بعض الانطباعات يخدع للوهلة الأولى. يعزز الخدعة استخدام كلمات قديمة من زمن مضى لم يعد ينطبق على الزمن الحالي.
خادع وخاطئ الانطباع أن ما كُشِفَ عنه بين الإمارات وإسرائيل هو مجرد اتفاق سلام، على غرار ما قام بين إسرائيل ومصر (١٩٧٩) والأردن (١٩٩٤). كلا بل هو إعلان، وأن من دون إعلان، لحلف بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل في وجه عدو مشترك هو النظام الإيراني ومتفرعاته وأذرعه في المنطقة. على السيدين علي خامنئي وحسن نصرالله أن يقلقا وحقهما ألا تعرف عيونهما النوم للمرة الأولى منذ زمن طويل لأن توازناً استراتيجياً قد قام في وجه المشروع التوسعي لإيران في المنطقة، والمرشح الأول لدفع ثمن هذا التطور الهائل الأهمية هو "حزب الله"، باعتباره ذراع النظام الإيراني وفرقة من حرسه الثوري على حدود إسرائيل الشمالية. وقد بات القوة الأخطر والأكثر عدائية ضد العرب بعدما وسع نشاطه إلى اليمن ونقل إليه تقنيات، وخبرات، الضرب بالصواريخ والمسيّرات ولم يوفّر حتى مدينة مكة المكرمة، مهدداً النظام العربي في عمق أمنه وحتى في كيانه.

الإمارات طليعة في هذا الاتفاق ولن يستطيع نظام الملالي الإيراني الاستمرار في سياسة تهديد الدول العربية بتصدير مقاتليه وصواريخهم وعقيدتهم إليها. يجدر التوقف ملياً عند كلمة "الأمن" التي وردت مراراً ضمن إعلان الاتفاق في مجال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين. الأمن الخارجي للدولتين طبعاً يعني التهديدات الخارجية. وأيضاً يجدر التوقف عند مواجهة التحديات الاستراتيجية. جاء في الاتفاق : "ستنضم الإمارات وإسرائيل إلى الولايات المتحدة لإطلاق أجندة استراتيجية للشرق الأوسط لتوسيع التعاون الديبلوماسي والتجاري والأمني".

ونقلاً عن وكالة أنباء الإمارات :"ستجتمع وفود من الإمارات وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة".

ماذا عن فلسطين؟ ستكون لهم دولتهم وهم سيفاوضون عليها. ولن ينشأ تبادل ديبلوماسي بين الإمارات وإسرائيل قبل حل هذه المسألة بما يرضي الفلسطينيين. قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن خطوة بلاده جاءت من أجل"الحفاظ على فرص حل الدولتين، عبر تجميد إسرائيل مخطط ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة"، أما وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي فدعا مع حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، للعودة إلى "خطوط الرابع من يونيو ٦٧". نقطة يمكن البناء عليها والتوسع فيها توصلاً إلى وضع تصور لما ستكون عليه " الدولة" في تلك البقعة التي كانت تحت السلطة الأردنية قبل حرب ١٩٦٧. ومن قال إن الفلسطينيين في الظروف الراهنة ما زالوا يرفضون أي حل إلا التحرير الشامل والكامل؟

أما الإمارات، وخلفها دول مجلس التعاون الخليجي عموماً فيهمهما جداً، أيضاً، حق المسلمين جميعاً والعرب في زيارة الأماكن المقدسة في القدس وأداء الشعائر الدينية فيها. وسيكونان متاحين وموضع ترحيب في الاتفاق.

لقد خاف "حزب الله" أن يتهم إسرائيل بتفجير مرفأ بيروت الكارثي في ٤ أغسطس، وحتى إدراجه إحتمالاً ضئيلاً من ضمن الاحتمالات. بعد اعلان الاتفاق الأميركي - الإماراتي- الإسرائيلي ليل ١٣- ١٤ أغسطس ٢٠٢٠ صارت لديه مبررات للخوف من خيالاته.