشى قوانينه الموجودة مع هذه الإنسانية؟ فمثلا وفي القوانين الموجودة.. حق المرأة في مؤخر الصداق هل سيكفل هذا المبلغ الم’تعرّض للتضخم حماية كرامتها الإنسانية من التسوّل بعد الطلاق.. هل يزيد عدد الملتزمين بقرارا المحكمة في دفع النفقة عن عدد المتهربين منها؟؟.. كم عدد الإخوة الذين يرثوا ضعف نصيب أخواتهن.. في المساعدة المالية لأختهم في حال إحتياجها سواء في حال زواجها من رجل أقل منها ماديا.. أو رجل تغّيرت ظروفه المادية... كم عدد الإخوة المستعدون للإنفاق على اطفال اخواتهن بعد الطلاق والمعروف ان الكثير ’يجبرها على إعطائهم للزوج.. وحتى لزوجة الأب في فترة حقها في الحضانة وهي المحددة ب 7 سنين للبنت و9 للولد وهي فترة الحضانة التي تمنعها من الزواج مرة اخرى إن أرادت أو أراد إخوتها ذلك للتخلص من عبئها عليهم.
ثانيا.. أن الحرية الجنسية أمر وقرار شخصي وفردي.. ومثل هذه الدعوة للحرية الجنسية في تلك المجتمعات تقضي على المرأة ولن تساعدها في نيل حقوقها الأهم.
ثالثا.. أن مثل هذه الدعوة ستصد الأبواب المفتوحة مواربة لحقوق المرأة.. وستخلق بلبلة فكرية في المجتمع المحافظ. الذي لا زال يتأرجح في فهم معاني الحريات وحدودها حتى في حرية التعبير.. فما بالك بالحرية الجنسية.. وهو الذي لا يتوقف ليلآ نهارآ عن شجب الحريات الغربية كلها.. ولا يرى منها إلا الحريات الجنسية.. بينما ’يعمى عن الحريات الإيجابية والضروروية للتقدم المجتمعي والتحضر الأخلاقي قبل المظهري.
تقول الصحفية الألمانية كلاوديا كراماتشيك.. بان المؤلفة لا تقبل الأخذ بالخصوصيات الثقافية بعين الإعتبار.. أنا أيضا لا أريد أن تقف هذه الخصوصيات الثقافية كعقبة لإسكات الأصوات المنادية بالتغيير.. ولكني أكرر بأن الحرية الجنسية لأي إمرأة أمر خاص وفردي.. وخيار شخصي وليس لأحد الحق في الحض عليه.. أو التنديد به.. وإن كانت عيادات ترقيع الغشاء الأكثر ربحا في الدول الغربية.نظرا لقدرة العشرين بالمائه القادرين على السفر.
مقولة الطحاوي بان هناك كرها متأصلا للنساء في العالم العربي.. مقولة ينقصها التحليل العميق في لماذا تتذبذب عواطف الرجل العربي في منتهى الحب والرغبة ثم منتهى الكره.
والتي تعود إلى أسباب عديده متشابكه ومترابطة يعزز بعضها بعضا.. في دينية وتقاليد وأعراف إجتماعية كلها تعزز بعضها بعضا.. والمصيبة أنها تنعكس في قوانين تعطي الرجل المبرر في الكره.. والتسيّد.. وأصبحت العديد من هذه الأسباب معروفة للقاصي والداني.
إنقاذ المرأة العربية لن يتم لا على يد الغرب. ولا الشرق. ولكنه وبالتأكيد سيأتي.. بفترة قد تطول وقد تقصر. تبعا لمدى رغبة المجتمع في التطور.. وتبعا للإرادة السياسية التي تقبل بأن تشاركها المرأة قراراتها.. خاصة ومن أجل سلام نفسي داخلي - إقليمي. ومن أجل سلام عالمي.. الإرادة السياسية التي تقتنع بأن تغيير المناهج الدراسية وربطها بالحقوق العالمية للمرأه يرفعها إلى مستوى حضاري قد يخدم مصالحها السياسية في البقاء على كراسي السلطة فيما لو إعترفت بضرورة التغيير.. إصلاحات سياسية وإقتصادية تتلازم تماما مع التغييرات القانونية.. وهو ما سيؤدي إلى أنسنة المجتمعات العربية.. ودمقرطتها ذانيا... وبدون أي تدخل غربي.
الثورتان السياسية والإجتماعية متلازمتان وهما الطريق الوحيد لكل أشكال الإستقرارات في العالم.
هذا التغيير لن يتم إذا لم تقتنع المرأة بأن حقوقها ستكون أكثر عدالة من إرتباطها بقرون خلت تغيرت فيها الأولويات.. وبان أولويتها الأولى لضمان مستقبل أبنائها عتق نفسها من سلطة الرجل.. ماديا.. وعقليا.
&
منظمة بصيرة لحقوق المرأة الإنسانية
&
التعليقات