تعرف الغاية بأنها مجموعة من الأهداف المخطط لها مسبقاً والتي يسعى الفرد لتحقيقها والوصول إليها، وهذه الأهداف يمكن أن تكون أهدافاً شخصية تخص الشخص نفسه، أو أهدافاً مؤسسية تخص شركة ما ينتمي إليها أو مؤسسة كبيرة تضع لنفسها خططاً مستقبلية تهدف لتحقيقها.

ولعل الغاية في العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد كانت مجتمعة لذات الأهداف التي انطلقت من مؤتمر المعارضة العراقية في كل من نيويورك عام 1999 وما سبقها في مؤتمرات النمسا وأربيل وصولاً الى مؤتمر لندن عام 2002، والذي ثَبَت أسس الديمقراطية في العراق القادم الجديد، ووضع نقاطه الاثنين والعشرين كأساس لدستور سيصوت عليه في ما بعد من قبل الشعب ليكون وثيقة شرف، تقتضي إلزاماً أن تنصف الجميع، وأقصد بالجميع هنا الشعب العراقي أولاً، الذي دفع ثمن حكم الدكتاتورية دماً من خلال سلطة حكم دامت ما يقارب الثلاثين عاماً، وأقحمته في حروب، لتسلم فيما بعد سلطتها إلى المجهول، وهي تواجه أميركا بشعب قتله الحصار، وبصواريخ وأسلحة كيمياوية استنفدتها في قتل الكورد قبل ذلك في الانفال وحلبجة عام 1988.

دعوني أنتقي خلاصة اجتماع لندن بالاستناد على النقطة الثانية من الاثنين والعشرين والتي تؤكد، ومن خلال الحضور، بأن مستقبل العراق والديمقراطية سيكون على النحو الآتي: العراق دولة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية (لكل العراقيين) وانطلاقاً من اعتماد مفهوم إنساني وحضاري للمواطنة في العراق قائم على أساس عدم التمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو المذهب، يؤكد المؤتمر ضرورة وضع دستور دائم للبلاد يراعى فيه تركيبة الشعب العراقي ويفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويلتزم بمبدأ سيادة القانون ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة ويحترم مؤسسات المجتمع المدني.

إذن، كانت الفكرة من طرح بناء عراق ديمقراطي جديد غاية وطموحاً وأهدافاً قبل أن تكون وسيلة، تعيد لنا فيما بعد الفكر (الشوفيني) بلغة الفرض والأغلبية، وتجعل من المكونات الأساس أقلية، ومن الكورد انفصاليين بعد العصاة اتهاماً في زمن الدكتاتورية، من خلال لغة القوانين الشوفينية التي تتيح لها التفسير والإقرار لتستثني بقراراتها كل الأعراف التي بني على أساسها العراق الديمقراطي الجديد، تذكيراً بالنقطة الثانية والتي أزعم أنها كونت شكلية العراق الديمقراطي على أقل تقدير من دون الدخول في لعبة متاهات التفسير!

عشرون عاماً، وها نحن ندخل العام الجديد بعد العشرين، وما زلنا نخوض غمار التجربة ذاتها. ومن تلك التجربة، ما زلنا نتسائل هل أن قبول الشراكة في العراق الديمقراطي الجديد أقحمنا في شرك التفسير؟ أم أن العقلية الحاكمة في البلاد تعيد استنساخ أعراف سلطات الأمس لتتخذ ذات الأيديولوجيات مواقعها مع ظاهرية تغير الحكام والأحكام وشكلية السلطات!