&
كان الإتفاق الروسي الأمريكي واضح بشأن الهدنة في سورية. الكل مشمول بإتفاق وقف إطلاق النار بأستثناء جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابيين. الجميع عليهم الالتزام بالهدنة، وإن سجلت الأيام السابقة خروقات من جميع الأطراف حسب الإعلام الموالي للنظام وحلفائه والإعلام المضاد لهم. قوة الالتزام لاتأتي من الخوف من التبعات التي تترتب على خرقه بقدر ماهي الية لمحاولة بعث رسالة للعالم هدفها تجريد المقابل من الرغبة في الامتثال للقرارات الدولية وكذلك للتوضيح من خلال تلك الرسالة البون الشاسع بين حقيقة الأفعال على الأرض والنيات المعلنة من حيث الرغبة في السلام، وإيقاف نيران الحرب، وتحسس طريق الخلاص لملايين البائسين كل هذه السنين الخمس الطاحنة من الحرب.
الأكراد كانوا يدركون أن جبهتهم لن تتوقف لأن معظم حدودهم مع تنظيم الدولة (داعش). وعليه، لم يكن هناك جو من الارتخاء العام. رغم إعلانهم (وحدات حماية الشعب+ قوات سورية الديمقراطية) بالتزامهم بوقف إطلاق النار واحترامهم للقرار الأممي. وجاء هجوم تل ابيض (كرى سبي) الاخير ضمن المتوقع رغم شراسة الهجمة وكثرة الدماء. تغلب الاكراد على الهجوم المذكور ويبدو من خطابهم العام أنهم يتحضرون لغيره كثر.&
في المفرق الآخر، النظام يحاول أن يستغل وجود النصرة مع حلفائها من التنظيمات الأخرى التي شملتها الهدنة في ذات الرقعة الجغرافية للهجوم وتوسيع رقعة وجوده. مستفيدًا من تفاصيل قرار مجلس الأمن المبهم من حيث ضعف تحديد توزع خريطة الأطراف المتحاربة الصادر بشأن الهدنة. حتى أنها (قوات النظام والمليشيات الحليفة لها) تتمادى بصورة قاتلة كما كانت تفعل دائماً تحت ظلال القرار المذكور رغم إختلاف الحيثيات عن ماقبل الهدنة.&
داعش هي الأخرى تعرف أنها في حرب أبدية، ولا تعر أي اهتمام للأحداث الخارجية المتعلقة بالمفاوضات، ونقاشات الحل المتعلقة بالحرب السورية. وتحاول أن تهاجم لحماية نفسها من القادم. وتعمل على كسب الهجوم الضعيف لقوات النظام، والقصف المتقطع لطيران بوتين المركز على بقاع أخرى تهمه أكثر من حيث النفوذ، والضربات المحدودة لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عليها لصالح تعزيز مساحتها، ومحاولة تشتيت الصورة الخاصة بافتقادها لقوة الدفع في المعارك بعد النكسات الكثيرة في سورية والعراق. جبهة النصرة أعلنت هي الأخرى أنها ترفض القرار الأممي، وطالبت الجميع السير في خطاها من خلال محاربة الروافض، وأعتبرت في بيانها أن الهدنة خطوة لصالح النظام، وتعزيز لموقفه، وعملية لحماية الأسد في المستقبل. جبهة النصرة التي تعتبر نفسها أكثر براغماتية وتحاول دول إقليمية &كقطر أن تروج على أنها أكثر اعتدالا من ماهي تدعيه عن نفسها رفضت القرار بالمجمل.
الوحيدون الذي يعانون الإعاقة في اتخاذ القرار، والجمود في الحركة، والضياع في البوصلة، هم من يعتبرون أنفسهم وبالاستناد إلى مخرجات القرار المذكور خارج خط التطرف "الفاحش" الذي خصصهما القرار لداعش والنصرة، كون التشدد لم يعد من المنكرات في مجلس الأمن على مايبدو. الإعاقة التي نتحدث عنها هي في اختزال هؤلاء عملهم كله ضمن كل هذه الحروب الداخلية والصدامات وتوزعات النفوذ على مراقبة تصرفات النظام الوحشي وخروقاته للهدنة. المراقبة جزء من ساحة أكبر للعمل، وليست الساحة كلها. أن كان الطرف الذي يعتبره القرار الأممي داخل الهدنة كونه أكثر اعتدالاً من تنظيمي الدولة وجبهة النصرة لماذا لانرى أي مشهد من مشاهد الهجوم من هؤلاء "المعتدلون" على تنظيم الدولة الإرهابي على سبيل المثال أو على تنظيم القاعدة (النصرة) توأم الأول؟! إلا يعتبر التجانس والتعايش مع هؤلاء (داعش – النصرة) جزء من رسائل مخالفة لحقيقة المشهد الذي يحاول الغرب من خلاله مواجهة الروس الذين لاينفكوا يقصفون المناطق دون رادع انساني؟ كذلك، الا تعتبر تلك الرسالة نوع من التدعيم لموقف روسيا والنظام وإيران والمليشيات التي تتبعهم؟!.
أن كان الهدف هو كما هو معلن "تحرير" سورية لماذا تظل البندقية صامتة عندما يكون الجوار بيد تنظيم إرهابي كتنظيم جبهة النصرة ولانسمع صوت لصدام مع تنظيم الدولة (داعش) الذي يستولي على ما يقارب نصف مساحة سورية ولم يخسر شيء من مساحة نفوذه الواسعة تلك إلا على يد الاكراد المتهمون من قبل معظم تلك التنظيمات التي شملتها قرار الهدنة بالعمالة للنظام رغم نفيهم المطلق لتلك التهمة فقط لأنهم ينظفون مناطقهم من داعش وشقيقاتها. وعليه، الا يعتبر الهجوم على جبهة النصرة في أدلب وتحريرها منها توسيع لرقعة المناطق التي تحت يد ماتسمى المعارضة المقبولة غربياً، وبالتالي يمكن المفاوضة مع الروس والنظام على شمولها في إتفاقات مفترضة قادمة، وحماية لأهل تلك المناطق من القصف الروسي الأسدي الذي يتحرك على أساس وجود داعش والنصرة ضمن الهدنة إم أن النص الديني المقدس (إنما المؤمنون أخوة) راسخ هنا والذي فيما يبدو من تصرفات الأطراف الكثيرة الساكتة والسعيدة المتوزعة على كل الخارطة السورية المقطعة الجسد التي شملتها الهدنة على هجمات داعش على بلدة تل أبيض الحدودية قبل أيام لاتشمل الأكراد في سورية. طبعاً، الحديث هنا عن أكرادنا الحقيقيون وليس أكرادهم المزيفون القليلون.
&
صحفي كردي سوري
&