:To read this in article in English
The Historic Rise of Nations and the Riyadh Expo Bid

بين الفينة والفينة، تبرز في العالم مدينة تجسد التطلعات نحو التغيير السريع، تزامن نموها الوطني مع رفع مستوى التقدم الاقتصادي الإقليمي، وتحفيز قنوات النمو بين الشركاء. في القرن السادس عشر، أدت مدينة البندقية هذا الدور، فيما تبوأت أمستردام هذه المكانة في القرن السابع عشر، وهيمنت لندن على المشهد العالمي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حتى صعدت نيويورك إلى القمة في أوائل القرن العشرين.

خلال العقود القليلة الماضية، يمكن تصنيف مدن أخرى تنتمي إلى العالم الناشئ في الفئة نفسها، وهي على سبيل المثال لا الحصر: طوكيو وهونغ كونغ وسنغافورة وسيول وشنغهاي وبكين، وحديثًا دبي وأبو ظبي.

اليوم، تدخل الرياض في تلك الفئة من المدن العالمية الكبرى التي تقود التغيير وتجذب الاهتمام وتحفز التجارة والابتكار والمواهب وتدفقات رأس المال وغيرها، فالمملكة العربية السعودية تبرز دولةً تقود التحولات في عصرنا. من مشروعات ضخمة ومبتكرة إلى إصلاح في أبسط السياسات المنتهجة لإزالة كل معوقات النمو، تمثل "رؤية السعودية 2030" واحدة من أشد الجهود الاقتصادية طموحًا وأبعدها مدى لإحداث التغيير الإيجابي في التاريخ الحديث.

فيما يفضل محللون كثيرون سبر أغوار "رؤية 2030"، ربما يكون مهمًا أيضًا وضع المسيرة السعودية نحو المستقبل في سياق التحولات الكبرى التي تسعى دول أخرى إلى تحقيقها. كانت الصين مسرحًا لأكثر التحولات إبهارًا في الجيل الماضي، ومرّ قطار التحولات في كوريا الجنوبية وسنغافورة وفي دولة الإمارات العربية المتحدة.

ينبغي أن ندرك ما سبق كله فيما تقدم الرياض عرضها لاستضافة معرض World Expo في عام 2030. تزامن إطلاق هذه السلسلة من المعارض مع الثورة الصناعية. في أول أيامها في القرن التاسع عشر، كان معظم المضيفين في هذه المعارض يمثلون مدنًا صاعدة في أوروبا وأميركا الشمالية. فقد استضافت لندن وباريس أول أربعة معارض في منتصف القرن التاسع عشر، ودخلت شيكاغو ونيويورك وبروكسل ومونريال وسياتل على الخط، كما كانت أوساكا أول مدينة آسيوية تستضيف معرضًا في عام 1970.

في بداية الألفية الثالثة، بدا نجاح الصين في استضافة المعرض محتومًا، واعتبر معرض شنغهاي في عام 2010 هو الأول في ما يسمى العالم الناشئ. وفي عام 2020، استضافت دبي المعرض بطريقة استثنائية. وقد اصاب المكتب الدولي للمعارض (Bureau International des Expositions)، وهو لجنة مؤلفة من دبلوماسيين ومسؤولين حكوميين من جميع أنحاء العالم يختارون بين المدن المتنافسة، في اختيار شنغهاي ودبي، فهاتان المدينتان تمثلان عصريهما بوصفهما مدينتين ناشئتين في بلدين ناشئين.

اليوم، الاختيار محصور في الرياض السعودية وبوسان الكورية الجنوبية وروما الإيطالية. وعندما يتعلق الأمر بمدينة ناشئة في بلد ناشئ، فإن الرياض تتقدم على منافستيها. رسميًا، يتم تصميم معارض "إكسبو" لتكون "تجمعات عالمية مخصصة لاجتراح الحلول للتحديات الحاسمة في عصرنا". وبشكل غير رسمي، يُنظر إلى هذه المعارض أيضًا بوصفها وسيلةً لدفع التغيير في البلد المضيف، وبناء إرث من التقدم السريع في الفترة التي تسبق المعرض، ليصبح تقدمًا ممأسسًا بعد ذلك، أي قائمًا على أسس مؤسسية صلبة.

إن الرياض والسعودية مشغولتان بالفعل في تحقيق تحولات جذرية، واستضافة "إكسبو" ترفد هذه التحولات وتعززها. إن الشباب السعودي المحترف قادر على تقديم قدر كبير من الطاقة والديناميكية وتأمين الكثير من الخدمات في هذا المعرض. وبالطريقة نفسها التي عززت الاستعدادات لقمة مجموعة العشرين في الرياض قدرات جيل جديد من الشباب السعودي بمنحه فرصة العمل في حدث عالمي (على الرغم من أنه كان افتراضيًا)، سيرى العالم أجمع جيلًا سعوديًا شابًا جديدًا يعمل مع دول وشركات تنصب أجنحتها في موقع المعرض.

لذلك، إن اختار منظمو "إكسبو 2030" الرياض مضيفةً للمعرض، فإنهم يساهمون في تحقيق "رؤية السعودية 2030" بتطوير المواهب السعودية الشابة، ويسرّعون تحولًا جوهريًا يحدث فعليًا في بلد مهم على المستويين الشرق الأوسطي والعالمي. فالتحول الذي تشهده المملكة سيترك بصمةً إيجابية جليةً في المنطقة كلها.