نعم، لقد انتصر أبطال القسام والسرايا وشهداء الأقصى وأبو علي مصطفى وعمر القاسم وجهاد جبريل وعبد القادر الحسيني والألوية والأنصار والمجاهدين والعاصفة وأيمن جودة، ومعهم حزب الله وأنصار الله وحشد الله وآيات الله وكل الأحرار على وجه الأرض… نعم، لقد انتصروا حين:
• حطموا مشروع تسكين الشرق الأوسط وشطب القضية الفلسطينية للأبد. ولا بد أن نذكر ما قاله زعيم العصابة بنيامين نتنياهو بعد تشكيل حكومة العصابة هذه من أنه ذاهب للتوقيع على اتفاقيات سلام مع كل العرب وسيترك الفلسطينيين يستجدونه، وها هو يستجدي راكعاً على رمال غزة التي رواها دم يحيى السنوار ورفاقه.
• حين انفض العالم من حوله، وجابت جهات الأرض أصوات البشرية صادحة باسم فلسطين وقضيتها.
• حين سقط جدار السامية الذي ظل مقدساً عند كثير من الشعوب إلى أن جاءت جريمتهم ففضحتهم غزة.
• حين لم يتمكنوا من إخضاع حماس ولا القضاء عليها، لا سلطوياً ولا عسكرياً، ولم يتمكنوا من استعادة أسراهم بالقوة، ومشهد تسليم الأسيرات الثلاث يرسم صورة المنتصر، حين تقابلها صورة نتنياهو لا يدري ما يقول على الهاتف سوى أنه يوم صعب وقاسٍ.
• حين بكى أعضاء المجلس الوزاري المصغر وهم يوقعون على إقرار صفقة التبادل.
• حين خرج بن غفير مهزوماً من حكومة العصابة.
• حين صرخ عديد من الكتّاب والمحللين والقادة العسكريين والساسة بأنهم هزموا، وأن غزة انتصرت. حتى "صاحب خطة الجنرالات" صرخ قائلاً إنهم هزموا.
• حين سقطت حكاية ديمقراطيتهم.
• حين تكشفت أمراضهم المسكوت عنها كحكاية خدمة الجيش ورفض الحريديم حتى لدولتهم، وتفضيل الموت على الخدمة في الجيش.
• حين صاروا مطاردين لمحاكم العالم الذي كان يحميهم.
• حين اضطرت أميركا وعصابتها لحمايتهم من هجوم إيران واليمن.
• حين استنفر العالم من الخارج والداخل ضد حزب الله، وبقي شامخاً لينتصر بلبنان لا عليه.
• حين لم يستطيعوا إعادة المغتصبين إلى مغتصباتهم في شمال فلسطين المحتلة حتى بعد وقف الحرب على لبنان.
• حين تحولت معركة الوعي من هجومهم على وعينا إلى هجومنا على وعيهم.
• حين صار طوفان الأقصى جزءاً من معركة كونية تسعى الولايات المتحدة لفرضها على العالم كي يصبح خانعاً لها، فرسمت غزة وشقيقاتها قاعدة جديدة للصراع الكوني.
• حين استعدنا كوبا وإيرلندا وجنوب أفريقيا وتشيلي وغيرهم.
• حين صارت السعودية ومصر أقوى أمامهم، وصاروا بحاجة إليهما علناً ويرجون ودهما، وصارت القاهرة والدوحة وعمان والرياض قبلة الولايات المتحدة.
• حين صارت قطر ومصر أهم وسيطين في الكون.
• حين أجبرت الولايات المتحدة على العودة لاستخدام كذبة الدولتين.
• حين خرج من أوساطهم من يكتب ويصرح أن الحل مع الشعب الفلسطيني لن يكون عسكرياً، ولا يمكن إخضاع مثل هذا الشعب بالقوة.
• حين كتبوا وأعلنوا قناعاتهم التي صنعها صمود غزة وبطولة الضفة وأخواتهن أن الشعب الفلسطيني لن ينهزم. وبعد أن كانوا ينتظرون استجداءنا لهم، انقلب السحر على الساحر.
• حين انضمت إلى نيران غزة صواريخ ومسيرات بيروت وصنعاء وبغداد وطهران.
• حين رفع العالم جميعاً، أصدقاء وأعداء، قبعاته لغزة.
• حين انحنى الشرفاء في كل جهات الأرض خجلاً أمام أبشع مقتلة بشرية عبر التاريخ ومطحنة حجر عرفتها الأرض.
• حين خرج الغزيون يلملمون أشلاء أطفالهم وحجارة بيوتهم ويهللون للنصر رغم كل شيء.
• حين صار الركام في غزة غابات للقتال ومطاردة الأعداء.
• حين لم تتمكن كل مخابرات الدنيا وأقمار وأجهزة تجسس أميركا وبريطانيا وغيرهم، وطوال ستة أشهر، من معرفة موقع معتقلات الأسرى إلى أن أرادت القسام.
• حين صارت حرب الإبادة في شمال القطاع محرقة لجنودهم وآلياتهم، وبدلاً من الإبادة والتطهير العرقي وجدوا أنفسهم يقاتلون رجالاً لا يرونهم.
• حين صار كل بيت هدموه لغماً ينفجر في جنودهم.
• حين رفع الشهيد السنوار ما تبقى من جسده وألقى عليهم ما تبقى من عصاه.
إقرأ أيضاً: أيها الصامتون انتظروا دوركم
فقط لا تفعلوا شيئاً أيها الجالسون على الجدار، فخيانة النصر أبشع الخيانات إطلاقاً، حين تخذل نفسك وأهلك وتتنازل عن نصرهم الذي بات نصرك. فمن عادة الأمم الحية أن تنتصر بمن ينتصر، لا أن تنتصر عليه بإفشاله على قاعدة "إما أنا أو الطوفان". فالطوفان لا يذهب بالمنتصر الحي، فهو سيبقى خالداً، وإنما يذهب دوماً بالجالسين على الجدار مطأطئي الرأس ينتظرون رضى أعدائهم.
فقط لا تخونوا نصرهم، وتعالوا إلى حيث دعوكم وشاركوهم نصرهم. فحرب النصر أطول بكثير، والانتصار بالنصر أصعب من النصر ذاته. فلا زال أمامنا حروب طويلة، فانصروا معهم الحرب الأولى بالإعلان عن إقامة وحدة وطنية حقيقية تحت سقف برنامج وطني سياسي كفاحي واحد وموحد لكل الشعب وقواه، حتى يمكننا الارتكاز عليه وخوض حروب النصر معاً.
إقرأ أيضاً: هل لا يزال الانتصار ممكنًا؟
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى طوال أكثر من قرن، أي منذ وعد بلفور، مطالبون نحن، وللمرة الأولى، أن نستثمر نصر أبطال شعبنا وشلالات دم أطفالنا وأشلائهم وركام بيوتنا، وأن نستثمر بطولات أولئك الذين حموا بدمهم حياتنا. وإن لم نفعل ذلك معاً، فإننا حتماً سنخون هذا النصر العظيم، وحينها سنكون قد نحرنا قضيتنا بأيدينا وسنصاب بلعنة الانتحار الذاتي إلى يوم الدين.
التعليقات