لم تتمكن وحدات الهندسة التابعة للجيش السوري النظامي من تفكيك الكم الهائل من الألغام التي زرعها "جهاديو" تنظيم داعش في تدمر، فتم اللجوء إلى خبراء الألغام الروس لمساعدتهم على التخلص من هذا العبء.



تدمر:&على بعد خطوات عدة من المواقع الاثرية في مدينة تدمر في وسط سوريا، ينهمك خبراء روس متخصصون في نزع الالغام بتفجير العبوات والمفخخات التي زرعها تنظيم داعش قبل ان يتمكن الجيش من طرده منذ نحو اسبوعين.

ويمشط الخبراء الذين يرتدون سترات واقية ويستخدمون اجهزة كاشفة للمعادن، بتأن ودقة الرمال المحيطة بآثار تدمر المدرجة على لائحة التراث العالمي الانساني، بحثا عن الالغام والعبوات.&

ويخرق دوي لغم تم تفكيكه وتفجيره على بعد نحو كيلومتر الهدوء الذي تشهده المدينة بعدما كانت قبل ايام ساحة حرب بين الجهاديين والجيش السوري الذي شن هجوما بمساندة جوية روسية انتهى بطرد التنظيم المتطرف في 27 اذار/مارس.

ويقول رئيس الفريق الروسي الى تدمر الكسي مكارنكو لوكالة فرانس برس على هامش زيارة لمجموعة من الصحافيين نظمتها وزارة الدفاع الروسية "نزع الالغام مهمة شاقة في اي مكان، وهمي الاساسي هو الحفاظ على سلامة رجالي".

ويضيف فيما عناصر فريقه منهمكون بالتنظيف "لكن بالطبع في مكان مثل هذا، تشعر بمسؤولية مضاعفة".

ومني تنظيم الدولة الاسلامية بخسارة ميدانية كبرى بعد استعادة الجيش السوري سيطرته على المدينة وآثارها التي يعود تاريخ بنائها الى اكثر من الفي عام، في تقدم هو الابرز منذ بدء روسيا ابرز حلفاء االنظام السوري حملة جوية مساندة للجيش في 30 ايلول/سبتمبر الماضي، في خطوة انتقدتها دول الغرب والفصائل المعارضة.

واثار استيلاء التنظيم المتطرف على المدينة في ايار/مايو 2015 وتنفيذه اعدامات جماعية في المعبد الروماني العائد للقرن الثاني، تنديدا في العالم اجمع. ويمكن لموسكو ان تتباهى بانتصار كبير تمثل بطرد الجهاديين من تدمر، واصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اثره أوامر بإرسال فريق متخصص في نزع الالغام الى المدينة.

"جحيم" للجيش السوري

وبعد نحو يومين على بدء عمله حول الاعمدة الرومانية في تدمر الممتدة على مساحة 234 هكتارا، انهى الفريق الروسي الذي يضم نحو مئة خبير وعامل، تنظيف عشرين هكتارا.

ويشير رئيس الفريق الروسي الى العثور في المواقع الاثرية على قذائف وقنابل يدوية اكثر من العثور على عبوات محلية الصنع، مقدرا الحاجة الى شهر لتنظيف المنطقة بأكملها، لا سيما ان ارتفاع درجات الحرارة في البادية السورية يجعل العملية أكثر صعوبة.

ويضيف "أغمي على خبيرين من الفريق بسبب الحرارة".

وفي المدينة السكنية المجاورة حيث كان يقيم نحو سبعين الف شخص قبل هجوم التنظيم في ايار/مايو الماضي، يبدو واضحا ان الجهاديين امضوا وقتا طويلا في نصب الكمائن للقوات المهاجمة.&

وتنتشر على احدى الطرق الرئيسية المؤدية الى المدينة حفر استخرج منها الخبراء الروس عبوات او فجروها بداخلها حيث كانت مخبأة تحت طبقة حديثة من الاسفلت.

ويعرض خبير في نزع الالغام يعرف عن نفسه باسم الرائد كريفونوغوف بعض العبوات التي قال انه تم العثور عليها داخل منازل المدنيين، كقنبلة موصولة بزر الانارة او حبل مخفي مربوط بقنبلة يدوية.

ويقول المتحدث العسكري الروسي الجنرال ايغور كوناشينكوف "لدى هؤلاء الاشخاص خلفية عسكرية ويعرفون جيدا ماذا يفعلون"، مرجحا ان يكون لديهم "مصنع للعبوات الناسفة هنا".

ويضيف "ارادوا خلق جحيم للجيش السوري لدى وصوله وهذا يعني ان هناك الكثير من العمل الذي ينتظر رجالنا".

اعادة التأهيل

وتحتاج المدينة بدورها الى ورشة اعادة تأهيل بعدما بقيت تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية لاكثر من عشرة اشهر، وشهدت معارك عنيفة قبل سيطرة الجيش السوري عليها، ما دفع عشرات الآلاف من سكانها الى النزوح والفرار.

واطلقت السلطات المحلية قبل يومين ورشة صيانة للبنى التحتية والمرافق الخدماتية تمهيدا لعودة السكان الى منازلهم. ويتسلق عمال يضعون خوذا صفراء اللون على اعمدة الكهرباء في محاولة لوصل الخطوط المقطوعة.

ويقول محافظ حمص طلال البرازي "باتت تدمر خالية كليا من داعش ونحن حاليا في مرحلة تحريرها من الالغام بمساعدة اصدقائنا الروس".

ويوضح "خلال الايام القليلة الماضية بدأنا بإعادة تأهيل البنى التحتية في المدينة كإمدادات المياه للسماح للسكان بالعودة" الى منازلهم.

وفي المدينة القديمة، ينتظر الخبراء في مجال الآثار انهاء الفريق الروسي مهمة ازالة الألغام من المواقع الأثرية.

ويقول مدير المتاحف في وزارة الثقافة السورية احمد ديب "لدينا مشكلة وحيدة وهي انه ليس بإمكاننا الوصول الى المدافن البرجية بسبب العدد الكبير من الالغام"، مضيفا "ننتظر الحصول على الضوء الاخضر حتى نتمكن من تقييم مدى الضرر الحاصل".

ولدى سؤاله عن الموعد المحتمل لعودة السياح الى المدينة الاثرية الذائعة الصيت، يجيب ديب "اتمنى لو بإمكانهم ان يأتوا غدا، لكن ذلك سيستغرق وقتا طويلا".

وقبل اندلاع النزاع السوري في منتصف آذار/مارس 2011، كان حوالى 150 الف سائح يقصدون تدمر سنويا لمشاهدة آثارها التي دمر تنظيم الدولة الاسلامية العديد منها وخصوصا معبدي بعل شمين وبل.