&

رغم ما يعيشه أغلبية القرى الكردية من القصف الوحشي من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجارة (العزيزة) تركيا، إلا أن الصمت الكردي المشمئز والصراع الداخلي المقيت بين الاحزاب الكردية هما سيدا الموقف حتى كتابة هذه الكلمات.

فقبل يومين قصفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ناحية (سيدكان)(1 ) التابعة لقضاء سوران بمحافظة اربيل بالمدفعية الثقيلة وبشكل مكثف، بذريعة وجود (مقرات تابعة لمقاتلي الاحزاب المعارضة )، وقد أسفر القصف عن اصابة عدد من مواطني الإقليم الابرياء،اضافة الى اجبار العشرات من اهالي القرى الحدودية الى ترك منازلهم كما ترك اخرون مواشيهم ومزارعهم ومحاصيلهم الزراعية، فضلا عن الحاق اضرار جسيمة بالاراضي الزراعية والثروة الحيوانية للمواطنين وبيئة اقليم كردستان.

ليس خفيا على أحد هناك مصالح عديدة بين إيران وتركيا،فبالرغم من اختلافهم بشأن ملف سوريا وروسيا، لكن القضية الكردية جمعتهما مرة اخرى كالعادة، فكلتاهما تعتبران أن القضية الكردية تهدد امنهما القومي وان إقامة دولة كردية في أي جزء سيؤثر على القضية الكردية في الأجزاء الأخرى على شكل مطالبات بالمزيد من الحقوق وصولا إلى مطلب إقامة دولة قومية موحدة، وعليه لا استبعد ابدا إمكانية قيام تحالف إقليمي جديد يضم تركيا وإيران ودول اخرى لمواجهة (الربيع الكردي), وخاصة بعد ان اعلن كل من إيران وتركيا بان العلاقة بينهما لم تتأثر ببعض المشكلات التي تشهدها المنطقة، وقال الرئيس الإيراني (حسن روحاني) في تصريح له،قال ( لدينا مصالح مشتركة مع تركيا، منها التعاون والتنسيق في محاربة الإرهاب ) وهنا اضع خط احمر تحت عبارة ( محاربة الارهاب )، وفي نفس السياق قال رئيس الوزراء التركي ( لدينا وجهات نظر مختلفة مع إيران لكن تعاوننا يمنع تدخل القوى الأجنبية )....

ان هذه التطورات والاحداث السريعة التي تعصف بالمنطقة من جهة و تطلّع الشعوب فيها الى الحرية و حقها في تقرير مصيرها من جهة اخرى، اثارت مخاوف جدية لدى تركيا وإيران، والتي اجبرتاعلى التحرك السريع لايجاد سيناريوهات لمواجهة تطلعات الشعب الكردي ومنعهم من التوصل إلى أي من أهدافهم المشروعة بكل الطرق ومنها استخدام الحل العسكري وضرب كل المواثيق والمعاهدات الدولية عرض الحائط.

ان العديد من المحللين و المستقرئين ( للوضع الكردي المتشتت الحالي ) يعتبرون ان مسألة التحول و الإنتقال و الخروج من الأزمات الداخلية أو من بعضها على الأقل في هذا الوقت العصيب، هي مسؤولية الأحزاب السياسية الكردية ( الاخوة الاعداء ), وخاصة ان الإقليم يمر اليوم بمرحلة عصيبة وخطيرة جدا, وان تراكم

للازمات والخلافات الداخلية والحزبية قد تقوده الى ما لا يحمد عقباه، فنار هذه الازمات قد تطال الجميع بدون استثناء وهذا ما يدعو القوى السياسية الكردية الى التوحد ونبذ الخلافات من اجل الخروج من معترك هذه الازمات الى بر الامان، وخاصة ان المرحلة الراهنة التي يمر بها الإقليم تضع الجميع امام مسؤولية وطنية تجاه الشعب والوطن.....

كما يرى المتابعون للسياسة التركية بان من السذاجة والغباء ان يصدق احد بان تركيا قادرة على ان يخطوا خطوة واحدة لصالح الشعب الكردي في تقرير مصيره كباقي الشعوب العالم.... باعتباره واحدأ من اهم الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة الاولى من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبالحقوق المدنية والسياسية الصادرين عن الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1966، حيث اكدتا على حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها وحرية تقرير مركزها السياسي.

وفي ظل هذه الحقيقة المقلقة، يأتي السؤال ملحا : الى متى تستمر الخلافات الحزبية الضيقة بين الاحزاب الكردية والتي تتزامن مع قلق وارتباك كبير في الاوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في الإقليم؟ الى متى تستمر الصراع على السلطة والنفوذ بين الاحزاب الكردية؟ الى متى نفسح المجال لنزعة فرض الامر الواقع بالقوة؟ الا ترون مساعي القوى الإقليمية وشبكاتها التخريبية وتدخلاتها السافرة بالضد من مصالح الشعب في كردستان؟ الم يحن الوقت ان نقف بوجه القوى الإقليمية ونمنع التطاول علينا او جعلنا ورقة في صراعاتها؟ من هو المسؤول عن الخسائر البشرية والمادية التي تلحق باهالي القرى الكردية نتيجة القصف الايراني والتركي العشوائي والذي يؤدي وفي كل مرة الى وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة باهالي قرى تلك المناطق القابعة في الظلام والتي عانت من شراسة النظام البعثي البائد بعد ان تعرض اهالي تلك القرى للترحيل القسري لاكثر من مرة، وتحديدا في عام( 1961و 1978 و في عام الانفال 1988 )؟

واسئلة ملحة كثيرة اخرى اتركها لحكومتنا المثقلة بالصراعات و التحديات الداخلية والخارجية بعد ان تفيق من نومها العميق،ولاعضاء برلماننا المشلول بعد ان يسمعوا اصوات المدافع والصواريخ وصرخات وعويل ضحايا (النيران الصديقة ) التي تحصد يوميأ المزيد من ارواح الابرياء في اقليم كردستان بحجج واهية؟!

ــــــــــــــــ

1 سيدكان، ناحية تابعة لقضاء سوران ضمن محافظة اربيل،تعرض للتهجير القسري من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، وتعتبر من أقدم وأكبر النواحي مساحة واكثرها وعورة, عدد قراها يتجاوز 250 قرية، يقول الكاتب (جمال بابان) في كتابه (اصول أسماء المدن) يقول (ان اصل الاسم هو (سه يده كان ) بمعنى مكان السادة باللغة الكردية. لقد اصدر (صدام حسين ) قرارا جائرا بأخلاء المناطق الحدودية مع تركيا وإيران لمنع التماس بين قوات (البيشمەركة واهالي المنطقة )، فتم ترحيل اهالي (سيدكان ) إلى مجمعات قسرية في (ديانا والتي تقع إلى الشمال مدينة اربيل وهي اليوم مركز قضاء سوران ) و(طوبزاوه وكسنزان وديكَله ) قرب مدينة اربيل. وكذلك تم ترحيل ما تبقى منهم عامي 1984-1988 إلى مجمع (بادليان قرب ديانا ).

&