إنّ هذه الأمور مؤكدة ومعروفة، والمشكلة أنّ بعض الإتجاهات الشيعية والمقصود هنا وعلى الإطلاق ليس أيٍ من المرجعيات الكبرى مثل الحكيم والسيستاني، قد حولت بعض فروع تشكيلات هذا "المذهب" الذي له مكانته وتقديره عند أهل السنة وعند المسلمين جميعاً، إلى أحزاب سياسية وإلى تشكيلات عسكرية وعلى غرار ما هي عليه الأمور في العراق وفي إيران نفسها وأيضاً في لبنان حيث حزب الله قد فرض نفسه على شيعة لبنان كلهم أتباع موسى الصدر أمطر الله تربته بشآبيب رحمته وحقيقة على اللبنانيين كلهم بكل طوائفهم من مسلمين ومسيحيين!!.

وهنا؛ فإننا عندما نتحدث عن إسماعيل الصفوي فإننا لا نتحدث عن رجل دين شيعي بل عن قائد سياسي وعن "ملك" هو من أسّس عملياًّ الأسرة الصفوية، وحسب كتب التاريخ حتى "الشيعية" منها فإنه قد إرتكب مجازر لا أبشع منها، وأنه قد فرض نفسه حتى على المقربين منه بالقوة وبصليل السيوف وأعواد المشانق... وقد جاء في بعض الكتب التاريخية أنه كان يرسل مجموعات من المشاغبين ليطوفوا في الأحياء والأزقة ويقوموا بشتم الخلفاء الراشدين... أي أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً.

لم يعد هناك مجال لخلط الألوان السياسية فالأمور أصبحت: "إمّا هنا وإمّا هناك"، وإمّا أبيض أو أسود، ويقيناً أنه إذا تم التدقيق في الأمور وبكل صراحة وبدون محاباة ولا مداهنة فإننا سنجد أنّ هناك عودة لبدايات المرحلة "الصفوية"، وكأن إسماعيل الصفوي قد ظهر مجدداً وجديداً في أردبيل، ومع الأخذ بعين الإعتبار إنّ الشيخ صفي الدين الأردبيلي الذي "ينسبه" البعض، والله أعلم، إلى الإمام موسى الكاظم بدون أي دليل، هو شيء وإسماعيل الصفوي شيء آخر.

أبداً وعلى الإطلاق فإن كل التقدير والإحترام للأشقاء الشيعة من منهم في العراق وفي لبنان وبعض دول الخليج العربي وأيضاً في المملكة العربية السعودية، والمعروف أن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، مكانته عند أهل السنة كمكانة الخلفاء الراشدين، أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وإن أحفاد فاطمة الزهراء الأثني عشر من الحسن والحسين وصولاً إلى عمر المهدي مكانتهم عالية ومرتفعة عند أهل السنة بكل مذاهبهم: أي المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي.

وحسب كتب التاريخ فإنّ إسماعيل الصفوي هذا بعد هزيمته النكرة أمام "العثماني" سليم الأول قد إنصرف إلى العزلة وغلب عليه اليأس وأرتدى لباساً أسود اللون ووضع على رأسه عمامة وأنصرف إلى معاقرة الخمر، وكانت نهايته أنه مات متأثراً بالسل وعمره سبعة وثلاثين عاماً في 31 مايوعام 1520 .

إنّ المقصود بهذا كله أنه لا يجوز لهذا المذهب ان يتحول إلى أحزاب سياسية، وحقيقية أن هذا ينطبق أيضاً على المذهب "السني" فالدين لله ولا يجوز إقحامه في الألاعيب السياسية، وكما هو واقع الحال الآن في العراق وأيضاً في سوريا ولبنان.. وفي اليمن حيث "الحوثيّون" الذين هم في حقيقة الأمر مجرد "ميليشيات" مسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني الذي أسسه وقاده فترة طويلة قاسم سليماني.