ما بين المقدس الديني والموروث الاجتماعي يظهر التأثير الطوطمي على متغيرات الاحداث، هكذا كانت الافكار تتداول في الفكر الديني البايلي القديم ومنه انتقل هذا التأثير الى الاديان السماوية التي اختلف فيها ظاهر التأثير من الحي الملوس المشاهد في تلك التعويذات الطوطمية الى ذلك المجهول المقدس الموحد الواحد.

&لست اليوم بصدد تحليل علاقة الاديان السماوية بذلك الموروث الاجتماعي الطوطمي، انما اليات توظيف الفكر السياسي الديني لذات معايير الموروث الاجتماعي في نقل العلاقة ما بين الرب الواحد الاحد والانسان كفرد الى نموذج متجدد من العلاقات السلطوية بين رجال الدين والملوك من تحت معطف علاقة الانسان بخالقه عز وجل.

&عدم الفصل ما بين كلا النموذجين من العلاقات ولد من جيل لآخر نماذج متعددة من رجال الدين الذين وظفوا الجهل الاجتماعي لتوليد فاشية دينية متوحشة بحب السلطة، هكذا كانت الفاتيكان في عصور اوربا المظلمة، وهكذا اصبح وعاظ السلاطين في نماذج فكرة مختلفة مثل الخوارج والقرامطة والمعتزلة وغيرهم من الفرق والملل التي لها ميولها لترويج نماذج طوطمية تأخذ من الدين السماوي بعض الحقائق لتربطها بالمورث الاجتماعي، وهكذا تطور المجتمع الانساني في الاديان السماوية المعروفة " اليهودية - المسيحية – الاسلام " لترسيخ هذه النماذج الاجتماعية وتسريع حالة الهلع الاجتماعي من مخاطر التعرض لهذه النماذج " المباركة "!

&وفيما خرج الفكر الديني المعاصر من كفن هذه الافكار عبر موجات تصحيحية متتالية مثل الفكر الكالفني في المسيحية الاوربية، وبروز موجات من التحليل بروح الاعتراض على هذا الموروث في المدرسة السارترية وتزاوج الفكر السياسي الحديث بتلك الافكار التجديدية لإيجاد نماذج قادرة عل ادارة اللعبة السياسية الحديثة لاسيما في المدراس الفكرية الاوربية والامريكية، الا ان التجديد في الفكر الاسلامي الديني - الاجتماعي لم يأخذ حيزه من هذا التطور السياسي لأسباب شتى اهمها ان الحكام في الدول الاسلامية لم يسعوا الى مثل هذا التطور في مجتمعاتهم التي فضلوا بقاء الجهل الاجتماعي فيها لاستتباب الحكم لهم من خلال ما عرفه العلامة العراقي الدكتور علي الوردي بوصف " وعاظ السلاطين ".

مشكلة اليوم ان عموم المجتمع الاسلامي ليس باستطاعته الخروج من ذات الكفن الذي خرجت منه الامم الاوربية نهايات القرن التاسع عشر، ومثلما كانت الكنائس تنعت الرافض للتطبيقات الوسيطة ما بين الانسان وخالقه من خلال رجال الدين بانه كافر وزنديق، فان الكثير من المدارس الاسلامية تصف الرافض لأدوار رجال الدين في خطبهم وتحليلاتهم - المعاصرة- لنصوص دينية بانهم خارجين عن الملة الاسلامية بل ان الاوضاع في عراق اليوم انتهت الى تقبل المجتمع للكفر بالذات الالهية لكنها لا تقبل في بعض مجتمعاتها بذلك الذي يشتم بعض مسميات مراجع الدين الذين تحولوا الى تيارات دينية مسلحة!!

&فاين هي الحقيقة؟

&ربما من الصعوبة في هذه العجالة ان نحيط بأسباب هذا السؤال ومعطياته الكلية، لكن عدم ادراك كله لا يترك جله، ويمكن القول ان الفكر الاسلامي الحديث لم يخرج من كفن المذهبية السياسية للدين ما بين فكر عثماني متسنن انتهى الى نموذج من السلفية السياسية وفكر صفوي متشيع، فانتهى المجتمع العربي الاسلامي الى نماذج من الفكر الاجتماعي الديني الذي يقدس الرموز الدينية ولا يتقبل النقد المتجدد لمورثه الفكري.

&اليوم لابد من الاعتراف بان الكثير من الشيعة في العراق يعترفون بان المرشد الاعلى للدولة الايرانية،السيد علي الخامنئي هو ولي امر المسلمين عامة، وان اغلب قيادات الحشد الشعبي تحت هذه الولاية، بل وان اغلبية قيادات الاحزاب السياسية الشيعية تعترف بهذه الولاية ايضا، مقابل ذلك ما زالت الاحزاب السنية والقوى الاجتماعية السنية ترى في ان الاسلام السلفي في الخليج العربي ومنظومة الاخوان المسلمين الدولية بتشكيلات مراقبيها العاميين في مصر وسوريا والاردن وتركيا، هي مصدر انقيادهم الاجتماعي لفهم العلاقات مع شيعة وطنهم، فادى ذلك الى انغماسهم في اتون الصراع الاقليمي والدولي.

&كل ذلك يؤكد ان حرب الاستنزاف اليوم على الارهاب الداعشي، وضياع فرص اعادة بناء العراق الجديد اجتماعيا وسياسيا انتهى الى اشكاليات حقيقية لن تستطع اية اصلاحات ادارية على فتح فجوة فيها لاسيما وان مفهوم المصالحة الوطنية ما زال غائبا عن هذه الاصلاحات، وما دام اي حديث عن اليات وسبل معالجة ذلك الموروث الطوطمي في الفكر الاجتماعي العراقي يعني عند البعض بانه تعرض فج للمراجع الدينية ويمكن ان يوقع صاحبه في خانة الزندقة الاجتماعية على اقل تقدير!

فما هو الحل المنظور؟

&ربما تحمل التظاهرات العراقية في الايام المقبلة لافتات تطالب بتغيير النظام... لكن مشكلة العراقيين في عدم وجود قيادات حيوية بإمكانها الغاء الموروث الطوطمي لاحزابهم الدينية في نموذج قبيح من الاسلام السياسي المتهم بإدارة الفساد ونهب اموال الشعب، مثل هذه القيادة يمكن ان تظهر من اتجاهين فقط، الاول يمثله الجيل الثاني من عراقيو واشنطن لاسيما في مكتب العراق الدائم في وزارة الخارجية الاميركية الذي يديره المهندس ليث كبة، والاتجاه الثاني من رحم التظاهرات، لكن كل منهما ليس باستطاعته الخروج من عباءة ذلك الموروث الطوطمي ويبقى عراق اليوم والغد القريب عرضة للتقسيم والفوضى غير الخلاقة التي بالتاكيد ستنشر رياح الاضطراب في المنطقة ككل وهو الهدف الاستراتيجي الغائب عن عقول قيادات المنطقة التي ما زالت هذه الاخرى تتخندق داخل مورثها الطوطمي ايضا من اجل ان يظهر الشرق الاوسط الكبير الذي تقوده اسرائيل استعدادا لمعركة هرمجدون التي لها مورثها ايضا في الفكر الصهيوني فهل من مستدرك؟