بالتأكيد أن رئيس حزب الأمة (السوداني) الصادق المهدي ولإعتبارات كثيرة، سياسية وعائلية، يعبر عن رأي السودان وشعبه أكثر كثيراً من غيره، أي أكثر من رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وقبل ذلك أكثر من مبارك الفاضل المهدي مع التقدير والإحترام لكليهما وهذه مسألة من المفترض أنها محسومة وأن السودانيين بغالبيتهم المطلقة يعرفونها ويؤيدونها ولا جدال بالنسبة إليهم حولها فالتاريخ في هذا المجال معروف وواضح.

لا ضرورة لمحاولات تبرير لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فالسودان بحكم عوامل كثيرة من بينها البعد الجغرافي عن فلسطين وعدم إحتلال إسرائيل أي أراضٍ سودانية كما هو واقع الحال مع مصر والأردن غير مضطرة للإنفتاح على هذه الدولة المعادية ثم وإن المعروف أنه ثبت وبالعديد من التجارب أنه من العبث المراهنة على الإسرائيليين من النواحي الإقتصادية وأن هؤلاء يأخذون ولا يعطون وأن حتى الذين "طبّعوا" معهم مرغمين قد خرجوا من المولد بلا حمص كما يقال وعلى من يشك في هذا أن يسأل أشقاءه المصريين والأردنيين.. وغيرهم!!.

لقد قال السيد الصادق المهدي :"إن التطبيع مع إسرائيل لن يساعد السودان مادياًّ ولن يزيل العقوبات المفروضة عليه" وهو قال أيضاً كقائد كبير وكصاحب تجارب غنية كثيرة وكرجل دولة من الطراز الرفيع :"إن التعامل مع الدولة الإسرائيلية في ظل سلام عادل وارد ولكنه في ظل (صفقة القرن) هذه خيانة وطنية وقومية وإسلامية ودولية"..إن من يقول أن التطبيع مع إسرائيل يزيل العقوبات المفروضة فهو واهم.

وحقيقة أن هذا الذي قاله السيد الصادق المهدي تثبته تجارب بعض الدول العربية وتثبته تجربة الأشقاء الفلسطينيين الذين هم تحت الإحتلال ثم وإن المعروف أن الإسرائيليين يسعون لعلاقات مع بعض العرب بـ "التسلل" وأنهم يأخذون ولا يعطون وإن على من يريد التأكد من هذا الأمر أن يسأل بعض من "طبّعوا" بالخفية وبدون إعلان ومن بين هؤلاء الأشقاء في قطر الذين رغم هذا "التطبيع" مع إسرائيل قدقفزوا بعلاقاتهم مع إيران "الرافضة" إلى مستويات خيالية.

ربما أن دعاة "التطبيع" من السودانيين أصحاب نوايا حسنة لكن عليهم أن يعرفوا أن النوايا الحسنة قد تكون جيدة وضرورية مع العديد من دول العالم لكنها وكما ثبت بالتجارب الكثيرة لا يمكن إلاّ أن تكون مكلفة مع إسرائيل وبخاصة وأن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة وأنه ثبت أن الإسرائيليين كنظام وكدولة لا يؤمن جانبهم وأنهم يأخذون بدون أن يعطوا شيئاً لا بالنسبة للقضايا السياسية ولا بالنسبة للقضايا الإقتصادية.