البرت اينشتاين

استبعد العلماء الذين سبق لهم اكتشاف أن هناك جسيمات تحت ذرية تتحرك بشكل أسرع من الضوء أن يكون هناك مصدر خطأ واحد محتمل في القياسات التي قاموا بها، وذلك بعد أن أكملوا نسخة ثانية مضبوطة لتجربتهم التي أجروها مؤخراً في هذا الصدد.

وقد أكدت تلك النتائج التي توصلوا إليها قياساتهم السابقة التي تحدثت عن أن جسيمات نيوترينو، التي أرسلت عن طريق الأرض من سيرن بالقرب من جنيف إلى مختبر غران ساسو في إيطاليا على بعد 450 ميل (720 كيلو متر)، يبدو أنها تحركت بسرعة أكبر من سرعة الضوء، وفقاً لما أفادت به صحيفة الغارديان البريطانية.

وقد أثيرت حالة كبيرة من الجدل في أوساط العلماء خلال شهر أيلول- سبتمبر الماضي، عندما تم الإعلان عن أن تلك الجسيمات قد تثبت خطأ نظرية النسبية الخاصة للعالم ألبيرت اينشتاين، التي تعد واحدة من أبرز قوانين الفيزياء على مر العصور.

وحقيقة الأمر أن هذا الجدل العلمي الكبير لم ينجم فحسب عن اللغط الذي أثير حول نظرية اينشتاين، وإنما لأن هذا الكشف جاء ليفتح الباب أمام الإمكانية المقلقة المتعلقة بالقدرة على إرسال المعلومات إلى الماضي، ومن ثم طمس الخط الفاصل بين الماضي والمستقبل، والعيث فساداً في المبدأ الأساسي المتعلق بالسبب والنتيجة.

وأعرب عالم الفيزياء والمذيع التلفزيوني البروفيسور جيم الخليلي، من جامعة سري، عن حالة الشك التي تهيمن على كثيرين في المجال، بقوله quot;إذا ثبتت صحة النتائج وقامت جسيمات نيوترينو بكسر سرعة الضوء، سأتناول سروالي على شاشة التلفزيونquot;.

هذا وقد تعامل العلماء، أصحاب هذا الكشف الجديد المثير، مع مصدر الخطأ المحتمل الذي سبق وأن تحدث عنه علماء آخرون فيما يخص أن نبضات تلك الجسيمات التي أرسلت من سيرن كانت طويلة نسبية ( حوالي 10 ميكروثانية للنبضة الواحدة ) وهو ما رؤوا أنه يزيد من فرص حدوث أخطاء عند قياس وقت الوصول المحدد للجسيمات في مختبر غران ساسو. وهو ما عالجوه في أحدث تجاربهم، وتمكنوا نتيجة لذلك من حساب وقت وصول جسيمات نيوترينو بصورة أكثر دقة.

وفي توضيح له على مدونته، حين بدأت تلك التجربة الأخيرة الشهر الماضي، قال مات ستراسلر، أخصائي الفيزياء النظرية في جامعة روتغرز، إن النبضات القصيرة للجسيمات التي أرسلت من سيرن إلى غران ساسو ستغني عن الحاجة لقياس طول ومدة الشعاع.

وأضاف: quot;ولست بحاجة كذلك إلى قياس آلاف الجسيمات من أجل إنتاج شكل النبضة، ومن ثم الحصول على الحواف الرائدة الزائدة بشكل صحيح؛ بل تحتاج فقط لعدد صغير ndash; ربما يكون حتى 10 أو ما شابه ndash; لفحص توقيت هذا العدد المحدود من النبضاتquot;.

فيما قال داريو أوتيرو، من المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية quot; مع هذا النوع الجديد من الأشعة الذي تنتجه المسرعات في سيرن، تمكنا من قياس زمن رحلة الجسيمات واحدة بواحدة بصورة دقيقةquot;.

وتابع حديثه في السياق ذاته موضحاً quot;رغم النتائج التي تم التوصل إليها مؤخراً، فإن الشذوذ الذي تم تسجيل أن حركته أسرع من الضوء في جسيمات نيوترينو أثناء إرسالها من سيرن إلى غران ساسو بحاجة لمزيد من التمحيص والاختبارات المستقلة قبل دحضها أو تأكيدها بشكل قاطع.

وختمت الصحيفة حديثها بنقلها عن جاك مارتينو، مدير المعهد الوطني للفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات بالمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، قوله إن البحث عن أخطاء لم ينته بعد، مشدداً على ضرورة إجراء مزيد من عمليات الفحص مستقبلاً.