"توخ الحذر بمجرد أن تسمع كلمة " حرية أو ديمقراطية "، ففي بلد به حرية حقيقية لن تحتاج أن يُخبرك أحد بأنك حر. " جاك فريسو
&
وكتهيئة لموضوع تزداد تعقيداته يومياً أقول بوضوح أن مهام الدولة العراقية لاتقع على عاتق رئيس الوزراء وحده. وعلينا أن نتوخى الحذر من مؤتمرات إقليمية هي بمثابة طبخة مؤامرات لزعزعة الثقة بقدرة السلطة التنفيذية على العمل والتنفيذ، خاصة مع غرابة المشاركين فيها ممن هم في السلطة، حيث دأب رؤساء مجلس النواب الإسراع لحضورها في عواصم إقليمية لتمثيل العراق، ليس آخرها مؤتمر الدوحة بمشاركة شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي.
&
لابد وأننا في ظلام. ظلام العراق السياسي والقيم المفقودة والطعن بالسلطة التنفيذية والتشفي برئيسها الحالي حيدر العبادي ووصمه بصفة الضعف وعدم القدرة على الإصلاح. وصحة عدم القدرة تكمن أن الشعب العراقي يلقي المسؤولية بالكامل وتطبيق القرارات المعطلة بالكامل على عاتق شخص واحد.كذلك بتحريض ممن يتقدمون بمشاريع الأصلاح في مؤتمرات المؤمرات المعقودة في عواصم معروفة خارج العراق.&
&
بعض القوى الشيعية والسنية والكردية والأقليمية التي يهمها (كالعادة )استمرار الصراع المذهبي أبدت بأنه كانت هناك أسباب خاطئة ومبررات حصرت الخيار ليكون حيدر العبادي المرشح لرئاسة الوزراء، وان ذلك الترشيح يُعدّ كارثة للعراق.
&
الحراك الشعبي ومظاهرات الشباب الحالية في انتظار قرار رئيس الوزراء العراقي فتح أكثر من باب، وأولها فتح المنطقة الخضراء وازالة كل معوقات الحركة المرورية عن عامة الشعب، فذلك امتحان لقدرته العملية وعزمه وطاقته وخبرته وقناعته في معالجة هذا النتوء المعوج الذي أساء الى كل القيم العراقية التي تنشد الحرية منذ عام 2003.&
&
كل من يسعى لإدخال العبادي في صراع المذاهب يقدم خدمة لأعداء العراق ويعرقل عن قصد خطوات الإصلاح المطلوبة وإستنزاف طاقات العراق وتبذيرها. والمجتمعون خارج الأراضي العراقية يعرفون أن مهام الدولة العراقية لاتقع على عاتق رئيس الوزراء وحده.&
&
وسواء كنا مع العبادي وامتحان عزمه على الأصلاح الفعلي التنفيذي أو ضده، فأن الأنجازات والقرارات تتطلب المشاركة الكاملة من القوى التي تقول أنها تمثل مكونات وقوميات شعب العراق. العبادي، سواء كنا معه أو ضده، ليس الملاك الطائر أو الحاكم بأمره ولا يمثل ارادة أمريكية تركية ايرانية أو خليجية، ومحاسبته قد تكون أكثر قسوة من محاسبة المختبئين المخادعين الذين يتسترون بغطاء التمثيل الشعبي والأحزاب الإسلامية وهم في الخارج.&
&
وسواء كنا معه أو ضده، فهو لايغني ليطرب الأسماع ولن يفلح التربة بدلاً عن الفلاح لجعلها خصبة خضراء ولن يعمل في بناء مبنى أو مصنع او يشارك في وضع قطعة رخام هندسية أو تعبيد شارع. وواجباته السياسية والمالية والعمرانية والعسكرية والأمنية تتطلب مشاركة المؤسسات الوزارية والحملة الجماعية الأهلية التي تتعدى الألفاظ والشعارات. وسواء كنا معه أو ضده فأنه لن يرفع بندقية لدحر خرافة الدولة الااسلامية داعش، لكنه المسؤول والمحرك الأول في الدولة بالأمانة التي منحها له الشعب لقيادة القوات المسلحة ونجاحها في محاربة الأرهاب. وماعليه إلا تنفيذ ارادة الشعب وتذكيره " لا تطغينك نعمة وﻻ تحبطنك محنة".
