تحول الإرهاب الجهادي منذ بداية قرننا الى إرهاب عالمي عابر للقارات. وها نحن، وبعد عمليات كابول ومانشستر ولندن ومجزرة اقباط مصر، وبعد القمم العربية الإسلامية الأميركية واجتماعات الحلف الأطلسي، ها نحن امام حديث عام في كل مكان عن خطر هذا الإرهاب وكيفية مكافحته.
هناك من يحملون الغرب المسؤولية الأولى في مكافحة هذا الإرهاب الوحشي. نعم هذا واجب الدول الغربية وهو ما تقوم به. ولكن المسؤولية الأولى والرئيسة في هذه الحرب تقع على العالم الإسلامي نفسه لأنه هو مصدر ومصنع التطرف والنرجسية الدينية اللذين يولدان إرهاب الجهادي. فلنسأل، لماذا لا توجد في هذا العالم بقعة ديمقراطية حقيقية بالمعايير الحديثة ولماذا يسود التزمت السلفي واستخدام الدين لتغطية المآرب السياسية في اجتثاث الآخر وإقامة دولة إسلامية كبرى على الكرة الأرضية.
لقد بدأ التطرف الديني المسيس مع حركة اخوان المسلمين أواخر عشرينات القرن الماضي، ووجد زخمه مع صعود الخمينية التي استقت هي الأخرى من أفكار وتعاليم سيد قطب. فالارهاب الجهادي هو أيديولوجيا دينية سياسية وليس مجرد إرهاب سياسي محدود المكان كما كان الفارك في كولومبيا او مجموعة ابي نضال او الحرس الأحمر الياباني. ومن اتجل الحرب الحاسمة في مواجهة حرب الإرهاب لابد من تضامن دولي فعال، ولابد أولا من اصلاح المجتمعات الإسلامية نفسها في مختلف المجالات ولا سيما البدء بإصلاح ديني تنويري ينقي التراث من أفكار كراهية الآخر والعنف. ويجب القول أيضا ان الإسلام السياسي الذي يصنع الإرهاب هو واحد في عناصره ومخاطره سواء كان شيعيا او سنيا ولا يجوز التفريق بينهما كما كان يفعل أوباما بتأثير اللوبي الإيراني حين كان يرى ان الإسلام السياسي الشيعي معتدل وان الإسلام السياسي السني هو وحده المتطرف. وهذه فكرة واوهام نجد صداها حتى الآن في وسائل الاعلام الغربية ولا سيما في أوساط اليسار الغربي في تجاهل تام للتدخل الإيراني في شؤون المنطقة ورعاية الميليشيات الإرهابية وحزب الله والحرس الثوري الإيراني الخ.
ان المطلوب إعادة النظر في مناهج التعليم للدول الإسلامية وتنوير الخطاب الإعلامي والخطاب الديني ومكافحة الفقر والجهل واحترام الحريات العامة والخاصة وتقوية أجهزة الأمن الجماعية في مواجهة الإرهاب الجهادي. ويجب تبديد الأوهام عن امكان التغيير الإيجابي لأفكار وسلوك الإرهابيين بمجرد القاء مواعظ عليهم، فالإرهاب المحترف لابد ان يعود الى حرفة القتل والدمار والإرهاب الجهادي لا يدين بدين سوى ديانة الموت وقتل الآخر.&
ومن اهم واجبات العالم الإسلامي قبل غيره عزل الدول التي تدعم الإرهاب الجهادي لغاياتها الخاصة، أمثال قطر وإيران. ويمكن القول ان خطوة مصر ومجموعة من الدول الخليجية تجاه قطر جاءت في محلها، ولا سيما مع استفحال الخطر الإرهابي. ونعتقد ان من صالح الشعب القطري سياسات انفتاحية وان الضرر البالغ به وبالشعوب الأخرى في رعاية ودعم تنظيمات كالاخوان المسلمين وحماس وحركة طالبان التي لها مكتب في الدوحة. وأخيرا فأن عظمة اية دولة مهما كانت صغيرة كقطر هي في مدى الايمان بالديمقراطية وممارستها ومدى الحرص على مصالح الشعوب والأمن وليس في احتضان التنظيمات الإرهابية. فهل سوف تستفيد قيادة قطر من تجربة العزلة الحالية للقيام بخطوات تصحيحية!! وهذا ما نأمله.
&