ما يحدث في شمال قطاع غزة ومخيم النصيرات لا يمكن أن يتصوره عقل بشري ويشكل كارثة بحق الإنسانية ويعد شاهداً على الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وأن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال مؤخراً في بيت لاهيا ومخيم النصيرات باستخدام براميل متفجرة وأسفرت عن استشهاد أكثر من 90 مواطناً هي جريمة حرب. تأتي تلك المجازر في ظل ترجمة سلطات الاحتلال الإسرائيلي الدعم الأميركي العسكري والمالي والسياسي المتواصل على شكل مجازر إبادة جماعية يذهب ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء كما حدث في بيت لاهيا وغيرها من مدن قطاع غزة، بالإضافة إلى مواصلة الاعتداءات على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وإرهاب المستعمرين.

قصف إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مدرسة أبو عاصي التابعة لوكالة "الأونروا" في مخيم الشاطئ بمدينة غزة، ومنزلاً في بيت لاهيا في قطاع غزة، يشكل خرقاً فاضحاً لقواعد القانون الدولي، وخاصة اتفاقية "جنيف" بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، وإمعاناً في الاستهداف الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين.

لا يمكن استمرار صمت المجتمع الدولي أمام مواصلة إسرائيل انتهاكاتها للقانون الدولي، ما يعكس غياب رد دولي فاعل يلجم حكومة الاحتلال ويجبرها على احترام القانون الدولي ووقف عدوانها على غزة وما يخلفه من قتل ودمار وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن استمرار هذا العدوان الدموي كونها حمت الاحتلال ووفرت لسلطات الاحتلال الغطاء السياسي على المستوى الدولي للإفلات من العقاب وتحدي قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق فتوى محكمة لاهاي بوقف العدوان وإنهاء الاحتلال.

إقرأ أيضاً: الموقف الدولي ومواجهة حظر عمل "الأونروا"

بات من الضروري أن تراجع الإدارة الأميركية مواقفها ولا يمكن استمرارها في سياستها العدوانية. يجب أن تعمل على إجبار سلطات الاحتلال على وقف عدوانه وجرائم الإبادة الجماعية والخضوع لقرارات الشرعية الدولية، وأبرزها القرار 2735 الداعي لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإدخال المساعدات لقطاع غزة وضمان حماية المدنيين والمنشآت الحيوية التي تقدم الخدمات الأساسية والمرافق الإنسانية ومراكز الإيواء بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وإلا، فإن دوامة العنف وعدم الاستقرار ستزداد، ما يهدد بحرق المنطقة بأكملها ولن ينعم أحد بالأمن والاستقرار.

التقاعس الدولي وإهمال ما يجري وعدم اتخاذ مواقف لوقف تلك المجازر يعتبر ضوءاً أخضر لحكومة الاحتلال المجرمة للاستمرار في جرائمها. انحياز الإدارة الأميركية وتسخير إمكانياتها العسكرية والسياسية والأمنية لدعم الاحتلال ونفيها ارتكاب عمليات إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري دليل على شراكة هذه الإدارة في انتهاك القوانين الإنسانية والقانون الدولي.

إقرأ أيضاً: حرب الإبادة ووعد بلفور المشؤوم

يجب على المجتمع الدولي ومجلس الأمن التدخل لوقف المجازر وعمليات التطهير العرقي والحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على شمال قطاع غزة وإنقاذ أكثر من 60 ألف مواطن يتعرضون لإبادة جماعية في تلك المناطق. يجب على مجلس الأمن ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته وإلزام إسرائيل بوقف عدوانها على غزة وانتهاكاتها المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومحاسبة المسؤولين عنها.

حان الوقت للتحرك من قبل بريطانيا والدول الكبرى والمنظمات الدولية وأهمية العمل من أجل وضع حد للحرب التي تستهدف غزة ولبنان، ووجوب إيقاف الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال وتسببها بوقوع آلاف الضحايا، بجانب ما يمثله استمرار الحرب من خطر على أمن واستقرار المنطقة والعالم.