&
الأقلام الإعلامية الإستفزازية الرخيصة ومن يحركها ظلت تنبح ضد الفردية والدكتاتورية وظلت تصرخ ضد تسلط فرد على السلطة واستبداد من تضرجت يديه بدماءنا منذ الستينات من القرن الماضي، ثم تناقض نفسها اليوم بوضع مهام الدولة على عاتق شخص واحد مكلف بتشكيل حكومة والأضطلاع بواجبات مدنية وعسكرية، ادارية ومالية،واقليمية ودولية.&
&
الدولة العراقية في عهودها المختلفة ( دون الإشارة الى أسماء من أساء نفوذه وسلطته منذ بناء القصر الملكي في كرادة مريم الى اليوم ) دللت على هوان وضعف وتراجع في فهم الممتلكات العامة والخاصة وأراضي الدولة. فعندما تستولي الدولة على منطقة بأكملها من جسر الجمهورية الى الجسر المعلق في كرادة مريم، فتلك أول بشائر سرقة العقارات والممتلكات التي لايستطيع انسان عاقل تبريرها والسكوت عليها. ما قيمة الحديث عن الفضيلة والقيم الجوهرية والأئمة في عالم الكذب وإخفاء الحقيقة والأخذ بالنصف المفضل للصورة المبتورة؟ القصور الملكية تحولت قبل خمسة عقود من الزمن الى قصر النهاية وقصر صدام الجمهوري ومبان وقصور مجلس قيادة الثورة ومقر بريمر والمنطقة الخضراء.
&
من المهام التي لم تُتفذ من الحكومات العراقية المتعاقبة والبرلمان هي إرجاع منطقة كرادة مريم ومنطقة الجادرية لأهاليها والمناطق المغلقة بحراسات وأسيجة اسمنتية لأصحابها الاصليينن فهي ليست مقرات حزبية وليست مشيدة لوظائف حكومية أو برلمانية.
&
&والإصلاح يتطلب عدم الاعتراض على رئيس الوزراء بقرار ترك مايطلق عليه بالحزام الاخضر كونها منطقة سكنية وفتح أبوابها الى عامة الشعب و نقل مؤسسات الدولة الرسمية والبرلمان الى جنوب شرق بغداد الواسعة وبالاخص " منطقة الرستمية الواسعة ومعسكر الرشيد ".
&
جرى نقاش حاد مع بعض المعارف والأصدقاء من قوى الأحزاب المتمسكة بحزام المنطقة الخضراء ومبرراتهم الغير مقنعة في التمسك بأرض لا تعود لهم ولا لأحزابهم وبالأخص تملّك وتسجيل حزب البعث السابق لعقارات بأسماء أشخاص مزورة أغتصبوها وتملكوها بالغبن والقوة والبطش بأصحابها بموافقة القيادة القطرية لحزب البعث في حينها. ولقد بدأت أخاف بمجرد سماعي كلمة " حرية أو ديمقراطية " والحديث باسم الشعب وهم يستولون على ممتلكات الأخرين وبدأت أشك في أشخاص تمادوا في تزوير حتى شهاداتهم المدرسية بشهادات علمية وأعطوا لأنفسهم لا يستحقونه وظيفياً ومالايملكون شرعاً وقانوناً.&
&
فبنفس القدرة الفائقة التي يتحدث بها نواب ونائبات العراق بأوضح العبارات عن السرقات والفساد والمحاسبة وتغيير الواقع المزري، يتحدثون بإسم الشعب، ويستطيعون وبقدرة فائقة توفير الفرصة لكشف من استولى على هذه العقارات والخروج بقانون نقل مؤسسات الدولة والبرلمان الى منطقة جديدة وتحديثها لوظائفهم ومسؤولياتهم كالرستمية الشبه متروكه وأشغال مناطق شاسعة من معسكر الرشيد وبواباته وحراساته.&
&
الحديث عن الوطنية والإخلاص وتوفير الأمن والخدمات يشمل كل مكونات شعبنا ومهمات البناء والعمران لاتخص رئيس مجلس الوزراء أو شخص واحد من القيادات العربية أو الكردية وانما تخصهم كفريق عمل انجازي. فالوقوف ضد دكتاتورية الفرد تمنح الشعب المطالب بالأصلاح المنفذ الحقيقي لنجاح والأمن والخدمات وحجب مبررات الفشل.&
&
باحث وكاتب سياسي مستقل&
&