الخوف كل الخوف أنْ تنتقل هذه "العدوى" الأفغانية إلى المنطقة العربية أو الوطن العربي لا فرق، فالواقع العربي الحالي، بعدما إنتظرنا ما أعتبرناه ربيعاً عربياًّ ولم نتوقع كل هذا الزمهرير السياسي المدمر، بات قريباً من الواقع الأفغاني ومع الأخذ بعين الإعتبار أنّ هناك دولة واحدة بقيت تتناهشها الدول المجاورة وبعض الدول البعيدة أيضاً وأنّ هناك أكثر من عشرين دولة لا تجمعها إلاّ الجامعة العربية التي باتت لا تجمع أحداً وأن الأمور، بعدما أصبح هناك ما سميّ: "الربيع العربي"، غدت "فالج لا تعالج" وانّ "دولنا" بإستثناء الإستثناءات القليلة المعروفة غدت ممزقة ومتفرّقة "أيدي سبأ" ولا يجمعها أي جامعٍ ولذلك وللتأكد من هذه الحقيقة الموجعة و"المبكية" علينا أن ننظر إلى الخريطة العربية الأفريقية والخريطة العربية الآسيوية أيضاً!!.
إنّ حركة "طالبان"، أي "الطلابية"، التي أخترعت إختراعاً في عام 1994 والتي كانت قد بدأت بثلاثة وخمسين طالباً من طلاب المدارس الدينية في "قندهار" وأنها بعدما تضاعفت أعدادها قد تمكنت، بعد مواجهات دامية متعددة وكثيرة، من السيطرة على العاصمة "كابل" في عام 1996 وعلى غرار سيطرتها هذه الأخيرة لكنها بعد صراعات مريرة ما لبثت أن خرجت منها مهزومة والواضح أنها ستخرج منها مرة أخرى نظراً لأوضاعٍ متداخلة متعددة وكثيرة.
وحقيقةً أنّ الولايات المتحدة بوجودها العسكري الذي إستمر لنحو عشرين عاماً قد حققت الإستقرار في هذا البلد الذي لم يعرف الإستقرار نهائياً على مدى تاريخه الطويل والغريب وهنا والمستغرب أيضاً أنّ إدارة جو بايدن الأميركية كانت تعرف أنّ إنسحابها من هذا البلد تنتظره جهاتٌ وأطرافٌ كثيرة من بينها حركة "طالبان" هذه التي تقف معها "ووراءها" جهات كثيرة والتي بالتأكيد سيكون مصير إنتصاراتها الأخيرة كمصير إنتصاراتها السابقة إذْ أنّ هذا البلد الذي بقي بؤرةً متقدمةً ودائماً وأبداً على مدى تاريخها الطويل والذي مرت عليه إحتلالات كثيرة سوف يستعيد التقاط أنفاسه وأنّ هؤلاء "الطالبانيين" سوف يخرجوا منه هذه المرة أيضاً كما خرجوا منه في المرة السابقة، وهكذا فإنه على بعض العرب أن لا يضعوا أيديهم بين ألسنة هذه النيران الملتهبة في هذا البلد الذي بقي تاريخه بدون إستقرار على مدى كل هذه السنوات الطويلة.
وهنا وبما أنّ الشيء بالشيء يذكر، كما يقال، فإن أغلب الظن أن العدوى الأفغانية ستصل إلى بعض دولنا أو أقطارنا العربية فهناك هذا "الإنفلاش" الذي باتت تغرق فيه بعض هذه الدول من منها في أفريقيا ومن منها في آسيا وهنا فإنه يجب التدقيق في واقع الحال في عدد من "دولنا" الآسيوية وأيضا دولنا الأفريقية لنجد أنه أصبح هناك أكثر من "طالبان" وأن هناك أكثر من أفغانستان وأن هناك جمراً بات "يعسعس" تحت الرماد وأن ما يجري في ليبيا يجعلنا نضع أكفنا على قلوبنا فهناك أكثر من "طالبان" وهناك رجب طيب أردوغان!!.
وعليه وفي النهاية فإنه يجب عدم إعتبار أن هذا الكلام هو من أجل الإستهلاك السياسي إذْ أنّ هناك من أشعل كل هذه الحرائق في الجزائر، بلد الشهداء والثوار، وأن هناك من حوّل ليبيا إلى أفغانستان ثانية وهذا ينطبق على اليمن، الذي كان سعيداً ذات يوم بعيد وينطبق أيضاً على العراق بلاد الرافدين وعلى سوريا التي كانت أول من رفع شعار: "أمة عربية واحدة" وأصبحت ممزقة "إرْباً إرْباً" وعلى هذا النحو وحيث أنّ ما يجرى في درعا يدل على أن هناك "افغانستان" ثانية.. وبالطبع فإنّ هذا ينطبق على لبنان الذي كان الشاعر الكبير سعيد عقل قد قال فيه:
هالكم أرزه العاجقين الكون وقبل ما كانوا هون ما كانش كون
التعليقات