بهذه العبارة يمكن تلخيص تصرف مسعود البرزاني رئيس إقليم جنوب كردستان المنتهية ولايته، والذي رفض الذهاب إلى بيته كما يفعل الناس الذين يحترمون أنفسهم ودستور بلادهم وإرادة شعبهم.

إن إستمرار مسعود في الحضور إلى مكتبه داخل القصر الرئاسي، كل يوم وإستقباله الضيوف ومزاولة عمله وكأنه لم يحدث شيئ، هذا يدل على نفسية هذا الشخص ونظرته للشعب الكردي ولنفسه.

فهو يحس في قرارة نفسه، بأن القصر والمكتب هو ملكه الذي ورثه عن أبيه، ولا يجوز لأحد أيآ كان مطالبته بمغادرته، فما بالكم بمحاسبته أو التحقيق معه، لأنه ينظر إلى نفسه على أنه نصف إله، وهو فوق السؤال والمحاسبة، والكرد ليسوا سوى خدمٌ وعبيد عنده وعند بقية أفراد الجماعة البرزانية.&

أي شخص محترم مكان مسعود البرزاني، كان سيحمل حقيبته ويذهب إلى بيته، بمجرد إنتهاء مدته الدستورية، معلنآ عن رفضه للتمديد له بعد التمديد الأول، وإحترامه لدستور الإقليم وإرادة شعبه، وطالب البرلمان وكافة القوى السياسية الكردستانية، بانتخاب رئيس جديد للإقليم في أسرع وقت، وسلم مقاليد الحكم لرئيس البرلمان حسب الدستور، وتجنب التسبب في أزمة دستورية وسياسية وقانونية للإقليم.&

ولكننا جميعآ نعلم، بأن السيد مسعود ومن قبله والده، ليسوا من طينة اولئك السياسيين&الذين يحترمون النظام والدستور ويلتزمون به، ولولا ذلك لما وصل مسعود إلى زعامة الحزب الديمقراطي ولا رئاسة الإقليم، التي أمضى فيها عشرة سنوات، ومازال مصرآ على البقاء فيها، رغم إنقضاء مدته الدستورية، ولا يحق لهه الترشح مرة إخرى لهذا المنصب، في أي حال من الأحوال.&

مسعود البرزاني يعلم بأنه إستنفد كل الفرص القانونية للبقاء في منصبه كرئيس للإقليم، ولهذا يتجنب الخوض في الجوانب القانونية للقضية هو وأبواقه، ومناقشتها تحت قبة البرلمان، ولهذا يلجأون إلى لعبة الصفقات المشبوه وسياسة أمر الواقع، لأنه يدرك لا أحد يستطيع إخراجه من «قصره»، المحاط بعشرات الألاف من المليشيات العسكرية التابعة له شخصيآ، وهي مسلحة بأفضل أسلحة يمتلكها الإقليم. ولهذا يتصرف مع الإقليم كمزرعة خاصة به، مثلما فعل المجرم بشار الأسد ووالده مع سوريا بالضبط. وعلى كل حال مسعود ليس غريبآ عن هذه الزمرة، فقد كان صديقآ مقربآ من الطاغية حافظ الأسد، وإحتضنه لسنوات طويلة بدمشق.

إن تمسك الطاغية مسعود البرزاني بالسلطة لهذه الحد، نابع من ثلاثة عوامل رئيسية وهي:

العامل الأول:&

هو سحر السلطة والمال والنفوذ، وإصابة هذا الشخص بمرض جنون العظمة، وتوروم الذات عنده إلى حد الإنفجار. وهو غير قادر أن يتصور فكرة الإنسحاب من الواجهة السياسية والعيش في الظل، وترك كل تلك المغانم للغير، وخاصة إذا كان غير برزانيآ.

العامل الثاني:

هو خوف المستبد مسعود من كشف المستور وتقديمه للمحاكمة، ومحاسبته على كل ما إقترفه هو وزمرته من أعمال غير قانونية، من إستغلال للسلطة والنفوذ منذ عشرات السنيين. وإنتهاء تلك الهالة التي سعى إلى رسمها حول نفسه بمساعدة أبواقه، طوال تلك المدة وتنزيهه. والسبب الأخر هو خوفه، من نهاية المشيخة البرزانية النقشبندية المتخلفة، وضياع حلمه في أن يصبح زعيمآ كردستانيآ إلى الأبد.

العامل الثالث:

هو الصراع الحامي بين أقطاب عائلة البرزاني، وخاصة بين مسرور نجل مسعود،&ونجيرفان إدريس البرزاني، الذي يطالب بإرث أبيه، الذي إستولى عليه عمه مسعود دون وجه حق.

هذه العوامل الثلاثة مجتمعتآ، تدفع بمسعود إلى أن يتمسك بالسلطة بأظافره وأسنانه، وهو مستعد لإفتعال حرب أهلية ثانية وإرقات الدماء، من أجل البقاء في السلطة، إن دعت الحاجة. فعلى كل حال، هو مستمر في حكمه، بغض النظر عما يقوله الأخرين، من قوى سياسية وشخصيات وطنية والصحافة الحرة. فهو يملك على الأرض الجيش والأمن والمال والبترول والعلاقات الخارجية، وخاصة مع السيد التركي وبقية دول العالم. والمناقشات الدائرة حاليآ بين الأحزاب الكردية الأربعة وحزب البرزاني، ما هي إلا مسرحية هزلية سخيفة، وهدفها هو شراء الوقت، وحفظ ماء الوجه للمعارضيين، لا أكثر.

إن كافة القيادات الكردية دون إستثناء، في نظري لا تقل سوءً وإستبدادآ وفسادا من القيادات العربية والفارسية، وهي عدوة للديمقراطية والحرية والتطور والحداثة. وكل ما فعله الكرد في سوريا والعراق، هو إستبدال المستبد العربي بالمستبد الكردي، وكما يقول الشاعر طَرَفة بن العبد:

"وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة - على المرء من وقع الحسام المهند".

&