لم تكن هناك من صدمة أصابت النظام الإيراني خلال الأعوام الاخيرة کما هي الحال مع صدمة اعتقال الدبلوماسي الإرهابي أسدالله أسدي والزمرة التي کان يقودها بهدف تفجير التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية في عام 2018م، وصارت هذه الصدمة أکبر بکثير عندما تمت محاكمته وإدانته والحکم عليه بالسجن لأكثر من 20 عاماً من قبل محكمة بلجيكية، ما جعل النظام الايراني يعاني أکثر في هذه المسألة أنها قد جسدت مرة أخرى مصداقية المقاومة الإيرانية في کل ما تذكره بشأن المخططات والمٶامرات الإرهابية التي يقوم بها هذا النظام ضد معارضيه من أعضاء المقاومة الإيرانية.

محاکمة أسدي وزمرته، اعتبرتها العديد من الأوساط السياسية والحقوقية أنها بمثابة محاكمة للنظام الإيراني نفسه، خصوصاً بعد افتضاح حقيقة أن العملية الإرهابية التي كان ينوي أسدي وزمرته تنفيذها عام 2018، قد تم الإشراف عليها والتخطيط لها من قبل أعلى مستويات سلطة النظام الإيراني، ومع أن كل تلك المساعي المحمومة التي بذلها النظام من أجل الحيلولة دون إجراء محاكمة أسدي وإطلاق سراحه، والتي وصلت إلى حد التهديد الصفيق لبلجيکا، قد ذهبت أدراج الرياح، لكن النظام مع ذلك ظل يعلم بأن مجرد بقاء أسدي في السجون البلجيکية سيكون بمثابة مستمسك ودليل حيّ يدينه، لذلك لجأ إلى لعبة اتفاقية تبادل السجناء المحکومين مع بلجيکا، لإطلاق سراح أسدي، وإنقاذه من العقوبة التي يستحقها.

صدمة النظام الإيراني جراء قضية الإرهابي أسدي، تأتي من حقيقة ومصداقية المقاومة الإيرانية التي أكدت دوماً أن سفارات النظام الإيراني حول العالم ما هي إلا بمثابة أوكار ومقرات لانطلاق العمليات الإرهابية، وبدورها المقاومة الإيرانية طالبت دول العالم، وبشکل خاص الدول الأوربية، بإغلاق سفارات النظام الإيراني، لأنها مخصصة لأهداف ونشاطات لا علاقة لها بالسلك الديبلوماسي والعلاقات السياسية بين الدول، لا سيما أن المقاومة الإيرانية تؤكد على هذه المسألة وبصورة مستمرة، وتحذر دول العالم منها. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل المقاومة الإيرانية في تحذير العالم من إجرام النظام الإيراني، إلاّ أنها تفاجأت بإعلان الحكومة البلجيكية هذا الربيع، وفي خطوة غير متوقعة، أنها وقعت اتفاقية تبادل سجناء مع حكومة الملالي. وتبيّن على الفور أن النظام الإيراني اعتقل بشكل تعسفي مواطناً بلجيكياً، مطلع العام الجاري، وهو عضو في منظمات حقوقية أوروبية تعمل في إيران، واتضح من ذلك لجوء الملالي إلى الأسلوب القديم في أخذ الرهائن الذين استخدموهم على نطاق واسع في لبنان والعراق وتركيا ودول أخرى لمبادلة أسد الله أسدي بمواطن بلجيكي بريء، وذلك من خلال الضغط على الحكومة البلجيكية. إن السؤال الذي يمکن طرحه هو هل ما قد تم إبرامه بين النظام الإيراني وبين الحكومة البلجيکية هو حقاً اتفاقية لتبادل السجناء المحکومين بين البلدين، أم أنها من أجل إنقاذ إرهابي متورط بارتكاب عملية إرهابية کانت تستهدف 100 ألف من الحضور، والتغطية على جريمة لو کان قد کتب لها النجاح فإنها ستکون بمثابة مجزرة تهز العالم بأسره، والمثير للسخرية والتهكّم أن النظام الإيراني کان يهدف من وراء ذلك اتهام المقاومة الإيرانية نفسها بارتكاب هذه المجزرة، للفت الأنظار إليها، وبالتالي منعها دولياً من القيام بأي نشاطات مستقبلية، ولكن سارت الرياح بما لا تشتهي سفن النظام الإيراني. والآن تمر الحكومة البلجيكية بامتحان المقاومة ضد ابتزاز الملالي والدفاع عن حكم محاكم بلادها وسيادة القانون.