شهدت مرحلة الذهاب من الدوري الجزائري التي انتهت رسميا يوم السبت المنصرم مجزرة بشعة في حق المدربين لم يسلم منها لا الأطر المحلية و لا الأجانببعدما أقدم 11 ناد على تغيير المدرب مرة واحدة على الأقل منذ انطلاق الموسم في شهر أيلول ليصل عددهم إلى 14 ما بين مقال و مستقيلليكون الموسم الحالي أكثر المواسم استهلاكا للمدربين لدرجة أحدثت انقلابا في الخريطة التقنية للدوري و وحدها أندية الحراش و مولودية وهران و اولمبيك الشلف و شبيبة بجاية و سعيدة حافظت على أطقمها الفنية و هي بصدد جني ثمار استقرارها حيث تحتل مراتب متقدمة.

و رغم أن تطبيق الاحتراف لا يمنع من استقالة أو إقالة أي مدرب إلا أن المتتبعين كانوا يراهنون عليه للوصول إلى حد أدنى من الاستقرار الفني لما له من انعكاسات ايجابية على أداء اللاعبين إلا أن تفاقم الظاهر يؤكد أن رؤساء الأندية الجزائرية تبقى تحن إلى زمن الهواية و أن انتقالها إلى الاحتراف يتطلب وقتا أطول لتبقى معها العلاقة بين المدرب و النادي تقتصر على شخص الرئيس و تتحكم فيها المزاجية .

أما الحديث عن أسباب تغيير المدرب فهو ذو شجون فالرؤساء يشتركون في تبريراتهم و المتمثلة في سوء النتائج قبل أن يتأكد الجميع أنها مجرد ذرائع واهية تندرج ضمن سياسة الهروب إلى الأمام التي يلجئون إليها حفاظا على مناصبهم و امتيازاتهم بدليل أن نتائج العديد من الفرق ازدادت سوءا بعد التغيير كما أن الظاهرة لم تساهم في إفراز أسماء جديدة في واقع التدريب في الجزائر و كل ما يحصل هو مجرد عملية تدوير للمدربين بين الأندية مما يجعل سلبياتها أكثر من مزاياها فإلقاء نظرة بسيطة نجد أن اغلب المدربين سبق لهم أن تجرعوا مرارة الإقالة أكثر من مرة في المواسم القليلة الأخيرة .

و بقيت عدة فرق تعيش تبعات هذه الظاهرة حيث يلجا بعض المدربين ممن يحوزون على عقود بنودها واضحة إلى الاتحاد المحلي أو الدولي لتحصيل مستحقاتهم المالية بالطرق القانونية في وقت عجزت الأندية على حماية مصالحها في هذا السياق نظرا لجهلها باللوائح.

و الجديد هذا الموسم هو تغيير المدرب عشية انطلاق الدوري و هو ما أقدم عليه شباب بلوزداد الذي أقال محمد حنكوش و استبدله بالأرجنتيني أنجال قاموندي و ودادا تلمسان الذي دفع بفؤاد بوعلي إلى رمي المنشفة ساعات قبيل مباراته الأولى بحجة عدم امتلاكه إجازة التدريب التي يشترطها الاتحاد و لم يكن بديله سوى حنكوش الذي لم يصمد في عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011 سوى جولات سجل خلالها الوداد أسوء النتائج التي جعلته يقبع أسفل الترتيب و مهدد بالهبوط منذ البداية وضعية فرضت على إدارته الاستعانة بابن الدار المخضرم عبد القادر عمراني المستقيل من اتحاد عنابة.

