التأمل في الأوضاع الجارية داخل إيران يؤكد أنه صار من الصعب، بل حتى من المستحيل، على النظام الإيراني أن يتمكن من إعطاء انطباع إيجابي عنها، بعد أن أصبحت المعلومات الصادمة الواردة في التقارير المتعلقة بما يجري في إيران شغلاً شاغلاً لوسائل الإعلام العالمية. إذ إن النظام، خاصة خلال عهد مسعود بزشكيان، كثف من استخدام عمليات الإعدام المتتالية بهدف السيطرة على السخط الداخلي ومنع الانتفاضات المحتملة.

من الواضح أن النظام، الذي سعى بصورة أو بأخرى لإعطاء انطباع بأن عهد بزشكيان سيكون عهداً مميزاً وسيتم خلاله تحقيق الكثير من الإنجازات التي لم تُنفذ خلال عهود الرؤساء السابقين، أثبتت حصيلة 100 يوم من توليه الحكم كذب وخواء تلك المزاعم. والأدهى أن المئة يوم المذكورة من حكمه "الاعتدالي" المزعوم شهدت تنفيذ 440 عملية إعدام، بما يتجاوز حصيلة نفس الفترة من حكم سلفه "المتشدد" إبراهيم رئيسي. وهذا يدل على أن ليس هناك أي اعتدال أو إصلاح في هذا النظام، وإنما هناك نهج لا يتمكن أي رئيس من تجاوزه أو تخطيه. وهذا ما يؤكده زعيم المقاومة الإيرانية، مسعود رجوي، بأن "الإصلاحي والمحافظ وجهان لعملة واحدة".

الجهود والمساعي المحمومة التي يبذلها النظام خلال الأشهر الأخيرة لتجميل وجهه القبيح أمام العالم والعمل باتجاه إقناع المجتمع الدولي بمسالمته ونواياه الحسنة في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم، لا تتفق أبداً مع ما فعله ويفعله على أرض الواقع. إذ أنَّ هناك تناقضاً كبيراً جداً بين الأمرين، ولا سيما أنَّ تمادي النظام في تنفيذ أحكام الإعدام وصل إلى حد أن بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حذرت الحكومة الإيرانية من الزيادة الحادة في حالات الإعدام، ودعت إلى وقفها بشكل فوريّ.

إقرأ أيضاً: البديل الديمقراطي أم بديل مختلق ومشبوه؟

الازدياد المضطرد في حدة الاحتجاجات الشعبية، وخاصة خلال المئة يوم الأولى لتولي بزشكيان الحكم، يرافقه أيضاً ازدياد غير عادي في نشاطات وحدات الانتفاضة إلى الحد الذي نفذت فيه خلال الأيام المنصرمة وبمناسبة الذكرى السنوية لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 حوالى مئة عملية ثورية في مختلف أرجاء إيران. وقد أضرمت وحدات الانتفاضة النار في 30 مركزاً قمعياً تابعاً للنظام الإيراني في 20 مدينة إيرانية. ولا ريب أنَّ النظام، ومهما حاول، فإن النجاح لا يحالفه في إقناع العالم بنواياه الحسنة داخل وخارج إيران.

إقرأ أيضاً: انفجار الأوضاع في إيران يحتاج إلى شرارة فقط

من الواضح أن الشعب الإيراني والمجتمع الدولي برمته قد فقدا الثقة بهذا النظام، ويرونه عاملاً سلبياً للإخلال بالأمن والسلام في المنطقة والعالم. والملاحظة الملفتة للنظر هنا هي أنه وللمرة الأولى يدور حديث في الأوساط السياسية والفكرية والإعلامية الدولية عن إسقاط النظام باعتباره أسلوباً وحيداً للتعامل معه.