مهما حاولنا أن نغطي الحقيقة الساطعة &حول أهمية إكتشاف النفط في هذه البلاد في &مرحلة زمنية حرجة ، فإن التاريخ حتماً سيحفظ للأحفاد والأجيال القادمة &أن النفط كانت بمثابة العثور على الكنز &الكبير في أرض عانت من ويلات الفقر والمرض والهزال والتشرذم &منذ الأزل ، وقد أحدث &إكتشافه &تغييراً في بوصلة الهجرة إلي الشمال، ولأول مرة في التاريخ تقلب القوافل &البشرية إشاراتها &في إتجاه &الجنوب العربي .
&
أكدت &مصادر إعلامية &أخيرة حدوث &أول مراجعة مستقلة لاحتياطيات النفط لدى أرامكو السعودية & ، وذلك قبل الإدراج المزمع لأسهمها في السوق &العام المقبل ، وجرى إعتماد الاحتياطيات النفطية المؤكدة للسعودية عند نحو 265 مليار برميل في نشرات مرجعية لقطاع النفط مثل المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية التي تجريها شركة بي.بي لعدة سنوات.
&
وهو ما قد يعني في ظاهره &أن بيع جزء من &حصة الشركة الوطنية العملاقة يشمل ما تحت الأرض ، وهو ما &يثير الأسئلة عند الكثير &، فالنفط & ثروة وطنية إستراتيجية ، وبيع جزء منها &في &السوق العالمية إن صح الخبر قد يكون له أثار يصعب تحديدها &في &اللحظة ، لكنه في المستقبل قد يفتح الباب للتدخل الأجنبي &في البلاد &تحت حجة &المصالح الإقتصادية.
&
مما لا شك فيه أنه قرار تاريخي ، ويترقبه الجميع ، وسيصاحبه جدل &وطني غير مسبوق حول أولاً مشروعية القرار ، وهل سينجح المخطط الإستراتيجي في &المضي في بيع جزء من ثروة البلاد التي لازالت في طور غير مكتمل في التطور والتنمية والإدارة الحديثة ، أم سيكون له &خيار آخر أقل إندفاعاً ، مثل خصخصة شركات التكرير والبتروكيماويات في أرامكو ، على طريقة سابك .
&
تعلمنا من التاريخ أن مثل &هذه القرارات تكون مفصلية عند المضي فيها &، ولها تبعات كبرى ، أي الإنتقال &فيها من طور لآخر ، وقد عانت دول &بسبب الإستعجال في بيع ثروات الوطن ، وقد كانت فترة الخمسينات والستينات فترة ساخنة من الإنقلابات العسكرية &في &الدول العربية ، وكان شعارها الحفاظ &على الثروات الوطنية ، وكان سبب إندلاعها إمتلاك الأجانب للثروات الوطنية .
&
كان عامل الإستعجال في بيع الثروات الوطنية إلي الأجانب سبباً في تأجيج الشوارع ، وقد عانت دول أمريكا الجنوبية من بيع ثرواتها الوطنية ، وقد كانت أرض خصبة لقيام بالإنقلابات العسكرية والثروات الشعبية &، ولتأميم &الثروات الوطنية سواء كان &ذلك غازاً أو نفطاً أو معادن أو كهرباء.
&
في الأرجنتين، باعت الحكومة في التسعينيات بموجب تعليمات الصندوق والبنك الدوليان &ما سماه الأرجنتينيون "مجوهرات الجَدَّة" ، وقد تم &تخصيص ثروات النفط والغاز والمياه والكهرباء والبنوك.. ، كان كل شيء معروضاً للبيع في لحظة من لحظات الضعف الإقتصادي .وفاز بالثروات الوطنية &شركات أمريكية وفرنسية .
&
في مطلع الألفية الثالثة أغرق الصندوق الأرجنتين في أسوأ كساد إقتصادي &شهدته في تاريخها ، &ففقد المواطنون &أعمالهم، وأوقفت &الحسابات المصرفية ، وكانت النتيجة أن أعلنت &الأرجنتين عن فشلها في &سداد 141 مليار دولار من ديونها الخارجية ، ولتعلن &إفلاسها حرفيًّا في ديسمبر 2001.
&
لا يختلف أثنان على أهمية إستثمار عوائد النفط &ومخرجات النفط الخام &في خطط التنمية ونقل التكنولوجيا والصناعة إلي أرض الوطن &، لكن الحذر والخوف &هو من &بيع &ما تحت الأرض &من ثروات ، وهي خطوة جريئة وغير محسوبة &إن صحت ، وقد تكون غير صحيحة ، وأن كل ما يتداوله الإعلام &يدخل في باب القراءات الخاطئة للمشهد ،.. نآمل أن يكون أصحاب القرار في وعي تام لما يعنيه بيع النفط &الوطني &تحت الأرض ، حفظ الله الوطن&
&