خلقنا الله -عز وجل- وأودع فينا إمكانات نعلمها ولا نعلمها.. إمكانات نُسَخِّرها، وإمكانات نظن أننا عاجزون عن تسخيرها.

التغيير إلى الأفضل قَدَرُنا الأفضل، وكل شيء حولنا يتغير، فمقاومة حركة التغيير كمقاومة الجاذبية منهكة تؤول بك إلى الانهيار آخر المطاف.


يقول الروائي الروسي «دوستويفسكي» في رواية «في قبوي»: «أفضل ما يمكن أن يفعل الإنسان هو أن يتحدث مع نفسه»، ومن هذا الحديث يبدأالانطلاق، واختراق الآفاق.

إن أعظم الناس هم الذين غَيّروا التاريخ، وأحدثوا فيه أثرا، وصاروا تاريخًا حاضرًا ضمن صفحاته.

أولئك المؤثرون المقتدرون لا يختلفون عنك إلا في جزئية هي لديك، ولكنها تحتاج إلى تفعيل، ألا وهي تغيير أنفسهم إلى الأفضل.

لا تستسلم لذاك الانطباع الذي يقول لك: أنا خُلِقتُ هكذا، وطبيعتي لا تتقبل التغيير، ألا إن هذا لهو الوهم المبين..

الوهم الذي يعلم الناجحون زيفه، كما يعلمون علم يقين أن التغيير سنة الحياة، وكلمة مرور الفلاح.

أن تتغير يعني أن تحيا حياة صحية متقدمة، وأن تبقى على ما أنت عليه يعني ألا تبرح مكانك، وتظل من الخاملين.

أولئك المؤثرون أول ما بدؤوا بالتغيير بدؤوا بأنفسهم؛ إذ إن الانطلاقة الحقيقية تبدأ من الداخل أولًا، وما عدا ذلك من تغيير فهو مجرد قشور خارجية لا تمتلجوهر التغيير بصلة.

إذا أردت النجاح فعليك تقليب صفحاتك، والتمعن فيها، وتحديد ما يمكن، وما لا يمكن، ومعرفة مكامن القوة والضعف، وتمييز أبرز القيود التي تكبّل الإرادة،وبعد ذلك يمكن للمرء أن يبحث عن الأسباب الخارجية التي تكوّن أسبابًا طفيفة في عدم سلك درب النجاح، وليس العكس،

اقرأ إن شئت قول الله تعالى: {إن اللهَ لا يغيّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنْفُسِهم}، وتأمل كيف ذم الله بعض الأقوام برفضهم التغيير: {إنَّا وجدْنا آباءَنا على أُمَّةٍوإنَّا على آثارِهِمْ مُقتَدُونَ}.

كاشف ذاتك، واقترب منها اقتراب الطبيب من المعتل، وجس نبضها، واشرع في فعل ما ينهض بها، وحاذر أن تهمل هذا الإجراء الدوري من حين إلى آخر،وإلا أصبحت كالذي ينتابه داء ولا يفحص نفسه خوفاً من اكتشاف ما لا يعلم من أدواء، ولو فعل لعرف أدواءه في البدايات، وتلافها قبل أن تستفحل.

وليست المكاشفة ابتكاراً حديثا، بل هي خُلق نبوي دعا إليه نبينا الكريم ﷺ في بعض ما رُوِي عنه: «حاسِبوا أنفسَكم قبلَ أن تُحاسَبوا، ومَهِّدوا لها قبلَ أنتُعذَّبوا، وتَزَوَّدوا للرحيل قْلَ أن تُزعَجوا».

بالمكاشفة تحقق الكثير من الإيجابية، وحسب المكاشفة فضلا أنها تعين على المراجعة الفكرية، والنفسية، والسلوكية.

إنها دعوةٌ عامةٌ صريحة لمكاشفة الذات، ومعاينة جوانب التقصير والعيوب، وإبراز ما يجعل التغيير ممكنًا، ألا وهو الأمل.

إن الأمل هو المحفز الرئيس للإنسان لتغيير واقعه إلى الأفضل، ومن لا يملك أملًا في واقعه فإن التغيير في حياته يكون كالسد العظيم في طريق حياته، أوكالعقبة التي لا يمكن تجاوزها، وكما يقال إن الأمل وَقود العمل.

علموا أبناءكم ثقافة التغيير، وازرعوا فيهم الجراءة على اتخاذ القرارات في حياتهم الشخصية في أبسط الأمور، وأخبروهم أن الخسارة ليست أن يسلكالإنسان طريقًا خاطئًا، فكلنا معرضون لاتخاذ قراراتٍ خاطئة،

والخسارة الحقيقية هي استمرار السير في هذا الطريق الخاطئ، وعدم مراجعة النفس فيما سبق مكابرةً وعنادًا وتسويفًا وغرورًا.

كثيرًا ما نقرأ عن التفكير خارج الصندوق، النظر في الأمور من الخارج بـ (زومٍ) بعيد يُظهِر لك المشهد برمته بالكامل؛ لأن النظرة القريبة أحيانًا تكون قاصرةً…

بل قد لا تعطيك صورة حقيقية عن المشهد

فَعِّل هذه الخاصية لديك في اتخاذك للقرارات،وجَنِّحْ بنظرك إلى أبعد نقطةٍ يمكنك من خلالها أن ترى جوانب الموضوع كلها،فَكِّر من كل ناحية،تدبر في كلفصل،ثم بعدها توكل على الله،واتخذ القرار المناسب،واترك نافذةً صغيرة تمكنك من التغيير في أي لحظة.

قفلة:

حَقِّقْ مع الذاتِ وابدَأْها مُكاشَفَةً

مُكاشِفُ الذاتِ محمودُ النهاياتِ

الجامدونَ جَنَوا من عَجْزِهمْ فشلاً

والسائرونَ تَهَنَّوا بالنجاحاتِ