نشرت قناة "العربية" مقابلة مع زوجتي أبي بكر البغدادي الأولى والثالثة، وابنته، وقبلها بسنوات مع مساعديه. وقد أعدت مشاهدة المقابلة مع زوجته الأولى، أو من كانت تسمى في السابق أم المؤمنين... ولأهمية المعلومات التي لدى هذه المرأة الداعشية الأولى، يجب أن تكون هناك حلقات أخرى لتبيان وجهها الحقيقي وليس الغطاء المزيف حيث النفاق ومحاولة إظهار البراءة، وزعم عدم معرفتها بالمجازر، ومحاولتها النأي بالنفس عن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عن العديد من قرارات التنظيم، خصوصاً المتعلقة بالنساء وجرائم السبايا الأيزيديات وعمليات الاتجار بأطفالهن.

في جميع الأعراف والقيم الإنسانية ومن بينها الإسلامية، للزوجة مكانتها، ودورها كزوجة لا يستهان به في مسيرة الزوج، وبدون أن نتعمق فيما تعرفه هذه المرأة وما فعلته، وهو من واجب المختصين بمسيرة داعش، اكتفي برأيي التالي فيها بعجالة:

1 - امرأه مثقفة وذكية، لكنها خبيثة تعلم الكثير وشاهدت أكثر مما ذكرت، وسلطتها كانت تتجاوز الأمور العائلية إلى إدارة جانب واسع من أمور التنظيم، بل ولقدرتها على النفاق، استطاعت أن تعرض القشور وتغطي اللب. لديها الكثير من التفاصيل، والمطلوب من الدول المعنية بالأمر، وخصوصاً التي تأذت من مجازر التنظيم الإرهابي وجرائم زوجها، أن تُعرض إلى تحقيقات واسعة من قبل المختصين، وألا تُترك مع السمات التي عرضتها من على شاشة "العربية".

2 - بالنسبة إلى اتهامها الضابط الكوردي بالرشوة، بالرغم من عدم ابتعاده ولأسباب، يجب التأكد من الزعم قبل تصديقه.

3 - أما عن المهدي المنتظر (وهي قناعة تعتمد على الأحاديث المترددة، وبدون سند من النص، مفهوم مستورد من المسيحية، لسنا بصدد هذه الجدلية والتي على الأغلب ظهرت وانتشرت بعد الخلافة الراشدية) فعرضت هذه القناعة بذكاء، فبينت حنكتها ومعرفتها، ومحاولة إظهار داعش إنها كانت منظمة تسودها الجهالة وهي لم تكن مقتنعة بها، أي أن تظهر خلافها من على عتبات هذه الفكرة، لتبرئة ذاتها من المسيرة الداعشية الذهنية ومن ثم عملياتها وجرائمها، وإلا لماذا طرحت هذه الفكرة؟

4 - التجائها إلى تركيا، وبتلك الطريقة، وفشل التنظيم ثلاث مرات، في الوقت الذي كانت حدود تركيا مشرعة لدخول وخروج الآلاف من أعضاء التنظيم وتجارته، وما سبقها من حيثيات، وحيث إرسال البعض من العائلة وزوجتين وإعادة البقية، وغيرها، خدعة واضحة ما بين التنظيم والمخابرات التركية، للتمويه على الدول المعنية، وخصوصاً دول التحالف، وإدراك حيثياته في المستقبل.

هي خدعة لتبرئة الذات من خلال التبرئة غير المباشرة للسلطة التركية، بل دعم لسلطة أردوغان الإستراتيجي للتنظيم، وإلا فمن شبه المستحيل ألا تعلم المخابرات التركية بأن عائلة البغدادي لاجئة في تركيا، وجميع دول العالم تبحث عنه وعن كل قريب منه، وتركيا كانت ولا تزال تطلع على تاريخ كل مهاجر سوري إليها!

إقرأ أيضاً: موقف الرئيس الأميركي القادم من القضية الكوردية

كيف حصلت على الإقامة والسكن؟ الفبركة بهذه الطريقة الساذجة للتغطية على عملية اللجوء والحصانة والحماية التركية، وثيقة دامغة على الدور التركي الواسع في تدمير سوريا والذي لربما قد يكون على مستوى جرائم بشار الأسد ونظامه، وهو من كان يتحكم بتوجيه المنظمة إلى المنطقة الكوردية حصراً، حتى ويمكن إدانة السلطة التركية باشتراكها غير المباشر في عملية السبايا، خصوصاً إذا ربطناها بالصفقة التي تمت بين التنظيم وأعضاء القنصلية التركية الذين سلموا إلى دولتهم بدون أن يتم المساس بهم. وبالتأكيد لزوجة زعيم التنظيم علم بكل هذه المجريات ولا يستبعد أن يكون لها دور مهم في عملية تسليم أعضاء القنصلية مقابل مرور النساء الأجانب، وقد كانت حينها الزوجة الوحيدة والتنظيم كان في بداياته وهي على دراية بكل الحيثيات.

5 - كانت تساهم في عمل شبكات مرور الآلاف من الأجانب عن طريق مطارات تركيا، واللجوء إلى تركيا يكذب سلطة أردوغان ويمثل تغطية غير مباشرة على الدعم التركي المباشر للتنظيم. ويجب على الدول الكبرى والإقليمية التحقيق معها لتثبت الدور التركي، وبها يجب إدانة تركيا بتورطها في المجازر والكوارث التي ارتكبها التنظيم.

إقرأ أيضاً: من يقود طرفي الحراك الكوردي في غرب كوردستان

6 - نافقت وبخبث، وبشهادة من ذكرت أسماءهن، حول تعاملها البشع مع الأيزيديات، وعدم معرفتها بما كان زوجها وقادة المنظمة يقومون به من الجرائم بحق الأيزيديات خصوصاً الأطفال ما دون العاشرة.

قناة "العربية" فتحت الباب ثانية، ويجب على الدول والمنظمات العالمية الإنسانية، أن تقتحمه بنفس الهمة التي كانت تحارب بها التنظيم أثناء طغيانه، وتحاكم هذه الزوجة كقيادية داعشية مسؤولة عن كل الجرائم، والمجازر، وقضايا السبي، وغيرها. فتركها وزوجاته الأخريات وكل من كان حول البغدادي والعدناني وغيرهم، بدون عقوبة جريمة بحق الإنسانية، وشعوب المنطقة عامة، وبشكل خاص بحق الأيزيديين.