بعد تفاقم وطأة الحرب الضارية وأفعالها الحربية الضروس، إذا سئل سائل ما هي صفات أحوال سكان غزة اليوم وسط تواصل هذه الحرب بين كتائب القسام التابعة لحركة حماس وبين دولة إسرائيل بجيشها وأميركا بثقلها الكبير الداعم لها مع معظم الدول الأوروبية وفي مقدمتهم ألمانيا ومن خلفها بريطانيا.
سكان غزة منهكون إلى أقصى درجات الإنهاك الجسدي، فالجسد الغزاوي بشكل خاص أو الفلسطيني بشكل عام يعاني من التأزم الحاد بسبب سوء الأوضاع من حوله بين الوديان الوعرة للقصف الإسرائيلي المتواصل ليل نهار وبين قسوة المداهمات الأرضية للجيش الإسرائيلي للأحياء السكنية وما تسببه من رعب شديد ومخاوف بين السكان المدنيين وخاصة النساء والأطفال والمراهقين وما تخلفه لديهم من رهاب وفوبيا مجهولة المصدر.
علاوة على تأثير البرد القارص في هذه الأيام على الأجساد التي لا يوجد لديها ما تستر بها حالها من البرودة، والتي أخذ منها الأسى والتعب أي أمل بحل لهذه المعضلة التي أفرزها تصميم إسرائيل وعزمها على القضاء على حركة حماس، لذلك فهي تقصف قطاع غزة بشكل متواصل، وتشنّ هجوماً برياً عليه منذ 27 تشرين الأول (أكتوبر) دون أن تصل إلى أهدافها المعلنة وغيرها لصلابة المقاومة الفلسطينية وعنادها الشرس.
هذه الأوضاع الكارثية حذّرت وزارة الصحة في غزة في بيان منها ومن "مخاطر المجاعة والجفاف الذي يصيب 1,9 مليون نازح ومشرد يفتقدون للمأوى المناسب والماء والطعام والدواء والأمان".
علاوة على الصفة الكالحة للحالة النفسية المضطربة للغزاويين، والمتأتية من كآبة الأوضاع المتردية أو من الوضع النفسي المنهار جراء الشعور باليأس والإحباط المتكالب عليهم من كل حدب وصوب بالمجهول من أضرار وكوارث الحرب المستمرة منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وكذلك من القنوط المفرط في غياب أي افق لحل سلمي يفضي إلى إيقاف إاطلاق النار يزود الناس بالأمان رغم هول ما فقدوا ومآسي ما أضاعوا.
وخلاصة القول كيف يكون حال سكان غزة الجسدي والنفسي مع استمرار فقدان الأحبة والأهل والأصدقاء والمعارف والأقارب ومع فقدان الأمان والأمن؟ ثم نكرر السؤال لنقول: كيف يكون الوضع الجسدي والحالة النفسية لمن يعيش بشكل متواصل تحت ظل مسببات المخاوف والرعب والهلع التالية:
- النازحون والمهجرون أكثر من مليون.
- الدمار والخراب في كل مكان وفي كل زاوية.
- اشتباكات ضارية وعنيفة ومستمرة في غزة والضفة الغربية والقدس الشريف بين فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وبين الجيش الإسرائيلي.
- رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يٌلمِّح ويهدد بحرب طويلة الأمد.
كان الله في عونكم يا أهل فلسطين حتى يفرِّج عنكم هذه الغُمَّة بعد أن تخلى عنكم الأخ قبل الصديق، الأخ الذي فتح طرقاً برية لنقل البضائع إلى إسرائيل بعد أن أثَّرت هجمات الحوثيين الصاروخية وضربات سلاح الجو الحوثي المسير على السفن التجارية في البحر الأحمر ومنعتها من الوصول الى الموانئ الإسرائيلية.
ولكن هذا لم يفت في عضد المقاومة الفلسطينية في مقاومة الباطل، ولم يوهن في عزيمتها على انتزاع حقوقها المسلوبة من عدوها الديني والتاريخي والجغرافي، ولم يؤثر في مثابرتها الدائمة حتى الوصول إلى النصر المؤزر.
أقولها بأعلى صوتي إنَّ الحالة الجسدية والنفسية للفلسطينيين بشكل عام، رغم المآسي، تناطح الجبال الشم وتفتت الصخور الصمَّ الصلاب وفوق التحديات مهما بلغ عتوُّها وجبروتها.
إنَّهم شعب تعود على التضحيات، وألف التصدي للصدمات وامتصاص زخمها والخروج منها بانتصار مؤزر يبهر الصديق ويحزن العدو ويقضُّ أحلام العرب والمسلمين الصهاينة.
التعليقات