من جهته شبيبة القبائل الذي ظل لسنوات يضرب به المثل في الحفاظ على استقرار عارضته التقنية خرج عن الاستثناء و انتهج القاعدة و بات يغير هو الآخر يغير كل موسم فبعد قصة حب رائعة عاشها مع التقني السويسري ألان غيغر خاصة في مسابقة دوري أبطال إفريقيا حيث بلغ مربعها الذهبي لكنها لم تنهي بالارتباط الأبدي بعدما فضل كل طرف البحث عما هو أفضل فوجد غيغر ضالته في نادي المصري البورسعيدي الذي أغراه بعقد خرافي و وجدت إدارة الشبيبة ما تصبو إليه في المدرب المغترب رشيد بلحوث الذي أنهى هو أيضا التزاماته مع اولمبيك باجة التونسي.

و تبقى اغرب قصة هي تلك التي عاشها وفاق سطيف مع المدرب المغترب والمثير للجدل نور الدين زكري الذي حقق معه أبناء عين الفوارة نتائج جيدة محليا و دوليا حيث توج معه بكاس شمال إفريقيا و كأس الجزائر و وصيف بطل الدوري ثم سوبر شمال إفريقيا إلا أن الحرب الكلامية التي اندلعت بينه و بين رئيس النادي عبد الحكيم سرار كان لا بد لها أن تطيح بأحدهما و لان المدرب هو الطرف الأضعف فكان على زكري أن يرحل و يترك مكانه لمساعده الايطالي جيوفاني سوليناس في خطوة بدت و كان سرار أراد أن يعاقب زكري بطريقته الخاصة للتقليل من شانه و بعد أسابيع من تعيينه و رغم تسجيله نتائج جيدة فضل سوليناس الاستقالة مباشرة بعد نيل زملاء فوزي شاوشي كاس جديدة لشمال إفريقيا متذرعا بظروف عائلته المقيمة في ايطاليا في حين رأى آخرون ان سوليناس لم يشأ أن يعيش سيناريو زكري فاستقال قبل أن يقال باهانة نظرا لمعرفته الجيدة بطريقة معاملة سرار للمدربين و هي الطريقة التي جعلت الكثير من المدربين يترددون في قبول عرضه رغم إغراءاته المادية المميزة فتعاقد مع الايطالي المغمور جيوفاني دي لا كاسا.

أما حامل اللقب مولودية العاصمة فكان مجبرا على التغير بعدما تدهورت نتائجه و أداءه لدرجة أصبح يصارع على البقاء بدلا من التنافس للحفاظ على تاجه فضحى بالفرنسي ألان ميشال و لم تجهد إدارة العميد نفسها في البحث عن خليفته فتعاقدت بسرعة مع زكري الذي لطالما حلم بتدريب عميد أندية الجزائر خاصة أن راتبه الشهري سيكون اقل من الخواجة الفرنسي. أما غريمه اتحاد العاصمة فيبدو أن رئيسه الجديد رجل الأعمال علي حداد يسعى لإزالة آثار سلفه سعيد عليق فاستغل فرصة الخروج المبكر من مسابقة الكأس ليطيح بنور الدين سعدي و استقدام احد أفضل المدربين الأجانب في إفريقيا ممثلا في الفرنسي هيرفي رونارد لكن الأخيرلم يتمكن بعد من تحقيق النتائج التي يصبو إليها محبي الاتحاد.

و استعان جمعية الخروب بزهير جلول الذي كان الذراع الأيمن لرابح سعدان على رأس الجهاز الفني للخضر في مونديال جنوب إفريقيا الأخير في أول تجربة له على هذا المستوى خلفا لمحمد تبيب .

و عاد عبد الكريم بيرة إلى التدريب في الدوري المحلي بعد سنوات من الانقطاع عبر بوابة مولودية العلمة خلفا للمغترب مالك في حين حل عبد القادر يعيش مكان مغترب آخر هو عساس في اتحاد البليدة .

أما أسرع استقالة فكان بطلها الفرنسي لاديسلاو لوزانو مع أهلي البرج الذي حل محل كمال مواسة إذ لم يشرف عليه سوى في مباراة واحدة أمام تلمسان و بعد خسارته بخماسية رحل مشككا في نزاهة بعض اللاعبين الذين تواطئوا حسبه مع رئيس الفريق للإطاحة به .