الاحتلال الذي يواصل عدوانه الهمجي على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، مرتكباً أبشع المجازر بحق المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، مستهدفاً المستشفيات ومراكز الإيواء ودور العبادة، يسعى إلى تطبيق مشاريعه التصفوية المرتكزة على الطرد (الترانسفير) من خلال ممارسة كافة صنوف الإرهاب والقتل والتنكيل، وصولًا إلى التهجير القسري تحت ذرائع واهية.

في ظل تصاعد جرائم الاحتلال ومستعمريه الإرهابيين بحق أبناء شعبنا في الضفة بما فيها القدس، نؤكد أنَّ مصير القطاع مرتبط بمصير الحل السياسي الشامل للقضية الفلسطينية، وأنَّ الضفة الغربية (بما فيها القدس) والقطاع وحدة جغرافيةٌ لا تنفصل.

لا بدَّ من خلق فرص التكافل الاجتماعي والعمل على تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، والعمل على مواجهة تداعيات العدوان ومد يد العون لأهلنا في قطاع غزة من أجل مساعدتهم وإغاثتهم، وخاصة في ظل سياسة التجويع التي تمارسها حكومة الاحتلال.

لقد عملت حكومة التطرف، ومنذ بداية العدوان، على اتباع سياسة الحصار المشدد، حيث منعت إدخال كل مصادر الطاقة والمواد الغذائية وقصفت كل مصادر المياه الصالحة للشرب، واعتمدت، رسمياً، سياسة تجويع المدنيين أسلوباً للحرب في قطاع غزة المحتل، ما يشكل جريمة حرب.

جيش الاحتلال يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمداً المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم. وحرمت دولة الاحتلال منذ أكثر من شهرين سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيدوها، وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.

يواجه أبناء شعبنا في قطاع غزة صعوبات كبيرة وشديدة في تأمين الضروريات الأساسية، حيث لا يتوفر لديهم الطعام، ولا الكهرباء، ولا المياه ولا الإنترنت، وان وجدت تكون نادرة، حيث أصبح الحصول على شربة ماء هدفاً أساسياً للمواطن في ظل ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة، ولا يوجد ما يساعدهم على الصمود ومواجهة تحديات العدوان المتفاقمة.

على قادة المجتمع الدولي العمل على وقف هذه السياسة الخطيرة، ورفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة ذات الآثار المدمرة على سكان غزة، حيث تضاعف حكومة الاحتلال الإسرائيلي عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع كسلاح حرب. إنَّ الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.

ويجب على حكومة الاحتلال أن تتوقف فوراً عن استخدام تجويع المدنيين أسلوباً للحرب، وينبغي على حكومة الاحتلال إعادة توفير المياه والكهرباء، والسماح بدخول الغذاء والمساعدات الطبية والوقود إلى غزة ورفع الحصار عنها، وعلى دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل، طالما يستمر جيشها في ارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم الحرب ضد المدنيين، مع الإفلات من العقاب.

يحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وينص "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" على أن تجويع المدنيين عمداً "بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية" هو جريمة حرب.