حتى لو أنّ "حركة طالبان" قد عادت إلى أفغانستان، بعدما كانت قد خرجت منها هرولة، بإسناد يقال أنّ بعضه عربي، فإنه لا ضمان إطلاقاً أنْ لا تخرج "مطرودةً" مرةً ثانية.. وربما وثالثة ورابعة فهذا البلد الذي يقع في منطقة شهدت تقلباتٍ كثيرةٍ كان قد إحتله الإتحاد السوفياتي الذي كان قوةً كونيةً رئيسيةً وبقي فيه نحو عشرة أعوام وحيث أنه قد ترك خلفه حزباً شيوعياً حاكماً على رأسه بابراك كارمال، لم يصمد، رغم دعم موسكو والدول الشيوعية، إلّا لثلاثة أعوامٍ في مواجهة الجماعات الإسلامية التي كانت أهمها حركة طالبان التي كانت قد قاومت في الجولة السابقة لمدة عشرين عاماً لكنها قد خرجت من هذا البلد الذي تناوبت عليه إحتلالات متلاحقةٌ وكثيرةٌ ولم تعد إليه إلّا قبل فترة قصيرة.
ولعلّ ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّ هناك من يقول أنّ "طالبان" الحالية هذه هي غير "طالبان" السابقة وأنها بعد تجربتها الماضية الفاشلة أصبحت تتعاطى مع أوضاع بلدٍ مرّ بتقلبات كثيرة بطريقة غير الطريقة الأولى وأنّ هناك من يقول أنها قد إستفادت من الإقتراب والتعاطي مع بعض الدول العربية وحقيقةً أنّ هذا كان واضحاً ومعروفاً وحيث أنّ كبار قادة هذا التنظيم بقوا ولا زالوا يتردّدون على بعض العواصم الخليجية العربية.
وهذا يعني أنّ "طالبان" هذه ربما أنها قد تعلّمت من تجربتها السابقة الفاشلة وأنها إن لن "يلعب الشيطان في عُبِّها" ستضع هذا البلد، الذي كان ولا يزال تمتدُّ إليه أيدي الطامعين ومن جهاتٍ كثيرةٍ، لكن الواضح من تجربة الأيام القليلة الماضية: "أنّ الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم" والواضح أنّ هؤلاء قد ثبت من تجربة الأيام القليلة الماضية أنهم لا زالوا على ما كانوا عليه وأنهم تنظيمٌ إرهابيٌ و"إنّ الله لا يٌغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وإن الدليل على هذا إنهم بدل أنْ يتعاطوا ويتعاملوا مع أحمد شاه مسعود المسيطر على منطقة وادي بنجشير بالتي هي أحسن فإنهم قد بدأوا ومنذ اللحظة الأولى بالتهديد والوعيد وإنه لو لم يحدث في مطار كابول هذا الذي حدث فإنّ المؤكد أنهم قد بدأوا هجومهم على هذه المنطقة التي هي في غاية الأهمية والتي كل أهلها وسكانها من "الطاجيك" الذين يعتبرون فئةً طليعيةً وحضاريةً وإنها بقيت تدافع عن هذا الوادي الذي يحتلُّ موقعاً "إستراتيجيا" جعل أهله رغم أنهم "أقليةٌ قومية" يحافظون عليه رغم كل ما مرّت "إفغانستان" به على مدى حقب التاريخ السابقة واللاحقة والقريبة والبعيدة.
وهكذا وعليه فإنّ هؤلاء "الطالبيّين" ورغم كل ما يردّدونه من كلامٍ ناعمٍ وبخاصةٍ بعدما حصل كل هذا الذي حصل في مطار كابول وفي غيره وفي أمكنةٍ كثيرةٍ فإنهم سيعيدون الكرة هذه مرة ثانية أيضاً وأنهم ورغم حصول كل هذا الذي حصل فإنهم لن يغيروا ما هم عليه وأنّ "الطبع يغلب التطبع" وإن الأيام قادمة.. وستثبت "إن الطبع في العادة يغلب التطبع" .. وأن غداً لناظره قريب!!
التعليقات